القاهره_العرب اليوم
دخلت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر، على مدى العقدين الأخيرين في صدام مع الدراما بسبب أعمال عدة، قبل أن ترفض تجسيد شخصية البابا الراحل شنودة الثالث، البطريرك الـ117 للكنيسة، وتشترط الحصول على موافقتها أولا قبل إنتاج تلك الأعمال التي احتكرت تنفيذها، وهو الأمر الذي تجدد مع إعلان الفنان "حسن يوسف" رغبته في تجسيد شخصية البابا الراحل في عمل فني.ففي 2004 اضطر التليفزيون المصري للتراجع عن عرض مسلسل "بنت من شبرا" بطولة ليلى علوي، خلال الموسم الرمضاني بعد أن أعلن عن عرضه من قبل، لأن بطلة المسلسل أشهرت إسلامها في المسلسل الذي عُرض على قناة فضائية خاصة وقتها.
وفي العام ذاته حظي عرض فيلم "بحب السيما"، بموجة غضب قبطي وكنسي ضده، فالفيلم الذي يدين منتجه ومخرجه بالديانة المسيحية وهما "أسامة فوزي وهاني فوزي"، ويجسد بطولته محمود حميدة وليلى علوي، تناول حياة عائلة مسيحية، يظهر الزوجة تخون زوجها المغالي في تدينه، ثم تذهب إلى الكنيسة للصلاة وطلب المغفرة.وجرى اتهام الفيلم من قبَل الأرثوذكس بالترويج للمذهب البروتستانتي بين الأقباط، فضلاً عن الغضب من إظهار تبادل لقبلة بين ممثلي العمل داخل الكنيسة بين منة شلبي وإدوارد، وهاجمت الكنائس المصرية في 2006 فيلم "شفرة دافينشي"، حتى إنها أصدرت بياناً موحداً حمل توقيع البابا الراحل شنودة الثالث، اعتبرت خلاله أن "الفيلم يزيف التاريخ وعلم الآثار وتقوم وقائعه على الأباطيل، وأن وراءه فكراً صهيونياً يهدف إلى ازدراء الدين المسيحي وقيمه الروحية والأخلاقية والترويج للفكر الصهيوني".
ويستند الفيلم إلى رواية للكاتب دان براون وزعت منها ملايين النسخ وترجمت إلى لغات عدة، وتعرضت لهجوم شديد من الأوساط الكنسية لتعرضها لحياة المسيح الذي قالت إنه تزوج من مريم المجدلية وأنجب منها ذرية ما زالت تتناسل حتى اليوم، وبناءً على اعتراض الكنائس وإثارة الأمر في البرلمان وقتها قرر وزير الثقافة، فاروق حسني، منع عرض الفيلم، وصادرت شرطة المصنفات الفنية المصرية ألفي نسخة مقلدة من الفيلم مطلع يونيو 2006.وأعلن جابي خوري، مدير شركة أفلام مصر العالمية التي تولت توزيع أفلام شركة كولومبيا الأمريكية منتجة "دافنشي كود"، عن أن الشركة سحبت الفيلم من السوق بناء على طلب "جهات رسمية" رغم حصولها على موافقة الرقابة لعرضه.
وتزخر قائمة الاعتراضات المسيحية على الأعمال الفنية على كم هائل منها فيلم "حسن ومرقص" في 2008 بطولة "عادل إمام" الذي لم يمر إلا بعد لقاء عادل إمام مع البابا شنودة وموافقته على الفيلم وإجراء بعض التعديلات الدرامية على السيناريو.وفي 2009، اعترضت الكنيسة على الفيلم الإسباني "أجورا" إخراج أليخاندرو أمينابار، الذي يحكي مصرع الفيلسوفة المصرية "هيباتيا" على أيدي الغوغاء في الإسكندرية في القرن الرابع الميلادي، بعد أن اعتبرها بابا الأقباط وثنية كافرة وتمارس السحر.كما عرض الفيلم اقتحام الأقباط للمعابد الإغريقية والرومانية واقتحام مكتبة الإسكندرية من قبَل الجماعات المتطرفة ذات الهوس الديني، كما أظهرها الفيلم، حيث قامت بهدم التماثيل وتحطيم الرموز الفنية وحرق الأبحاث العلمية والوثائق والخرائط بدعو انتمائها للتراث الوثني.
وقد عرض الفيلم في إسبانيا والعديد من الدول، ولم يمنع في أي دولة في العالم، واعتبر من الأفلام التي تدين التطرف والعنف وجرى عرضه خارج المسابقة الرسمية لدورة 2009 لمهرجان كان السينمائي، إلا أنه مع الإعلان في ذلك الوقت عن عرض الفيلم في مصر عبر البانوراما الثانية للسينما الأوروبية، بالقاهرة، تحت رعاية فاروق حسني، وزير الثقافة وقتها، أرسل الأنبا بيشوي، مطران كفر الشيخ ودمياط والبراري وسكرتير عام المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية وقتها، رسالة إلى الرقابة يطلب فيها منع الفيلم الذي اتهمه بتشويه صورة الكنيسة والمسيحية في مصر.
"الأرثوذكسية" اعترضت على فيلم "متى المسكين".. ومنعت فيلم "الخروج" من العرض
أما في 2010 اعترضت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية على إنتاج الفيلم الوثائقي عن حياة أشهر رهبان الكنيسة في القرن العشرين "متى المسكين" الذي دخل في صدام مع بابوات الكنيسة، وأشهرهم البابا الراحل شنودة الثالث وهو الفيلم الذي حمل اسم "متى المسكين.. اللاهوت قبل السياسة"، وجرى عرضه وقتها على قناة "الجزيرة الوثائقية".وهو من إخراج المخرج اللبناني إياد صالح، حيث طرح الفيلم قصة تهميش تاريخ "متى المسكين" ومُنع توزيع مؤلفاته في الكنائس، إضافةً إلى شهادات 14 شخصية إسلامية ومسيحية حول العلاقة الشائكة بين البابا شنودة والراهب.
وقد استعان المخرج بأحد الممثلين لأداء مشاهد تحاكي الأحداث الحقيقية التي مر بها الراهب منذ ترك مهنة الصيدلة ووزّع ممتلكات عائلته على الفقراء، واحتفظ فقط بثمن تذكرة القطار الذي أوصله إلى الدير.وبخلاف الأفلام الدينية المسيحية العالمية، طالت اعتراضات الكنيسة بعض الأعمال الفنية التي تتناول الأقباط، فقد منعت الرقابة في 2011 عرض فيلم "الخروج من القاهرة" جماهيرياً خوفاً من الغضب القبطي، فالفيلم الذي لم ير النور سوى مرة واحدة عبر مهرجان دبي السينمائي الدولي، لم تسمح الرقابة بعرضه في مصر حتى في مهرجان الأقصر السينمائي في دورته الأولى عام 2012، لأن الفيلم الذي أخرجه هشام العيسوي، يحكي قصة عائلة قبطية تتجه الابنة الكبرى فيها "صفاء جلال" إلى فتاة ليل من أجل ضمان حياة لابنها، بينما الفتاة الصغرى "ميرهان" على علاقة غير شرعية مع شاب مسلم "محمد رمضان"، وتريد الزواج منه وتهدده بأنها حامل منه، فيما يظهر زوج الأم "أحمد بدير" مدمن قمار.
ولم ينجُ من الغضب والرقابة الكنسية سوى تلك الأعمال التي بعدت عن مناطق الجدل وأظهرت المسيحي بأدوار هامشية، أو إيجابية مثل فيلم "لا مؤاخذة" الذي صدر عام 2014 ويرصد قضية شائكة للغاية وتكاد تكون من المحرمات في السينما المصرية وهي قضية الدين، ويكشف الفيلم النقاب عن حياة طفل مسيحي يخشى من التعرض للاضطهاد بسبب ديانته.وفي 2016، أثير جدل حينما أعلنت شركة "العدل جروب" للإنتاج الفني، عن إنتاج مسلسل تليفزيوني عن حياة البابا شنودة،
يجسد شخصيته الفنان حسن يوسف، الذي سبق وقام بتجسيد شخصية الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي، إلا أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، رفضت العمل الفني، وخرج المجلس الملي العام للكنيسة، ببيان وقتها، يحذر جهات الإنتاج السينمائي من إنتاج أفلام أو مسلسلات تتناول حياة البابا شنودة الثالث قبل الحصول على موافقة الكنيسة.وقال المجلس في بيان أصدرته اللجنة القانونية بالمجلس، إنه وفقا لقوانين الكنيسة فإن البابا شنودة الذي وهب حياته للكنيسة راهبا ثم أسقفا ثم بطريركا صار تاريخه ملكا لها، مضيفا أن التريث في إنتاج عمل فني عن البابا الراحل لن يحرم محبيه من شيء لأن حياته ما زالت حية في نفوس وعقول المصريين جميعا على حد قول البيان، مشيرا إلى أن المجلس لن يتردد في اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لمنع هذا الأمر.
قد يهمك أيضا:
ليلى علوي تنضم إلى عادل إمام في دعم الصناعات والمشاريع الصغيرة
إلهام شاهين تكشف سبب عدم دعوة عادل إمام لحفل زفاف شقيقها أمير
أرسل تعليقك