الكاتب عمار حسن نجيب محفوظ هو المعلم الأكبر
آخر تحديث GMT18:16:29
 العرب اليوم -

الكاتب عمار حسن: نجيب محفوظ هو "المعلم الأكبر"

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - الكاتب عمار حسن: نجيب محفوظ هو "المعلم الأكبر"

الكاتب الدكتور عمار علي حسن
القاهرة ـ أ.ش.أ


قال الكاتب الدكتور عمار علي حسن إن نجيب محفوظ وشخصه، هو "المعلم الأكبر" في مسيرة الرواية العربية، الذي تعددت زوايا علاقته بكل القادمين بعده، لتتراوح بين التأثر التام، الذي يصل إلى حد الاقتطاف والتمثل، وبين التمرد عليه وتحديه، أو بمعنى أدق محاولة الخروج من عباءته، بغية التجديد في الشكل والمضمون، مرورا بأنماط متدرجة من التناص، وإذا كان كثيرون قد أوسعوا النص المحفوظي نقدا بحثا عن الجمال والقيم، فإننا لابد أن ننظر كذلك إلى سلوكه ككاتب وكإنسان ونتعلم منه، ونقتدي به.


وأضاف أن نجيب محفوظ كان واحدا من الأمثال الراسخة للانضباط والجد والاجتهاد، فقد وضع لحياته نظاما صارما، لا يحيد عنه، ومد أذرع هذا النظام إلى مختلف مناحي معيشته، سواء في إبداعه الأدبي الغزير والفياض والمتميز، أو في مسيرته العملية المتتابعة، موظفا بوزارة الأوقاف ومشرفا على هيئة الرقابة على المصنفات الفنية، وكاتبا بصحيفة الأهرام، أو حتى في سلوكياته اليومية البسيطة، أو مراعاته لصحته، وترويضه لمرض السكر، الذي يحتاج إلى تصرفات محسوبة، والتزامات دقيقة في كل ما يدخله الإنسان في جوفه من طعام أو شراب.


وقد بلغ محفوظ في هذا، كما يقول د. عمار، حدا عاليا، يصلح أن يقدم للأجيال اللاحقة على حياته، نموذجا يحتذى، ومثلا يقتدى به، فهو كان يعرف قيمة الوقت، وينظر إليه وفق الحكمة ذائعة الصيت التي تقول: "الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك"، ومن ثم فإنه أنجز كما هائلا من الأعمال الروائية والقصصية والحوارية والمقالات والترجمات، رغم أنه كان مضطرا للتوقف عن القراءة والكتابة لمدة ستة أشهر من كل سنة، بسبب مرض الرمد الذي أصاب عينيه، كان يقضيها في التأمل، والتخطيط الذهني لروايته، التي تتسم بمعمار قوي، راسخ الأركان، متماسك المكونات، حافل بلغة جميلة عميقة، ورؤى شاملة.


ويرى د. عمار علي حسن أن نجيب محفوظ كان يؤمن بأن الجهد الفائق هو العمود الفقري للعبقرية، وأن الإبداع "عملية إرادية" ومن هنا كان حريصا على أن يجلس كل يوم ينعم فيه بالإبصار السليم المعافى كي يكتب، إلى الدرجة التي كانت تبدو فيه المنضدة جزءا عزيزا من جسده.
ويضيف أن هذا الحرص جعل صاحب "أولاد حارتنا" يكتب حتى الرمق الأخير، فلما شلت يمينه بعد محاولة اغتياله في عام 1994 راح يدرب يده على الكتابة بحروف مرتعشة، وكأنه طفل حديث عهد بالقلم، حتى تمكن من أن يخط سطورا قصصية جديدة، ثم انتهى إلى الإملاء على سكرتيره الخاص، حتى لا يكف عن الكتابة مهما حصل، ولما انقطعت صلته بتفاصيل المجتمع والناس لضعف سمعه وبصره لجأ إلى رؤى الليل وأحلامه، لينسج منها أقاصيص رائقة عميقة، جمعها في كتابه "أحلام فترة النقاهة".
وأوضح أن نجيب محفوظ كان أشد حرصا على القراءة التي أوصى بأن تكون "بلا حدود وفي أي اتجاه"، فتابع في سنواته الأخيرة بعض الكتابات الأدبية الجديدة، وظل يحرص على الإلمام بما ينتجه بعض الكتاب الصحفيين المفضلين لديه، وكان سكرتيره يقرأ له ما يريد، حتى اليوم الذي دخل فيه المستشفي للمرة الأخيرة.

وقال الكاتب الدكتور عمار علي حسن إن نجيب محفوظ الذي تحل ذكرى رحيله يوم السبت المقبل كان موظفا منضبطا خلال سنوات عمله المديدة في وزارة الأوقاف، فلم يتغيب عن مكتبه إلا لعذر قاهر، ولم يتأخر عن لحظة الحضور الرسمية أبدا، وبلغ في هذا مستوى عجيبا، جعل كثيرين يضبطون ساعاتهم على وصوله. فقد كان يخرج من بيته في حي العجوز في وقت لا يتغير، ثم ينعطف يسارا على كوبري قصر النيل، ليتوغل في وسط القاهرة، حتى يصل مبنى وزارة الأوقاف الكائن بحي باب اللوق في موعده المحدد.
واستطرد قائلا: لم يشعر نجيب محفوظ يوما، على قامته الإبداعية المديدة، أنه فوق الوظيفة، أو أنها قد ضاقت على موهبته الرحيبة، بل أداها بتفان شديد، وإخلاص كبير، وهمة عالية، وكرر السلوك ذاته حين انتقل للعمل في الرقابة على المصنفات الفنية، والكتابة في صحيفة "الأهرام"، فصار مضرب الأمثال في الجد والإخلاص.


وأضاف: أما الانضباط مع المرض فلم يقل عن نظيره مع العمل، فمحفوظ طبق نصيحة طبيبه بدقة، فصاحب مرض السكر، حتى روضه وطوعه تماما، وبلغ في احترام مرضه درجة أغاظت طبيبه نفسه فقال له يوما: "إنني دائما أنصح مرضاي بأن يلتزموا بتعليماتي، أما معك فلأول مرة أجدني أرغب في أن أنصح مريضا بأن يخالفني"..
رحم الله نجيب محفوظ، فقد تعلمنا منه أشياء أخرى، غير تواضعه وتأدبه الجم، وسرده الجميل المنطوي على كثير من القيم والمعاني الإنسانية الكبرى.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكاتب عمار حسن نجيب محفوظ هو المعلم الأكبر الكاتب عمار حسن نجيب محفوظ هو المعلم الأكبر



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:19 2025 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

محمد رمضان يستخدم الذكاء الاصطناعي بسبب "نمبر وان"

GMT 03:37 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

6 قتلى في حادث طيران جديد شرقي أميركا

GMT 10:21 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

حمادة هلال يمازح شياطين مسلسله في رمضان

GMT 12:00 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

مقتل 18 جندياً في باكستان على يد مسلحين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab