عمان - بترا
استعاد عرض مسرحي غنائي "الغريبة" قدمته مساء أمس الثلاثاء على مسرح هاني صنوبر في المركز الثقافي الملكي، فرقة الناصرة القادمة من الناصرة، التراث في منطقة سهل حوران والجليل بمختلف مكوناته باسقاطات الحاضر لاسيما ما يتعلق بالواقع الفلسطيني وما يعيشه من اضطهاد وإقصاء واحتلال غاشم.
واتكأ العرض المسرحي الغنائي المميز والذي جاء ضمن فعاليات موسم حراس الذاكرة السادس الذي تنظمه جمعية الحنونة للثقافة الشعبية، على حكاية من الموروث الشعبي الفلسطيني لفتاة "جفرا" التي يسعى العديد من الغرباء للحظوة بها فيما قلبها معلق بفارس فلسطيني حر مهجر يدعى مروان الجمال ينقل بينهما رسائل الحب والاعجاب "عبيط" القرية وحافظ اسرارها المهمش "زغلول".
ولم يخل العرض الغنائي الذي تميزت فيه بطلة الشخصية بأدائها الغنائي الشجي رولا ميلاد عازر على حساب أدائها التمثيلي، ويحكي عن جفرا من آل كنعان الغريبة بين أهلها وأقاربها وأبناء قريتها لأنها العاشقة الصادقة والمتمردة، من إسقاطات سياسية على الوضع السياسي الفلسطيني العام والمنطقة.
والعرض الغنائي المسرحي الذي لم يخل من الرمز في اسقاط فلسطين على جفرا والشاهد وكاشف الزيف والخيانة "زغلول" فيما تمثل العدو المحتل بشخصية "المختار"، لاقى اعجاب وتقدير الجمهور الكبير، تميزت لوحاته ومشاهده الثرية بتنويعاتها بين الاداء التمثيلي الحركي والراقص والرقص الفلكلوري والاداء الايمائي الصامت(البانتومايم) وتوزيعاتها المختلفة الموفقة التي لم تخل في ميزانسين الممثلين والخشبة علاوة على السينوغرافيا التي جاءت مكملة للعمل بكل جوانبه حيث شخصية الحمار التي كانت عنصرا مضافا وضمنيا، مرسومة ضمن البانوراما الخلفية التي شكلت مشهدا للقرية وتموضعت في عمق الخشبة حيث السيكوراما، كما جاءت الاضاءة متنوعة وموزعة بشكل متوازن بحسب مقتضيات العرض دون الاخلال بسياقه إضافة الى الاكسسورات والملابس التي عكست عمق التراث الشعبي ومدلولاته المتكئة على الثقافة الزراعية الانتاجية.
ويختتم العرض الذي أخرجه وأعد نصه الفنان جمال حبيب، ولامس الاحاسيس الانسانية والوطنية والقومية على حد سواء، على لسان الراوي حيث بدأ بعرض الحكاية وذروتها :"حتى الصبيان يكتبوا عالشجر عالحيطان، مروان ابن الجمال بحب جفرا من ال كنعان، ابوه هج من الديوان ليسمع كلمة من فلان او علان، امه يعايروها الجيران، وأخته تقول يا ريت اللي جرى ما كان، وصل الخبر للمختار وقلبو يغلي مثل النار"، بقوله حين عودة مروان الى القرية وزواجه من جفرا "موجي ...موجي يا فرس....ارخي عنانك يا خيال"، مستعرضا ما تشتهر به عدد من المدن الفلسطينية من منتجات والتي ستقدم هدايا زفافهما، فيما يؤدي جميع اعضاء الفرقة بمشاركة الجمهور قصيدة "موطني" كلمات إبراهيم طوقان والحان محمد فليفل.
وكانت الفنانة ريم البنا القادمة من الناصرة قدمت في مستهل الامسية عددا من الاغنيات التي تنهل من التراث في منطقة جنوبي بلاد الشام وخصوصا الجليل ممزوجة بروح عصرية عبر ثنايا المسرح حيث يتميز أسلوبها الفني بدمج التهاليل الفلسطينية التراثية بالموسيقى العصرية، وتحمل رسالتها الفنية تسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني وجمع النصوص الفلسطينية التقليدية غير الملحنة حفاظا منها على هذه النصوص من الضياع .
وفي ختام الامسية كرم رئيس الجمعية الدكتور موسى الصالح الفنانة ريم البنا واعضاء الفرقة.
ويشار إلى ان حفل ختام موسم حراس الذاكرة السادس سيكون في الثامنة من مساء غد الخميس على مسرح قصر الثقافة وستحييه فرقة الحنونة للفنون الشعبية.
أرسل تعليقك