الاعتكاف أن تجعل حركتك لله من خواطر الشعراوي
آخر تحديث GMT04:33:14
 العرب اليوم -

"الاعتكاف أن تجعل حركتك لله" من خواطر الشعراوي

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - "الاعتكاف أن تجعل حركتك لله" من خواطر الشعراوي

الشيخ محمد متولي الشعراوي
القاهرة - العرب اليوم

معنى الاعتكاف هو أن تحصر حركتك فى زمن ما على وجودك فى مكان ما، ولذلك يتولون: «فلان معتكف هذه الأيام» أى حبس حركته فى زمن ما فى مكان ما، وليس معنى ذلك أن الاعتكاف مقصور على العشر الأواخر من رمضان فقط، ولكن للمسلم أن يعتكف فى بيت الله فى أى وقت .

ويتابع الحق: «وَكُلُواْ واشربوا حتى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخيط الأبيض مِنَ الخيط الأسود» أى إلى أن يتضح لكم الفجر الصادق. وكان هناك على عهد رسول الله  أذانان للفجر، كان بلال يؤذن بليل، أى ومازال الليل موجوداً، وكان ابن أم مكتوم يؤذن فى اللحظة الأولى من الفجر، ولذلك قال رسول الله : «فإن سمعتم أذان ابن أم مكتوم فأمسكوا». لكن أحد الصحابة وهو عدى بن حاتم قال: أنا جعلت بجوارى خيطا أبيض وخيطاً أسود، وأظل آكل حتى أتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود. فقال له: إنك لعريض القفا (أى قليل الفطنة) فالمراد هنا بياض النهار وسواد الليل.

ويتابع الحق: «ثُمَّ أَتِمُّواْ الصيام إِلَى الليل وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِى المساجد». لقد كانوا يفهمون أن المباشرة فى الليل حسب ما شرع الله لا تفسد الصوم. ولكن كان لابد من وضع آداب للسلوك داخل المسجد أو لآداب سنة الاعتكاف التى سنها رسول الله  فى العشر الأواخر من رمضان لهذا أوضح الحق أن حلال المباشرة بين الرجل وزوجته هو لغير المعتكف وفى غير ليل رمضان. أما المعتكف فى المسجد فذلك الأمر لا يحل له، ومعنى الاعتكاف هو أن تحصر حركتك فى زمن ما على وجودك فى مكان ما، ولذلك يقولون: (فلان معتكف هذه الأيام) أى حبس حركته فى زمن ما فى مكان ما، وليس معنى ذلك أن الاعتكاف مقصور على العشر الأواخر من رمضان فقط، ولكن للمسلم أن يعتكف فى بيت الله فى أى وقت.

واختلف العلماء فى الاعتكاف، بعضهم اشترط أن يكون المرء صائماً حين يعتكف، واشترطوا أيضا أن يكون الاعتكاف لمدة معينة، وأن يكون بالمسجد، وقالوا: إن أردت الاعتكاف، فاحصر حركتك فى مكان هو بيت الله.. وكثير من العلماء يقولون: إنك إذا دخلت المسجد تأخذ ثواب الاعتكاف مادمت قد نويت سنة الاعتكاف؛ بشرط ألا تتكلم فى أى أمر من أمور الدنيا؛ لأنك جئت من حركتك المطلقة فى الأرض إلى بيت الله فى تلك اللحظة، فاجعل لحظاتك لله. ولذلك حينما رأى رسول الله  رجلاً ينشد ضالته فى المسجد أى شيئا قد ضاع منه فقال له: «لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا».

لماذا؟ لأن المسجد مكان للعبادة، ولذلك أقول لمن يحدثنى فى المسجد بأى شيء يتعلق بحركة الحياة: أبشر بأنها لن تنفع؛ لأنك دخلت المسجد للعبادة فقط، إن لحظة دخولك المسجد هى لحظة جئت فيها لتقترب من ربك وتناجيه، وتعيش فى حضن عنايته، فلماذا تأتى بالدنيا معك؟ وليكن لنا فى أحد الصحابة قدوة حسنة؛ كان يقول: كنا نخلع أمر الدنيا مع نعالنا. وزاد صحابى آخر فقال له: وزد يا أخى أننا نترك أقدارنا مع نعالنا.

انظر إلى الدقة، إن الصحابى المتبع لا يخلع الدنيا مع نعله فقط على باب المسجد، ولكن يخلع أيضا قدره فى الدنيا. فيمكن أن تأخذك الدنيا ساعات اليوم الكثيرة، والمسجد لن يأخذ منك إلا الوقت القليل، فضع قدرك مع نعلك خارج المسجد، وادخل بلا قدر إلا قدر إيمانك بالله. وأجلس فى المكان الذى تجده خالياً.

إن النبى  كان يجلس حيث ينتهى به المجلس. أى عندما يجد مكاناً له، وهذا خلاف زماننا حيث يحجز إنساناً مكاناً لإنسان آخر بالسجادة، وقد يدخل إنسان ليتخطى الرقاب، ويجلس فى الصف الأول وهو لا يعلم أن الله قد صف الصفوف قبل أن يأتى هو إلى المسجد.

فى تأويل «هذا ربى»

يتأوّل بعض الناس قول إبراهيم عليه السلام (هذا ربي) بأنه إخبارٌ منه بربوبية الكوكب ثم القمر ثم الشمس على سبيل الظنّ، فهى رحلة من الشرك إلى اليقين - فى زعمهم - وهذا تأوُّلٌ غريب فى ظني؛ ذلك أن إبراهيم عليه السلام ينفى عن نفسه الشرك قائلاً (وما أنا من المشركين) الأنعام:79.

فانظر كيف عبّر القرآن فى نفيه الشرك على لسان إبراهيم باستعمال الجملة الاسمية الخالية من عنصر الزمن، ليستغرق النفى جميع الأزمنة، ثم انظر كيف نفى الله تعالى عن إبراهيم الشرك بصيغة الكون المنفى فى قوله: «وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» فى خمسة مواضع من القرآن الكريم، والكون المنفى الماضى يستغرق جميع الزمن.

ثم انظر ثالثًا فى سياق الآيات الذى يومئ إلى ذلك؛ إذ الآية السابقة هى قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ نُرِى إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) الأنعام:75.. كل أولئك يؤكد أن قول إبراهيم: (هَذَا رَبِّي) فى المواطن الثلاثة إنما هو على تقدير حذف أداة الاستفهام الإنكارى، لا على جهة الإخبار.. والله تعالى أعلى وأعلم وأحكم.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاعتكاف أن تجعل حركتك لله من خواطر الشعراوي الاعتكاف أن تجعل حركتك لله من خواطر الشعراوي



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab