نظم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة ندوة حول "تداعيات انخفاض أسعار النفط على الدول المصدرة" .
وتحدث في الندوة كل من السيد عبد الله بن حمد العطية وزير الطاقة والصناعة السابق مؤسس مؤسسة عبدالله بن حمد العطية للطاقة والتنمية المستدامة والسيد عبدالمجيد عطار وزير الري الجزائري السابق والرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية الجزائرية سابقا والسيد عصام الجلبي وزير النفط العراقي السابق والسيد خالد الخاطر مدير إدارة البحوث والسياسة النقدية بمصرف قطر المركزي إلى جانب عدد من الخبراء والاقتصاديين.
وخلال الندوة نبّه الخبراء والمحللون إلى التأثيرات السلبية المحتملة على الدول المصدرة للنفط في حال استمرار تراجع أسعار النفط لفترة تطول إلى ما بعد 2016.
وأكد المشاركون أن أسعار النفط ستظل تعرف دورات ارتفاع وانخفاض وأن على الدول المصدرة أن تستوعب ذلك وترسي أسس تنويع حقيقي لاقتصاداتها حتى لا تظل مرتهنة لإيرادات النفط التي تمثل حاليا ما بين 85 و95% من إيرادات موازنات الدول العربية العضوة في أوبك.
كما ناقشت الندوة العوامل المتحكمة في أسعار النفط على اعتبار أن فهما أفضل للعوامل المحددة للأسعار يساهم في تعزيز قدرة الدول المصدرة على المناورة من أجل الحفاظ على مستويات ملائمة للأسعار وكذلك توقع اتجاهاتها والاستعداد لأي تغيرات فيها.وأشار بعض المشاركين في الندوة إلى أن عوامل العرض والطلب الخالصة ليست وحدها المتدخلة في تحديد الأسعار كما أن مستويات العرض والطلب في حد ذاتها تخضع لعوامل جيوسياسية مثل ضمان تأمين الإمدادات من بعض المناطق التي تشهد اضطرابات.
ورأى سعادة السيد عبد الله بن حمد العطية أنه من المجحف دعوة الأوبك كل مرة إلى خفض إنتاجها والتنازل عن حصصها فيما لا يبذل المنتجون من خارج المنظمة أي جهد في الحفاظ على مستويات مقبولة من الأسعار بل ويرفضون التنسيق مع أوبك في ذلك.
من جهته، أوضح الخبير الدولي في الطاقة ممدوح سلامة وهو استشاري لدى البنك الدولي في واشنطن أن الارتفاع الكبير في أسعار النفط خلال السنوات الماضية جعل الاستثمار المكلف في إنتاج النفوط غير التقليدية مجديا اقتصاديا فبدأت ثورة حقيقية في التوسع في إنتاجه في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 2012 ولكن مستويات إنتاجه لم تظهر تأثيراتها في الأسعار سوى في النصف الثاني من عام 2014.
وأضاف أن هذا التزايد في إنتاج النفط الصخري جعل الولايات المتحدة تبلغ مستويات غير مسبوقة من الإنتاج في حدود 8.5 مليون برميل يوميا من 6 ملايين برميل في 2012 وخفض استيرادها للنفط الخارجي. وأشار إلى قرار أوبك بالحفاظ على مستويات الإنتاج والذي أدى إلى زيادة وتيرة تراجع أسعار النفط لتفقد 57% من مستوياتها إلى حدود 40 دولارا للبرميل.
من ناحيته، قال محمد الشطي الخبير في شؤون النفط ومدير مكتب الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية إن عوامل عديدة تفنّد طرح "العامل السياسي" في دفع أسعار النفط إلى التراجع وذكر منها أن قرار أوبك اتخذ بإجماع جميع الأعضاء وأنه جاء بعد دراسات وتحليل بعدم جدوى الاستمرار بخفض الإنتاج كما أن أحد أكبر الخاسرين من القرار هو صناعة النفط الصخري الأمريكي.
وأضاف الشطي أن فحصا لتجارب سابقة لتراجع أسعار النفط يشير إلى أن الوضع الذي بلغته السوق في منتصف 2014 يشابه الوضع الذي ساد في عام 1985 إذ تسببت الأسعار المرتفعة في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات في تشجيع استثمارات كبيرة في إنتاج نفط بحر الشمال عالي الكلفة فأغرقت السوق وتراجعت الأسعار وهذا مشابه لحالة النفط الصخري في المرحلة الحالية. وتباينت آراء الخبراء المشاركين في الندوة فيما يخص توقعات توجه أسعار النفط في المدى القصير على الرغم من توافقهم بأن المرحلة الحالية هي دورة من دورات الأسعار ارتفاعا ونزولا والتي بدأتها أسعار النفط منذ سبعينيات القرن الماضي.
ويرى ممدوح سلامة أن أسعار النفط ستباشر مسار التعافي مع نهاية عام 2015 وستحقق مكاسب في العام 2016 لتصل حدود 70-80 دولارا للبرميل قبل أن تسترجع كامل ما خسرته في عام 2017 وذلك لأن الاقتصاد العالمي لن يستطيع تحمل أسعار نفط متراجعة جدا إذ ستتلاشى الآثار الإيجابية لذلك على اقتصادات الدول المستهلكة بسرعة لأن ما يترتب عن الأسعار المنخفضة من تقليصات في استثمارات إنتاج النفط والصناعات المرتبطة به.
من جانبه رأى السيد خالد الخاطر مدير إدارة البحوث والسياسة النقدية بمصرف قطر المركزي أن استمرار الزيادة في العرض والضعف في الطلب سيمنع الأسعار من معاودة الارتفاع لفترة تطول من الزمن.
أرسل تعليقك