العود آلة الروح العراقية منذ القدم
آخر تحديث GMT19:37:13
 العرب اليوم -

"العود" آلة الروح العراقية منذ القدم

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - "العود" آلة الروح العراقية منذ القدم

بغداد - العرب اليوم

تعد حرفة صناعة آلة العود في العراق من المهن القديمة التي يعود تاريخها إلى الحضارات الأولى، إلا إن هذه الصناعة آخذت طريقها إلى الاندثار نتيجة أعمال العنف التي تتعرض لها بلاد الرافدين. تعتبر صناعة آلة العود في العراق من الصناعات التراثية التي يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد بمئات السنين،إذ تشير المخطوطات الأثرية التي يعود تاريخها إلى الحضارات الأولى في سومر وبابل وآشور إلى أن الموطن الأصلي لهذه الآلة يعود لـ"بلاد الرافدين"، وأن أشهر من أبدع في صناعة هذه الآلة وأجاد العزف عليها على مر العصور هم العراقيون. أما اليوم، ورغم أهوال "بلاد الرافدين"، فيكافح ما تبقى من حرفيي هذه المهنة، التي باتت مهددة بالاندثار، لربط جسور الحاضر بالماضي والمحافظة على هذا الموروث الشعبي القديم. وسط زقاق ضيق يتوسطه حاجز سمنتي وضعته القوات الأمنية العراقية خلال أحداث العنف التي عصفت بالعراق بعد عام 2003، تقع محلة "جديد حسن باشا"، والتي تمتد بين شارع الرشيد والضفة الشرقية لنهر دجلة، في جانب الرصافة، بقلب العاصمة بغداد. تلك المحلة القديمة التي اشتهرت بصناعة آلة العود منذ ثلاثينات القرن الماضي، حظيت في أزمان مضت بزيارة المع نجوم الفن العربي أمثال وديع الصافي وفريد الأطرش وأم كلثوم وبليغ حمدي فضلاً عن نجوم الفن العراقي، لما للمحلة من شهرة كبيرة اقترنت بهذه الآلة. تراجع وتيرة العمل  عامر علي عواد، أحد صناع آلة العود في شارع جديد حسن باشا ببغداد في السابق كانت سيمفونية المطارق التي تعمل على ربط أجزاء العود والعزف على أوتاره تصدح بين زوايا المحلة القديمة "جديد حسن باشا" بلا انقطاع حتى ساعات المساء المتأخرة، لكنها تراجعت اليوم إلى حد كبير. العمل في هذه المحال ينقسم بحسب مراحل الإنتاج، فهناك من يعمل على كي الخشب وتطويعه، باستخدام الحرارة، معتمدين في ذلك على أجود أنواع الخشب، كخشب الجوز والزان و"السيسم". وهناك من يعمل على ربط أجزائها وصقلها. وبينما يختص الآخرون بتصميم الزخارف التي تُنقش على الآلة، ينشغل الآخرون بربط أوتارها ودوزنتها في المرحلة الأخيرة من تصنيعها. وتستغرق مدة صناعته ما بين 20 إلى 40 يوماً حسب النوع المطلوب. في ورشته المتواضعة المطلة على نهر دجلة والتي تستدل عليها ببساطة بمجرد أن يقودك صوت النغم الصادر عن صانعها،وهو يقوم بربط و دوزنت أوتار ما صنعته يداه من أعود موسيقية، يعمل عامر علي العواد، الذي امتهن صناعة آلة العود على يد أحد العوادين الكبار منذ نعومة أظافره، بمهارة وعناية فائقة لإنعاش هذه الحرفة، التي باتت الآن "تلفظ أنفاسها الأخيرة في بلد يقطع أوصاله العنف". ويعزو عامر في حوار مع دويتشه فيله سبب الهجرة المستمرة من هذه المهنة إلى جملة أسباب تتمثل "بتردي الوضع الأمني الذي انعكس بدورة على قلة السائحين، بالإضافة إلى الحرب التي يتعرض لها الفن بسبب هيمنة الأحزاب الإسلامية، فضلاً عن الإهمال وغياب الدعم الحكومي". ويضيف عامر (51عاماً) بالقول إن السياح كانوا يتسابقون على اقتناء ما صنعته أيدي حرفيي هذا السوق من أعواد جميلة ومطرزة ولا يبالون بأسعارها "لجودتها ولما للعود العراقي من شهرة تاريخية"، على حد وصفه. ويتحسر عامر على الزمن الجميل قائلاً: "لم يعد هناك من يرغب في شراء ما نصنعه من أنواع مختلفة لهذه الآلة على خلفية التطرف والتعصب الديني الذي نعيشه الآن في العراق، مما ساهم في إبعاد الناس عن الفنون والمسرح، وهو الآمر الذي أرغم العديد من أصحاب هذه الورش على هجر المهنة واللجوء إلى مهن أخرى من أجل قوتهم اليومي". أما أسعار آلة العود فتختلف باختلاف نوع الخشب المستخدم والوقت المستغرق في صناعته كما يقول عامر، الذي يضيف أن أسعارها تتراوح ما بين 180 ألف دينار عراقي (نحو 150 دولار أمريكي) و مليون دينار عراقي (نحو 850 دولار أمريكي). توارث المهنة  فن صناعة العود كان رائجا في العراق قبل الحرب ولم يذهب محمد علي العبدلي بعيداً عما قاله عامر، "فقلة السائحين فضلاً عن غياب الدعم الحكومي بالإضافة إلى التطرف الديني سبب في هجرة العديد من الحرفيين لمهنتهم"، مستذكراً حكاية من الزمن الجميل رسمت الابتسامة على وجهه قائلاً: "في السابق كان وضع السوق مختلف تماماً عما هو عليه الآن، فقد كان مزدهراً لساعات متأخرة من الليل برواده من السياح الأجانب والعرب الذين كانوا يتنافسون على شراء محتويات السوق". و يكمل مستطرداً: "لقد حظي هذا السوق بزيارة أروع نجوم الغناء العربي أمثال أم كلثوم ووديع الصافي وفريد الأطرش وبليغ حمدي وغيرهم من الأسماء البارزة في فضاء الفن العربي والعراقي كنصير شمه وقد اقتنوا أعواداً من هذا السوق". وبينما ينشغل العبدلي (42عاماً)، وهو أب لولدين، والذي ورث المهنة عن أبيه، بصقل وتلميع خشب إحدى الآلات التي يعمل على صناعتها، يضيف قائلا: "لم ارغب في أن يتجه أبنائي على خطاي في امتهان هذه المهنة لأنها اليوم لا تدر أي مورد مادي لكل من يعمل بها"، مشيراً إلى"أن غياب الدعم الحكومي للحرف التقليدية واليدوية سبب في اندثار الكثير من الحرف اليدوية والأسواق البغدادية التراثية التي يعود تاريخها إلى مئات السنين". "آلة العراق الحية"  سامي نسيم أحد أستاذة العزف الموسيقي على آلة العود في بغداد و يتحدث سامي نسيم، أستاذ آلة العود في معهد الفنون الموسيقية ببغداد، عن تاريخ هذه الآلة وسبب ارتباطها بالحضارة العراقية قائلاً "هناك الكثير من المخطوطات الأثرية التي يعود تاريخها إلى 2350 ق.م، والتي تحمل دلالات واضحة على أن الموطن الأصل لهذه الآلة في بلاد الرافدين". ويدلل نسيم في حوار مع دويتشه فيله صحة قوله عن انتماء هذه الآلة والحرفة إلى الحضارة العراقية بالقول:"نجد بأن التطور الحاصل في آلة العود على مر العصور الزمنية يكون على أيدي الحرفيين العراقيين". فهناك سلسلة من الأسماء العراقية ألامعة التي اقترنت بهذه الآلة على مر العصور أمثال: النديم وزرياب وإسحاق الموصلي، وصولاً إلى شريف محي الدين ومنير بشير وسلمان شكر، وصولاً إلى الجيل الشاب أمثال نصير شمه ومحمد علي. و هذا دليل قاطع على مقولة إن "آلة العود هي آلة العراق الحية على مر العصور". و ينوه نسيم إلى ضرورة أن تولي الجهات المعنية بالثقافة العراقية اهتماماً كبيراً بمثل هذه الفنون من خلال دعم الحرفيين "لأنه تراث وحضارة متجددة على مر العصور". خدمة DW

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العود آلة الروح العراقية منذ القدم العود آلة الروح العراقية منذ القدم



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية
 العرب اليوم - مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 12:50 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

موسكو تدعو "حماس" إلى الإفراج "الفوري" عن مواطنين روسيين

GMT 12:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

انفجار قوي يهز العاصمة السورية دمشق ويجري التحقق من طبيعته

GMT 13:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب تطرح ميزة “مسودات الرسائل” الجديدة

GMT 13:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 20:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترمب يُعدّ قائمة بمسؤولين في البنتاغون لفصلهم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab