بكين ـ أ.ش.أ
كشف خبراء صينيون أن الطلب الصيني المنخفض والإنتاج العربي الوافر سيساهمان في تفادي الارتفاع الحاد لسعر النفط الخام الدولي الذي ازداد بشكل مستمر في الفترة الأخيرة من جراء الأزمة الأوكرانية التي تسببت في توتر العلاقات الروسية - الأمريكية .
وقد تفاقمت العلاقات بين روسيا والدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة جراء الأزمة الأوكرانية ما يثير مخاوف في سوق النفط الدولي بشأن احتمال نقص العرض ، وبذلك ارتفع سعر خام النفط في السوق الدولي على نحو مطرد في الأيام القليلة الماضية ليتذبذب عند مائة دولار أمريكي للبرميل الواحد.
وفي هذا السياق ، قال لي تشو ليه المحلل الصيني في شركة سيفكو للمعاملات الآجلة في شانغهاي ، إن اهتمام سوق النفط الدولي يتركز في ما إذا كانت العلاقات المتوترة بين روسيا وأوكرانيا ستتدهور إلى اشتباك واسع النطاق ، حيث يعتبر ذلك هو العامل الرئيسي الذي سيقود اتجاه سعر النفط في الفترة المقبلة ، والآن يسود السوق الدولي قلق من أن تدفع نتيجة استفتاء القرم روسيا إلى حافة العقوبات الاقتصادية أو الحرب.
وأضاف تشن دونغ الباحث بشركة باوتشنغ للمعاملات الآجلة ، أن هناك احتمالا ضئيلا بشأن اندلاع حرب بين الشرق والغرب، لكن من المرجح أن تأتي عقوبات متبادلة بين الطرفين ، إذ تفرض الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى عقوبات مالية على روسيا فيما تفرض روسيا عقوبات طاقة على الغرب .. مشيرا إلى أنه في يوم 14 مارس الجاري ، أعلنت الولايات المتحدة عن نيبتها في سحب خمسة ملايين برميل نفط خام من الاحتياطي الاستراتيجي حيث اعتقدت الوسائط الخارجية أن تلك تجربة مسبقة لحرب الطاقة التي قد تشنها الولايات المتحدة رغم أنها نفت أن هذه الخطوة غير مستهدفة لروسيا.
وفي هذا الشأن ، قالت بان هاي بينغ المحللة الصينية في مجال السلع البترولية ، إن الولايات المتحدة تهدف من خلال سحب احتياطي النفط الاستراتيجي إلى التعامل مع مخاطر ارتفاع حاد في سعر النفط الدولي قد ينتج عن تدهور الأزمة الأوكرانية ، فيما رأى المحلل الصيني تشن دونغ أن سعر النفط الخام الدولي يعيش ضعفا موسميا حاليا ، مشيرا إلى أن وضع الطلب والعرض في السوق الدولي يؤثر سلبا في ارتفاع النفط الخام.
وأوضح تشن ذلك أن تراجع نمو الاقتصاد الصيني يقلل الثقة في زيادة طلب النفط الخام في السوق الدولي ، بينما سيؤدي عرض الدول المنتجة للنفط بما فيها العراق والسعودية إلى تعزيز التوقعات بوفرة النفط الخام ، وأنه من ناحية الصين ، سجلت مؤشرات الصناعة والاستثمار والاستهلاك في الفترة من يناير إلى فبراير بالعام الجاري أدنى مستوى لها في السنوات الأخيرة وكانت أدنى من توقعات السوق بكثير، حيث أنه طبقا لأحصاءات فأن الاستهلاك الظاهري الصيني للنفط انخفض بنسبة 3.1% على أساس سنوي ليصل إلى نحو 9.98 مليون برميل يوميا في الفترة ذاتها.
وعلى صعيد متصل ، رأى المحلل لي تشو ليه أن الطلب الصيني ما يزال محل اهتمام سوق النفط الخام الدولي نظرا لأن الصين ستستهلك أغلب الطلب المتزايد في هذا السوق في العامين الجاري والمقبل ، وبذلك سيتسبب هبوط نمو الاقتصاد الصيني في انخفاض طلبها للنفط الخام ما يزيد من احتمال تراجع سعر النفط الخام الدولي .
وعلى الصعيد الدولي ، أفادت البيانات الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية في فبراير الماضي بأن إنتاج النفط العراقي ازداد بما يقدر بـ530 ألف برميل ليصل إلى 3.62 مليون برميل في اليوم مسجلا أعلى مستوى له منذ عام 1979 ، وفي الوقت نفسه ، فاق العرض اليومي المتوسط لأعضاء الأوبك 30 مليون برميل لأول مرة منذ خمسة أشهر ليصل إلى 30.49 مليون برميل.
وتوقعت وكالة الطاقة الدولية أن يزداد الاستهلاك اليومي العالمي للنفط بـ 1.4 مليون برميل ليصل إلى مستوى قياسي يقدر بـ92.7 مليون برميل في العام 2014. ولكن أدى هبوط اقتصاد السوق الناشئ والارتفاع المستمر في احتياطي النفط الخام الأمريكي إلى ضرب ثقة المضاربين عن صعود سعر النفط الخام.
وأوضح تشن دونغ أن صندوق المضاربة الدولي وجد مخاطر هبوط سعر النفط الخام في المستقبل حيث لا يمكن أن يبقى سعر النفط الخام عند مستوى مرتفع بسبب ظروف العرض والطلب للنفط والمخاطر الجيوسياسية.
وعلى ضوء هذا ، يتميز سوق الذهب بجاذبية أكبر مقارنة مع سوق النفط الخام ما يكبح وتيرة ارتفاع سعر النفط ، حيث توقعت المحللة الصينية بان هاي بينغ أن يعود سعر النفط الخام الآجل إلى أساسه في وقت قريب في ظل الأداء الضعيف العام للسلع السائبة الدولية ، وأن نطاق تقلبات سعر النفط الخام سيتسع في الفترة المقبلة القليلة نظرا لإحتمال توتر الوضع الجيوسياسي.
أرسل تعليقك