القاهرة ـ أ.ش.أ
يتحرك المصريون لبناء "ثقافة مضادة للتحرش" بعد أن صدمتهم وقائع التحرش الأخيرة في قلب عاصمتهم القاهرة ووسط استجابات للتعامل مع هذا التحدي على أعلى مستويات السلطة والقرار في "الجمهورية الجديدة".
لم تعد القضية مجرد اعتداء على حياء انوثة خافت فسارعت الخطى!..واقع الحال ان التحرش ظاهرة شاملة وقد يتسع نطاق القضية ابعد من نظرات جائعة او ايماءات جامحة وحركات مبتذلة غاب عنها النبل وفرت منها الشهامة!..القضية تشمل التحرشات بالهويات والأوطان..ومن هنا حان الوقت للتخلى عن الصمت المكبل وبناء ثقافة مضادة للتحرش.
ووسط تأكيدات على ان حادث التحرش المخزي بميدان التحرير مؤخرا يعبر عن ظاهرة تصاعدت في العقد الأخير وحان الوقت للتصدي لها بقوة-تواصل الصحف ووسائل الاعلام المصرية نشر تقارير وقصص اخبارية مطولة حول قضايا التحرش التي باتت تهدد اعز واغلى القيم في المجتمع.
وفي سياق دراسة حول التحرش اعدها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية تفيد الأرقام والاحصاءات المعلنة ان نسبة الاناث اللاتي تعرضن لهذه الجريمة تتجاوز ال66 في المائة بينما تعرضت نسبة تتجاوز ال33 في المائة من الذكور لتحرشات.
واوضحت الدكتورة سهير عبد المنعم رئيسة قسم المعاملة الجنائية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ان نسبة لاتزيد عن 18 في المائة من الاناث اللاتي تعرضن لجرائم تحرش قمن بالابلاغ فيما تكشف الدراسة عن ان اغلب مرتكبي جرائم التحرش ينتمون لما يمكن وصفه "بثقافة العشوائيات" ويعانون من مشاكل اجتماعية متعددة من بينها مشكلة "العنف الأسري" ناهيك عن الادمان وتعاطي المخدرات.
وفي خطوة غير مسبوقة من قبل صاحب المسؤولية الأولى في الدولة وتعبيرا عن ثقافة جديدة تقوم على احترام حقوق المصريين واستشعار آلامهم والاعتذار لهم باسم الدولة الوطنية المصرية جاءت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي- وهو الذي لم يمض على توليه منصبه الرئاسي سوى ايام قليلة- لضحية التحرش في ميدان التحرير مؤكدا على ان الدولة لن تسمح بتكرار مثل هذا الحادث المشين.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد بحث امس الأول "الخميس" مع رئيس الحكومة المهندس ابراهيم محلب اجراءات مواجهة التحرش وصولا للقضاء على هذه الظاهرة تماما فيما تتخذ "الجمهورية الجديدة" في مصر توجها واضحا نحو تعزيز تمثيل المرأة على مستوى العمل التنفيذي وفي البرلمان القادم.
ويأتي ذلك بعد ان كلف السيسي رئيس الحكومة بوضع خطة وطنية للقضاء على ظاهرة التحرش بمشاركة وزارات وجهات متعددة من بينها الأزهر والكنيسة فيما دعا المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية لتغليظ العقوبات الجنائية المتعلقة بجرائم الاغتصاب والمواقعة بالقوة والاكراه لتصل الى الاعدام .
ومن منظور ثقافي-فلسفي فان تلك النوعية من القضايا تتطلب "قدرة عالية على الاحساس بالعدالة وضرورة اعمالها بسرعة وبصورة ناجزة" بينما تشكل "العقوبة التي تتناسب مع الجريمة" موضوعا جوهريا حتى في الكتب المقدسة على امتداد التاريخ الانساني والتي اتفقت على اعلاء "قيم الانصاف".
أرسل تعليقك