الجزائر ـ واج
يحن الفنانون القسنطينيون الذي غالبا ما يجتمعون بوسط المدينة على بعد أمتار من الساحة المشهورة +رحبة الصوف+ ل "العود العربي" العتيق أو عود الشرق الجزائري الذي يعود لآلاف السنين.
في هذه المدينة التي تعتبر فيها الموسيقى أحد أفراد العائلة لم تعد هذه الآلة الموسيقية سوى من البقايا التي تعمل الأجيال على نقلها بحب و إجلال. في هذا الشأن صرح السيد بوديدة معمر أحد العازفين على آلة العود بهذا الحي أنه "مع رحيل عدة أساتذة و توجه الفنان القدير أحمد مهدي إلى الخارج في نهاية الثمانينات فان الفنانين الذين يفتقرون للإمكانيات المالية أصبحوا يقومون بتصليح هذه الآلات المصنوعة بالجزائر أو المستوردة من الخارج".
و من جهته صرح كراوطو قدور ابن إحدى أقدم عائلات الفنانين القسنطنيين يقول "إن آلات سهلة الاستعمال و مصنوعة في الخارج عوضت العود القديم الذي تعتبر نوعية صوته مذهلة". و قد صممت هذه الآلة الموسيقية التي اعتبرها المؤرخون عميدة العودين الغربي و الشرقي و التي قامت بإدخالها إلى مدينة سيرتا زوجة أغليد ماسينيسا ليكون امتدادا لروح مؤديها.
كما أشار مطرب المالوف كمال بودة أن " أبعاد هذه الآلة الموسيقية مرهونة بجسامة و طول أصابع الموسيقار" و يتطلب صنع العود القسنطيني خشب " بيغنون" (الأرز) بالنسبة للوحة و المران بالنسبة لصندوق الإيقاع. للعلم فان هذا الخشب الذي تعود أصوله إلى منطقة الاوراس و مؤخرا الدول الاسكندينافية يعرض خلال سنوات حتى يصبح صلبا و مقاوما للمناخ الصحراوي مما يعطيه نوعية صوتية و متانة مميزة و بعدها يشرع في ترويض العود من خلال تمرن الموسيقار عليه و حسب هؤلاء الفنانين فان "صوت العود لن يكون رنانا إلا بعد 15 سنة".
و لا يزال الناس بالمدينة القديمة يتذكرون العازف على العود بلعبجاوي مجدوب الذي بمجرد الانتهاء من صنع العود لم يتردد في تجريب صلابته من خلال العزف عليه. كما أضاف الفنانون أن " هذه الدقة في صنع هذه الآلة أمر مسلم به لأن العازف على العود غالبا ما يكون نجارا و عازفا و مطربا في آن واحد حيث كان الفنان عند نهاية النهار يقضي كل وقته في العزف على هذه الآلة الموسيقية و هو يرتشف قهوة و يتناول سيجارة".
و قد اشتهر فنانون في هذا الطابع أمثال محمود لوادفل و رحماني الهادي و جلول و غيرهم مثلما هو الشأن بالنسبة للآلات الموسيقية التي كان يعزف عليها الشيخ رايموند لعريس و الشيخ بسطانجي.
"روح عصفور مغرد"
تشكل الريشات الأطول و المقاومة أكثر للنسور التي يتم اصطيادها على مستوى الصخرة القديمة (فيو روشي) ريشة صلبة لاستعمال الأوتار الأربع المضاعفة التي يتم العزف بها اثنين باثنين عكس العود الشرقي الذي يحتوي على 6 اوتار. و للعلم فان " العود العربي" الخاص بمنطقة الشرق الجزائري موجود أيضا بكل من تونس و المغرب.
أرسل تعليقك