بينا شاه تقرأ تاريخ باكستان الحديث والقديم روائيًا
آخر تحديث GMT00:08:19
 العرب اليوم -
أخر الأخبار

بينا شاه تقرأ تاريخ باكستان الحديث والقديم روائيًا

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - بينا شاه تقرأ تاريخ باكستان الحديث والقديم روائيًا

بينا شاه تقرأ تاريخ باكستان الحديث
دبي – العرب اليوم

كيف يمكن العيش في بلد يعاني من إفلاس اقتصادي وتمزّق مزمن بين دكتاتوريات عسكرية وتشدد ديني؟ بالكذب، تجيبنا الكاتبة الباكستانية بينا شاه في روايتها الأخيرة "موسم للشهداء" التي صدرت ترجمتها الفرنسية حديثا عن دار "أكت سود" الباريسية تحت عنوان "الملكة الثامنة".

وفعلا يكذب بطلها الشاب علي سيكندار، كثيرا وعلى الجميع، فيدّعي بأن والده الذي يخجل منه قد توفي، وهذا غير صحيح، ويخفي علاقته بحبيبته سونيتا لأنها هندوسية وهو مسلم، كما يخفي على الجميع قراره الرحيل للعيش في أميركا. ولا عجب في ذلك حين نولد ونترعرع في بلد الحدود معدومة فيه بين الحقيقة والكذب، ونظريات المؤامرة منتشرة بشكل واسع.

أحداث الرواية تقع في نهاية عام 2007 بمدينة كاراتشي، حيث يعمل علي صحافيا في قناة إخبارية. ونظرا إلى اشمئزازه من الوضع السياسي والأمني لبلده -حيث يمسك الجنرال مشرّف بزمام الحكم بيد من حديد، وتتحضّر بينظير بوتو للعودة إليه بعد سنوات من المنفى بهدف المشاركة في الانتخابات التشريعية- نجده يرفض الانخراط في أي شيء ولا يحلم إلا بالاستقرار في الولايات المتحدة رغم إدراكه المفارقة الكامنة في هذا الحلم: "بما أن الغرب مسؤول إلى هذا الحد عن تدهور وضع الباكستانيين، لماذا يتطلّع هؤلاء إلى مغادرة وطنهم للاستقرار في إحدى الدول الغربية؟".

"هل من "فرصة ثانية" لباكستان؟ هذا ما تجعلنا خاتمة الرواية المتفائلة نعتقده بإيقاف بينا شاه سردها مباشرةً قبل الانفجار (الحقيقي) الذي أودى بحياة بينظير بوتو"

أحداث مؤلمة
أما تنكُّر علي لوالده فيعود إلى تخلّي هذا الأخير عنه وعن والدته وأخويه الصغيرين للعيش مع زوجته الجديدة، وأيضا إلى كونه إقطاعيا ينتمي إلى النخبة السابقة التي يعتبرها الباكستانيون اليوم مسؤولة إلى حد كبير عن مشاكل بلدهم، ونقصد مَن يُطلق عليهم لقب "بير" في مقاطعة السند وينحدرون من شيوخ متصوّفة، وقد تحوّلوا على مرّ القرون إلى زعماء روحيين يبجّلهم الشعب، مما سمح لهم بجني ثروات ضخمة حوّلتهم عن دورهم الديني.

هذه الجذور التاريخية يرغب علي في نسيانها، لكن لن تلبث سلسلة أحداث مؤلمة أن تمزّق سترة الكذب الواقية التي أحاط نفسه بها، كمقتل المصوّر الشاب الذي كان يرافقه أثناء تغطيته عودة بينظير بوتو إلى وطنها في انفجار راح ضحيته 130 شخصا، وإيقاف بث القناة التي يعمل فيها خلال حالة الطوارئ التي أعلنت إثر الانفجار، وتخلي حبيبته سونيتا عنه بعد اكتشافها ما كان يخفيه عنها.

جميع هذه الصدمات تدفع علي إلى مساءلة عميقة لنفسه ينتج عنها تخلّيه عن مهنة الصحافة وانخراطه في الحركات السلمية للدفاع عن الديمقراطية ودولة الحقوق، واكتشافه فضائل بينظير بوتو التي كان يرفض أي دور سياسي لها بسبب إعجاب والده بها وتهمة الفساد التي وجّهت إليها في السابق، وتصالحه مع حبيبته بعد مصارحته إياها، وعودته إلى والده إثر اتصاله به لنجدته حين أوقف خلال مظاهرة معادية للحكومة.

"لكل فرد الحق في فرصة ثانية"، يقول علي في الصفحات الأخيرة من الرواية، حيث نراه مبتهجا لاستعادته نقاط استدلاله العائلية والعاطفية والسياسية. حقٌّ لا ينكره لبوتو التي سيغطّي مهرجانها الانتخابي الأخير في مدينة راوالبندي الذي حصل في 27 ديسمبر/كانون الأول 2007، وتنتهي الرواية مع نهاية هذا المهرجان القاتمة، حيث نرى علي راكضا في اتجاه سيارة بوتو ويستعد لمحاورتها.

لكن هل من "فرصة ثانية" لباكستان؟ هذا ما تجعلنا خاتمة الرواية المتفائلة نعتقده بإيقاف بينا شاه سردها مباشرةً قبل الانفجار (الحقيقي) الذي أودى بحياة بوتو. كما لو أنها لم تتمكن من رفض الأمل لوطنها، رغم واقعه المأساوي.

"العنوان الفرنسي للرواية مستقى من أحد فصولها، ويستحضر أسطورة "الملكات السبع" التي دافعت ببطولة عن مقاطعة السند، وهو يجعل من بينظير بوتو "الملكة الثامنة""

رهانات وتناقضات
المثير في هذه الرواية المعقّدة والآسرة هو أنها تأخذ تارةً طابع "الريبورتاج" الصحافي بتناولها من أقرب مسافة ممكنة أحداثا سياسية كبرى، كالأيام الأخيرة من حياة بينظير بوتو والحركة الشعبية التي قادها الشباب الباكستاني آنذاك لصالح الديمقراطية، وتارةً طابع الوثائقي بتوقّفها عند شخصيات كبرى صنعت تاريخ المنطقة.

ولعل هذا ما يمنح نصّها كلَّ قيمته، أي تلك القدرة على قراءة رهانات باكستان وتناقضاتها الراهنة على ضوء ماضيها. فداخله تتشابك الفصول المرصودة لمسار الشخصيات المعاصرة مع فصول مخصّصة لوجوه سياسية وروحية وفنية وأسطورية صقلت هوية السند عبر القرون. وهو ما يجعلنا نقرؤه أيضا كنشيد لمنطقة ثرية بتاريخها، اختبر شعبها مختلف أنواع الأطماع والتمزّقات.

يبقى أن نشير إلى أن العنوان الفرنسي للرواية مستقى من أحد فصولها، وهو من دون شك أكثر شعرية من عنوانها الأصلي، لاستحضاره إلى الأذهان أسطورة "الملكات السبع" التي دافعت ببطولة عن مقاطعة السند، وجعله من بينظير بوتو

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بينا شاه تقرأ تاريخ باكستان الحديث والقديم روائيًا بينا شاه تقرأ تاريخ باكستان الحديث والقديم روائيًا



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي
 العرب اليوم - مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 23:22 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تخوض دراما رمضان 2025 بـ«حقي وحقك»
 العرب اليوم - روجينا تخوض دراما رمضان 2025 بـ«حقي وحقك»

GMT 12:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 12:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 06:43 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الحوثيون يستهدفون سفينة في البحر الأحمر دون إصابات

GMT 11:06 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 03:01 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

رصد "أول حالة انقراض معروف للطيور من أوروبا"

GMT 09:59 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يردّ على انتقادات عمله بعد أيام من وفاة شقيقه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab