وفاة برنارد لويس المؤرّخ الذي حيّر العالم
آخر تحديث GMT15:22:26
 العرب اليوم -

وفاة برنارد لويس المؤرّخ الذي حيّر العالم

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - وفاة برنارد لويس المؤرّخ الذي حيّر العالم

المؤرّخ برنارد لويس
واشنطن - العرب اليوم

لم يُكمل برنارد لويس سنته الأولى بعد المائة، إذ توفي فجر أمس الأحد، في الولايات المتحدة، منهيًا حياة طويلة حافلة بالإنجاز الأكاديمي في تاريخ العرب والمسلمين، وبالحضور في خلفية أصحاب القرار في الولايات المتحدة، خصوصًا بعد هزيمة العرب في 5 حزيران (يونيو) 1967، وصولًا إلى الغزو الأميركي للعراق في عهد جورج بوش الابن مطلع الألفية الثانية.

ووَصف لويس نفسه عام 2012 قائلًا "بالنسبة إلى البعض أنا عبقري، أما البعض الآخر فيراني تجسيدًا للشيطان". هذا القول تأخر عقودًا عن أشرس هجوم تعرض إليه لويس في كتاب "الاستشراق" لإدوارد سعيد، الذي احتفت به أوساط أكاديمية غربية وعربية. ووحده صادق جلال العظم انتقد سعيد قائلًا "لقد وهبتَ برنارد لويس في كتابك حياة ثانية لا يستحقها".

لكن لويس حظيَ بحيوات عدة، فهو أولًا أكاديمي بارز قدّم أطروحته عن "الإسماعيلية"، وكان أول من أطلق لفظة "الحشاشين" على الجماعة في قلعة الموت، كما حظى كتابه عن العرب في التاريخ رواجًا بعد الحرب العالمية الثانية واستقلالِ دول عربية ونشوءِ إسرائيل.

وهو ثانيًا أكاديميٌ بريطاني متمرّس تسلّم كرسيًا في جامعة برنستون الأميركية، وتقدّم بمؤلفاته عن السلطنة العثمانية استنادًا إلى اطلاعه على أرشيفها، ومن هنا كان اهتمامه المتواصل بالمشرق العربي وشؤون المسلمين، وطالما عبّر عن إعجابه بالمرحلة العثمانية، مؤكدًا أن الاستبداد العربي لا يعود إلى أصلٍ عثماني كما يردد كثيرون، وإنما إلى الفاشية والنازية الأوروبيتيْن اللتيْن ألهمتا النخب الحاكمة في الدول العربية الحديثة، ووصل الأمر به إلى نفي الإبادة الأرمنية التي اتُهم بها العثمانيون، ما استدعى إدانته من محكمة فرنسية.

وهو ثالثًا المؤرخ المنخرط في السياسة والمنحاز إلى الصهيونية بدءًا من سبعينات القرن الماضي، مكرّسًا حيزًا في كتاباته لما يسميه "جذور الغضب الإسلامي" التي ألهمت هنتنغتون نظريته في "صراع الحضارات"، ومهّدت لاعتبار الإسلام وريثًا للشيوعية في الصراع الدولي. وأصدر لويس كتبًا كثيرة أقل قيمة من دراساته التاريخية، فقط لكونها تُعنى بالثورات الإسلامية وتواكب انطلاقَها وتراجعها.

هو آخر المستشرقين الكبار، نُسبت إليه خرائط لتقسيم دول عربية استخدمها كثيرون للنيل منه، بلا سند ولا تحقيق، كما نُسبت إليه أبوية المحافظين الجدد الذين شكّلوا فريق جورج بوش الابن. وقد يكون ذلك صحيحًا، لكن الرجل كان مستشارًا لا صاحب قرار، وليس من إثبات أنه اطلع على أوامر باجتياح دول وتدمير مجتمعات. بل أن مقربين منه أكدوا تركيزه على مبدأ الشورى في الإسلام، وترديد كلام النبي محمد صلى الله عليه وسلم (اختلاف أمتي رحمة).

وأعلن لويس غير مرة أن الاستبداد العربي هو تشبّه بالديكتاتوريات الأوروبية، وبالتالي فهو نموذج غربي. ويعترف أصدقاء لويس بأنه كغيره من النخب الأوروبية والأميركية مؤيد لإسرائيل، ولم تخلُ كتاباته عن سياسات العرب من شوفينية ونقدٍ حاد لأدائهم.

وُلد في لندن لعائلة يهودية متوسطة الحال، ودرس في جامعات بريطانية وفرنسية، قبل أن يصبح مدرّسًا مساعدًا للدراسات الإسلامية في "سواس" - لندن عام 1938. ثم أصبح أستاذًا في الكلية نفسها بين عامي 1949 و1974، حين انتقل إلى جامعة برينستون الأميركية، مكمّلًا حياته هناك أستاذًا فخريًا.

أبرز مؤلفاته: "مستقبل الشرق الأوسط"، و"تعدد الهويات في الشرق الأوسط"، و"تشكيل الشرق الأوسط الحديث"، و"العرب في التاريخ"، و"الإسلام من النبي محمد إلى الاستيلاء على القسطنطينية"، و"العرق والعبودية في الشرق الأوسط: استقصاء تاريخي".

برنارد لويس ولد بريطانيًا ومات أميركيًا، وسجل مسارًا معاكسًا لمسار الشاعر ت. إس. إليوت الذي ولد أميركيًا ومات بريطانيًا. فكان الشاعر يبحث عن الروح العميقة للغته، في حين كان المؤرخ يرغب في رؤية قيادة العالم وهي تعمل من خلال الجامعات ومراكز الأبحاث.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وفاة برنارد لويس المؤرّخ الذي حيّر العالم وفاة برنارد لويس المؤرّخ الذي حيّر العالم



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 العرب اليوم - أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية

GMT 11:21 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

جريمة مدبّرة ضد شقيق عمرو دياب

GMT 16:22 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

"برشلونة يمدد عقد جيرارد مارتن حتى 2028"

GMT 16:01 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

ريهام حجاج تخوض تجربة جديدة وتعلن سبب غيابها سينمائياً

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الجيش الإسرائيلي يحذر اللبنانيين من التوجه إلى الجنوب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab