توقَّع أربعة متعاملين ومصادر بصناعة النفط، أن تتمكَّن إيران في أسرع وقت، من تصدير ملايين البراميل من النفط الذي استخرجته وخزَّنته؛ إذا توصَّلت إلى اتفاق مع الولايات المتحدة على برنامجها النووي، وهي تعمل على نقل النفط استعداداً لاستئناف طرحه في السوق في نهاية المطاف.
وبدأت الولايات المتحدة وإيران، منتصف يونيو جولتهما السادسة من المباحثات المباشرة لإحياء الاتفاق النووي المبرم في 2015 الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب في 2018، وأعاد فرض عقوبات على قطاع الطاقة الإيراني، مما دفع شركات التكرير في دول عديدة لتجنُّب النفط الخام الإيراني، وأجبر طهران على تقليص إنتاجها إلى أقل كثيراً من قدرتها الإنتاجية، إلا أنَّ المفاوضات توقَّفت أمس الأحد بعد فوز القاضي المتشدِّد إبراهيم رئيسي في انتخابات الرئاسة الإيرانية.
صهاريج تخزين النفط
قال مسؤولون في وزارة النفط الإيرانية، إنَّ إيران تعتزم زيادة الإنتاج إلى 3.8 مليون برميل يومياً من 2.1 مليون برميل يومياً، إذا توصَّلت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والحكومة الإيرانية إلى اتفاق، وهو ما سيعيد ذلك إنتاج إيران إلى مستواه قبل فرض العقوبات، لكنَّه سيستغرق وقتاً بسبب انخفاض مستوى الاستثمار على مدار سنوات في حقول النفط الناضجة، وتقلُّص الإنتاج بشدَّة في ظلِّ العقوبات.
من جانبها توقَّعت شركات لاستشارات الطاقة ومتابعة الأسواق أن تعمد شركة النفط الوطنية الإيرانية- كإجراء مؤقت في حين تعمل على زيادة الإنتاج- إلى التصدير من صهاريج تخزين النفط براً وبحراً، التي تحوي ما يصل إلى 200 مليون برميل، وربما يسمح ذلك لها بتصدير مليون برميل يومياً إضافياً، أي حوالي 1% من الإمدادات العالمية لمدة تتجاوز ستة أشهر.
إيمان ناصري العضو المنتدب لمنطقة الشرق الأوسط بشركة "إف.جي.إي" الاستشارية تقول: "إيران ستستخدم مخزون النفط الخام البالغ قرابة 60 مليون برميل، منها ما بين 30 و35 مليون برميل تكوَّنت خلال العامين الأخيرين، وذلك في غضون بضعة أشهر من رفع العقوبات".
إنَّ طرح مليون برميل يومياً إضافية من الخام الإيراني سيفرض ضغوطاً على أسعار النفط العالمية القياسية، غير أنَّ بنك الاستثمار "غولدمان ساكس" قال الشهر الماضي، إنَّ سوق النفط العالمية قادرة على استيعاب المعروض الإضافي بسرعة نسبياً.
الطلب على الوقود
ويشهد الطلب على الوقود ارتفاعاً مع تعافي النشاط الاقتصادي العالمي من تداعيات جائحة كوفيد-19، ويتوخى منتجو "أوبك" وحلفاؤهم الحذر فيما يتعلَّق بزيادة المعروض لأسباب منها؛ تجنُّب إصابة السوق بصدمة إذا عاد الإنتاج الإيراني.
قال فلوريان ثالر الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة "أويلكس" الاستشارية "من منظور كلي، من المنتظر ألا تؤدي عودة النفط الإيراني إلى السوق إلى إفساد نوايا مجموعة "أوبك+" لزيادة الإنتاج تدريجياً ما دام الطلب يواصل الانتعاش في أوروبا والولايات المتحدة".
مخزونات عائمة
في الأشهر الأخيرة عمدت إيران إلى زيادة حجم الخام الذي تخزِّنه في الناقلات النفطية، وفقاً لبيانات شركة "كبلر" لمعلومات السوق، في خطوة ربما تكون استعداداً لاستئناف الصادرات، وبعض هذه الناقلات موجودة بالفعل في آسيا، التي تعدُّ تاريخياً أكبر سوق للنفط الإيراني.
قال هومايون فلكشاهي المحلل النفطي في "كبلر": "نُقدِّر في الوقت الحالي أنَّ حوالي 78 مليون برميل من النفط الخام، والمكثفات مخزَّنة بحراً بالمقارنة مع 41 مليون برميل في الفترة نفسها من العام الماضي، هناك عدد كبير من الناقلات راسية بالفعل بالقرب من أسواق شرق آسيا، ولذا فهي مسألة أيام".
وأكَّد مصدران بقطاع الشحن البحري أنَّ ناقلات تحوي نحو 8 ملايين برميل من النفط الإيراني، والمكثفات موجودة في المياه قبالة ساحل سنغافورة لنقل النفط عند الضرورة.
وقال متعامل صيني كبير، إنَّ إيران قلَّصت الصادرات إلى الصين في شهري إبريل ومايو، وضخَّت كميات أكبر في مخزوناتها؛ ربما بهدف البيع بسعر أعلى عندما تُرفع العقوبات.
وفقاً لتقديرات شركات "إف.جي.إي"، و"آي.اتش.إس ماركت"، و"أويل إكس" تدور كميات النفط الإيراني في المخزون العائم بين 50 و60 مليون برميل، وقالت شركتا "إف.جي.إي"، و"آي.اتش.إس"، إنَّ أغلب المخزون النفطي الإيراني العائم من المكثفات التي تعدُّ مادةً خاماً مفضَّلة لدى مصانع البتروكيماويات في الصين، وكوريا الجنوبية، والإمارات.
تقدِّر "إف.جي.إي إن" أنَّ لدى إيران مخزوناً من النفط يبلغ حوالي 120 مليون برميل من الخام والمشتقات مخزَّنة براً، حوالي ثلثها في منشآت تخزين خارجية موجودة في الصين أساساً، فيما قال مصدران تجاريان غربيان، إنَّ مساحات تخزين بين 20 و30 مليون برميل متاحة بتلك المنطقة من الصين مخصَّصة للنفط الإيراني.
وصرَّح متعامل صيني مطَّلع أنَّ عدداً يعدُّ على أصابع اليد الواحدة من الشركات أغلبها شركات صينية خاصة دخلت السوق خلال العامين الأخيرين عمدت إلى تأجير مساحات تخزين براً في إقليم شاندونج الشرقي - مركز مصافي التكرير المستقلة في الصين - وفي إقليم لياونينج بالشمال الشرقي، وقدَّر المتعامل أنَّ 13 مليون برميل من مساحات التخزين مخصَّصة لتخزين النفط الإيراني.
الاستعداد للعودة
توقُّعاً للتوصل إلى اتفاق في الأسابيع أو الأشهر المقبلة، تعمل شعبة التسويق في شركة النفط الوطنية الإيرانية على التواصل مع زبائنها القدامى، وقد أجرت شركة تكرير أوروبية واحدة على الأقل مناقشات متعمقة مع الشركة الإيرانية بخصوص استئناف المشتريات. وتقول شركات تكرير هندية، إنَّها تعتزم تقليل مشترياتها من السوق الفورية لإفساح المجال أمام تعاقدات إيرانية.
وقال فلكشاهي، إنَّ من المتوقَّع أن تبدي شركات صينية، وهندية، وشركات أوروبية مستهلكة، مثل: "ساراس"، و"إيني"، و"ريبسول" اهتماماً بالنفط الإيراني.
يبدي مسؤولون إيرانيون تفاؤلهم أنَّ بإمكانهم زيادة الإنتاج بسرعة. وقال مسؤول كبير بوزارة النفط الإيرانية في وقت سابق من الشهر الجاري، إنَّه يمكن استعادة أغلب الإنتاج خلال شهر. ويتوقَّع مراقبون أن يستغرق ذلك وقتاً أطول قليلاً.
وقالت سارا وخشوري، رئيسة شركة "إس.في.بي إنرجي انترناشونال": "نتوقَّع بالفعل عودة ما بين 500 و700 ألف برميل يومياً في غضون ثلاثة أشهر من رفع العقوبات، وما بين مليون و1.2 مليون برميل يومياً إجمالاً خلال ستة أشهر إلى 12 شهراً من رفع العقوبات".
قد يهمك ايضا
السعودية تجدد الدعوة لإيران بالانخراط في المفاوضات الجارية وتفادي التصعيد
مجلس الوزراء السعودي يوافق على نظام التبرع بالأعضاء البشرية
أرسل تعليقك