في وقت توقع فيه مراقبون استمرار انخفاض أسعار النفط في السوق العالمية في الأجل المنظور؛ أكد هؤلاء أن الأردن سوف يستفيد من هذا التراجع.
وأبدى الخبير في شؤون النفط لهب عطا عبد الوهاب تفاؤله إزاء تراجع أسعار النفط عالميا، مرجحا استمرار التراجع حتى نهاية العام الحالي على الأقل. وقال عبدالوهاب إن "الأردن باعتباره يعتمد على الاستيراد سيكون مستفيدا جدا من هذا التراجع الذي سيظهر في انخفاض كلف مستوردات الوقود في نشراته الشهرية إضافة إلى تراجع عجز ميزان المدفوعات والميزان التجاري، يعزز ذلك تحول الأردن إلى الاعتماد على الغاز المستورد في توليد الكهرباء".
وتراجع العجز التجاري للمملكة خلال النصف الأول من العام أيضا ، بنسبة تقارب 18.6 % ليسجل نحو 4.2 مليار دينار مقارنه مع عجز قيمته نحو 5.2 مليار دينار وفقا لدائرة الاحصاءات العامة.
وأرجع عبدالوهاب اسباب التراجع في أسعارالنفط إلى الثورة التي أحدثها انتاج الوقود الصخري في الولايات المتحدة وتقليل اعتمادها على الواردات النفطية من الخليج ، إضافة إلى الانتاج الكبير من النفط العراقي الذي وصل إلى نحو 4 ملايين برميل يوميا وهو مستوى لم يبلغ من عقد السبعينيات.
كما لعب الاتفاق النووي الإيراني دورا في هذا التراجع نتيجة عودة إيران إلى السوق العالمية وبواقع 500 ألف إلى 600 ألف برميل يوميا بعد رفع العقوبات عنها ما سيزيد من المعروض في السوق العالمية في تراجع الطلب، إضافة إلى تراجع الناتج المحلي للصين إلى اقل من 7.5 % بدلا من 10 % الامر الذي يتبعة تراجع في الطلب لديها في وقت كانت تعد فيه ثاني أكبر مستهلك للنفط بعد الولايات المتحدة.
ويرى عبدالوهاب ان فريقا يرجع هذا التراجع إلى حرب خفية تقودها السعودية لضرب الانتاج الإيراني والروسي.
وانخفضت فاتورة المملكة من النفط الخام ومشتقاته خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 47.1 % عن الفترة ذاتها من العام الماضي وفقا لدائرة الاحصاءات العامة حيث بلغت قيمتها نحو 1.2 مليار مقارنة مع نحو 2.3 مليار دينار خلال ذات فترة المقارنة من العام الماضي.
إلى ذلك؛ بدأت المملكة بالاعتماد على الغازالطبيعي المستورد عن طريق العقبة لتوليد ما يزيد على 85 % من حاجتها من الكهرباء حيث تستهلك محطات توليد الكهرباء نحو 350 مليون قدم مكعب يوميا ، فيما كانت تعتمد قبل دخول هذا الغاز أواخر أيار (مايو) الماضي بشكل كلي على الوقود المستورد في توليد الكهرباء.
هذا الأمر أدى إلى فائض في الوقود الذي كانت تستورده مصفاة البترول سابقا ما دفع الحكومة إلى دراسة الآليات المناسبة لاعادة تصدير هذا الفائض.
من جهته، قال المحلل الاقتصادي مازن ارشيد " من الجيد ان تواصل أسعارالنفط عالميا تراجعها بما يحقق مكاسب للدول المستوردة ، لكن دون أن تضر بمصالح الدول المصدرة خصوصا دول الخليج العربي التي يعتمد عليها الأردن من حيث المنح والمساعدات، والاستثمارات الكبيرة لهذه الدول في المملكة والتي قد تتأثر من تراجع عوائدها من النفط".
وبين ارشيد أن استمرار تراجع الأسعار عالميا يعتمد على البيانات الدورية التي تقدمها الدول الكبرى مثل الصين أو البيانات المتعلقة بمخزون الولايات المتحدة.
محليا؛ قال ارشيد إن "الأسعار في السوق المحلية يجب ان تلحق بالمستوى العالمي وفقا لما تتضمنه معادلة تسعير المشتقات النفطية كما أن هذا التراجع لايجب أن يقتصر على المشتقات بل يجب أن يشمل كافة السلع والخدمات التي تعتمد على الوقود بشكل مباشر أو غير مباشر".
وعلى صعيد آخر، شدد ارشيد على أهمية ان لايؤثر هذا التراجع في أسعار الطاقة على عزيمة تنفيذ مشاريع الطاقة البديلة مثل الطاقة المتجددة والصخر الزيتي ان سوق النفط متقلبة وقد يرتد هذا التراجع مستقبلا إلى ارتفاع كبير في الأسعار.
هذا الأمر ايده استاذ الطاقة ومدير المشاريع الأوروبية في الجامعة الأردنية د.أحمد السلايمة الذي توقع ان يؤثر انخفاض أسعار الوقود التقليدي على وتيرة تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة إلى حد ما خصوصا من قبل القطاع الخاص باعتبار أن المستهلكين يبحثون دائما عن البديل الأقل كلفة.
إلا أن التجارب السابقة من حيث تقلبات سوق الطاقة تدعو إلى الالتزام باستراتيجية تنفيذ هذه المشاريع رغم التراجع الحالي في أسعار النفط وفقا للسلايمة الذي دعا الحكومة إلى اغتنام هذه الفرصة الذهبية لتعويض الخسائر المتركمة جراء الارتفاع الكبير السابق في كلف الطاقة، والاستفادة من فروقات الأسعار التي تنتج عن الضريبة العالية على بعض الاصناف كتحوط يتم اللجوء إليه في حال عودة الأسعار مستقبلا إلى الارتفاع.
وأنهت عقود الخام الأميركي يوم الجمعة لأقرب استحقاق جلسة التداول منخفضة 1.29 دولار أو ما يعادل 2.8 % لتسجل عند التسوية 44.63 دولار للبرميل فيما تراجعت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت 75 سنتا أو 1.5 % لتبلغ عند التسوية 48.59 دولار للبرميل.
وانضم جولدمان ساكس إلى قائمة طويلة من البنوك التي خفضت توقعاتها لأسعار النفط إذ قلص توقعاته لمتوسط أسعار الخام الأميركي في 2016 إلى 45 دولارا للبرميل من 57 دولارا في تقديراته السابقة وخام برنت إلى 49.50 دولار إنخفاضا من 62 دولارا.
وقال جولدمان ساكس إن أسعار الخام قد تواصل الانخفاض لتقترب من 20 دولارا للبرميل بسبب "ضغوط مرتبطة بعمليات التشغيل" قال إنها تشكل خطرا نزوليا متناميا على توقعاته.
أرسل تعليقك