دمشق ـ ميس خليل
استطاعت دار الأوبرا السورية خلال عشر سنوات من وﻻدتها، ابتكار مفردات جديدة في الحالة الثقافية الاجتماعية السوريّة، فاصبحت حفلات الدار مقصدًا لمختلف فئات وطبقات المجتمع؛ للتمتع بفن راقي وجميل في مكان يحمل رسالة حضارية وتثفيفية.
ورغم ما حملته سنوات الحرب من تغيّرات في الوضع الاجتماعي والثقافي والأمني في مدينة دمشق، إﻻ أنَّ دار الأوبرا لم تغلق أبوابها طوال سنوات الحرب الأربعة بلّ إنها عزّزت حضورها وعملت على تنويع برامجها وحافظت على جمهورها، حتى بعد أنَّ طالتها قذائف الهاون أكثر من مرة وأدت إلى خسائر مادية وبشرية في الدار.
وتسعى أوبرا دمشق إلى تقديم أنماط فنية مختلفة من حفلات موسيقى كلاسيكية إلى استضافة حفلات غنائية فردية وجماعية ومعارض الفنّ التشكيلي، إضافة إلى استضافة المهرجانات السينمائية، التي كان من أبرزها مهرجان سينما الشباب الذي تمكّن خلاله الشباب الجامعي من مشاهدة عروض سينمائية مجانية لأحدث الأفلام الأوروبية والأميركية على مدى شهر كامل.
وتُعدّ دار الأوبرا تحفة معمارية مستَلهمة من العمارة الدمشقية القديمة التي استوحت منها أبهائها الواسعة وشبابيكها وشرفاتها.
وﻻ يمكن للعابر في ساحة الأمويين في دمشق إلا أنَّ يستوقفه مبنى الدار، الذي يبدو من بعيد كقلعة صامدة وما أنَّ تخطو قدما الزائر داخل أوبرا دمشق، حتى يشعر وكأنه في بيت دمشقي قديم بصحبة الفنانين التشكيللين المعاصرين بلوحاتهم ومنحوتاتهم ومايزيد المكان سحرًا تلك التحف الشرقية الساحرة التي تتوزع في أرجاء الدار.
وتضمّ دار الأوبرا ثلاثة مسارح؛ الأول هو مسرح الأوبرا ويتسع لـ1335 متفرجًا وهو مُجهّز لاستقبال أضخم عروض الأوبرا والفرق السمفونية والرقص وسواها.
والثاني هو مسرح الدراما يتسع لـ662 متفرجًا ويتميز بخشبته التي تمتد باتجاه الصالة، الجمهور، وهذا المسرح مُجهّز لاستقبال العروض المسرحية وفرق موسيقى الحجرة والعازفين المنفردين.
أما الثالث فهو المسرح متعدد الاستعمالات 237 مقعدًا وتتراكب مقاعده على عربات متحركة، يمكن إعادة تشكيلها بستّ وضعيات مختلفة حسب طبيعة العرض.
وقد استضافت الدار عبر سنواتها العشر مبدعين كبار مرّوا على خشباتها، من السيدة فيروز، إلى الشاعر محمود درويش، إلى عروض أوبرالية وموسيقية لفرق عالمية وعربية ذات سمعة طيبة.
وستبقى الذاكرة السورية تحفظ أنَّ أعدادًا هائلة من السوريين مرّت على هذا المكان في ظروف أقل ما يقال عنها أنها استثنائية، مّا يعني أنَّ "أوبرا دمشق" باتت وستظلّ محفوظة في قلوب السوريين ووجدانهم.
أرسل تعليقك