القاهرة _ العرب اليوم
يُعد الضغط، أو الطرق، أوالنقش على النحاس، أحد الفنون التي ارتبطت بالزخرفة والفنون والعمارة الإسلامية، حيث ظهرت في أعمال تزيين جدران المساجد والعمائر قبل قرون طوال. وقد بات لذلك الفن مراكز متخصصة في مصر، وغيرها من بلدان العالم الإسلامي، وارتبط اسمه في مصر بمنطقة الجمالية، وهي أحد الأحياء الشعبية التي تحتفظ بالكثير من صور العراقة القديمة، في العاصمة المصرية القاهرة. وعمر النجار هو أحد الفنانين المصريين، الذين يمتلكون قدرات فنية عالية في مجال استغلال النحاس، في إبداع وصنع لوحات فنية لافتة، وقد نجح في تحقيق أرقام قياسية في أعماله من حيث الحجم، وطوال سبع سنوات مضت، تمكن من عمل 127 لوحة فنية من معدن النحاس.
وبدأ النجار اهتمامه بذلك الفن في سن مبكرة، حين كان يتردد على قصر ثقافة الحرية، بمحافظة الإسكندرية، حيث شاهد بعض الأعمال الفنية النحاسية التي جذبته، وتعلم الكثير من أسرارها على يد فنان يوناني، يدعي أنطوان خانجي، الذي كان يشتهر بأنه من أمهر الفنانين في مجال الرسم البارز على النحاس، وكان يقيم في الإسكندرية، ثم قام بصقل مهارته وخبراته عبر دراسة ذلك الفن، والتعرف على تاريخه وبدايات نشأته.
وقد أتاح له عمله بعد إنهاء دراسته، فرصة السفر إلى الكثير من البلدان العربية والأوروبية، مثل السعودية، والإمارات، والبحرين، وسوريا، واليونان، وإيطاليا، وإسبانيا. وكان يستغل وجوده بتلك الدول، في التعرف على فن الرسم على النحاس، والاطلاع على أعمال فناني تلك الدول في هذا المجال.
لكنه لم يمارس تحويل القطع النحاسية لأعمال فنية، ولم ينخرط في ذلك الفن بشكل احترافي سوى قبل 7 سنوات فقط، حيث شارك طوال تلك السنوات السبع، في العديد من المعارض والملتقيات الفنية المحلية والدولية، التي كان آخرها معرض “أجندة” في مكتبة الإسكندرية. القاهرة الفاطمية: وعن أبرز أعماله الفنية، قال النجار لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): إنه أنجز عملا فنيا نحاسيا أطلق عليه اسم “بانوراما حرب أكتوبر”، واستوحي الكثير من أعماله، من العمارة الفاطمية، ومساجد القاهرة التاريخية، وخاصة أعمال الأرابيسك. كما استلهم النجار الكثير من أعماله من تاريخ مصر القديمة، فجسد الربة إيزيس، والملكة حتشبسوت، وغيرهما من ملوك وملكات وأرباب ومشاهير مصر القديمة، وهكذا نجح في الجمع بين الحضارتين الإسلامية
والفرعونية بمصر، ونقل الكثير من صور القاهرة الفاطمية، ومصر القديمة، في أعماله، ورسم النجار بورتريهات نحاسية للكثير من الحكام العرب، مثل السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-، والرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، والملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وغيرهم.
ويحلم النجار بأن تتاح له الفرصة من أجل تغطية جدران بوابات ومداخل المتحف المصري الكبير، الذي يقام بالقرب من أهرامات الجيزة، ويضم قطعا أثرية تمثل مختلف حقب مصر التاريخية، بمنحوتات ومطروقات نحاسية، يرسم عليها نصوص كتاب الموتى في مصر القديمة، ويروي من خلالها أهم المحطات في تاريخ مصر عبر العصور المختلفة. وبحسب الفنان عمر النجار، فإن فن الرسم البارز، والطرق، والنقش على النحاس، هو أحد الفنون المصرية الأصيلة، التي برزت في العصر الإسلامي، والتي ربما باتت مهددة بالاندثار، وتحتاج إلى دعم من المؤسسات المعنية برعاية تلك الفنون، وإطلاق مبادرات لإحياء ذلك الفن، ونقله لأجيال جديدة من الفنانين الشباب.
تاريخ قديم: ومن المعروف أن فن الرسم على النحاس، الذي جذب الفنان عمر النجار، قد ازدهر بشكل كبير في عهد المماليك، مثله مثل فن العمارة، وما ارتبط بها من فنون. لكن الباحثة المصرية، نهي نبيل فهمي، ترى في دراستها الأكاديمية التي نوقشت في الدورة العربية من مؤتمر “الموروث الفني والحرفي.. لغة تواصل بين الشعوب “، وحمل عنوان: “تطوير حرفة النحاس في القاهرة”، أنّ المصري القديم عرف معدن النحاس منذ القِدم، وأنه بالرغم من أن طرق النحاس وسحبه وتشكيله كان يتم يدويا، فإن ما تركه المصريون القدماء، في مقابرهم كان يحمل نقوشا مدهشة تدل على دقة الصنع.
ونرى أن تلك الدقة لم تكن قاصرة على ما وجد في مقابر الملوك والمملكات، بل امتدت إلي الطبقة الوسطى في مصر القديمة، وأن ذلك يدل على أن طرق النحاس وسحبه وتشكيله له جذور تاريخية مع المصري القديم. وقد استمر بروز ذلك الفن في عصور أخرى، مثل العصر المسيحي، حيث ساعد انتشار الأيقونات الفنية في الكنائس، إلى تطور فنون طرق النحاس… وانتقل ذلك التطور إلي العصر الإسلامي، الذي اعتبر من أزهى عصور إنتاج المشغولات النحاسية في مصر… وفي عصر المماليك برع الفنان المسلم في إنتاج الأعمال الفنية النحاسية، واشتهر الإقبال على تزيين المباني من مساجد ومدارس وقصور، وانتعش سوق بيع التحف النحاسية انتعاشا لافتا في تلك الفترة من تاريخ مصر.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك