يوسف في الجُبّ ويعقوب أعمى شعبُكِ، يا غزّةُ، مُتَّهَمٌ بالإيمان
آخر تحديث GMT16:26:24
 العرب اليوم -

"يوسف في الجُبّ ويعقوب أعمى": شعبُكِ، يا غزّةُ، مُتَّهَمٌ بالإيمان

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - "يوسف في الجُبّ ويعقوب أعمى": شعبُكِ، يا غزّةُ، مُتَّهَمٌ بالإيمان

جانب من الأحداث في قطاع غزة
بقلم : الشاعر عمر شبلي

ماذا أفعلْ!!
في الجُبِّ أنا، وأبي أعمى.
والجُبُّ بغزَّةَ كانْ،
وستعرفُهُ، هذا زمنُ الطوفانْ
ماذا أفعل!!
أتَحَيَّنُ ريحاً تعبرُ حتّى أسألَها
عن آخر ثوبٍ كان على جسدي،
أخذوه بلا إذْنٍ منّي معهم، وأنا عُريانْ.
والثوبُ صديقٌ حين يمزّقُهُ الإخوانْ
قد كان بريداً، يا أبتي،
ولسوفَ يدلُّكَ أينَ أنا
ودمي الموجودُ عليهِ العنوانْ
وأنا أدري أنّك أعمى، لكنْ
سَتَشُمُّ الثوبَ، وتعرفُ كم
قتلوني، يا أبتي،
صعبٌ أنْ تُقتَلَ أكثرَ من مَرّةْ
قد كنتُ أخاطبُهم بالقربى، يا أبتي،
لكنْ ما كانَ لهم آذانْ
                 *****
ماذا أفعلْ!!
والجُبُّ به بردٌ، وأنا ظمآنٌ رغمَ الماء
عُريانُ بلا ثوبٍ، أخذوا ثوبي
هذا زمنُ العُرْيِ الأخويِّ،
وتعرفُ، يا أبتي، أنّي ناديتُ،
ولكنْ هم بَعُدوا،
بعُدوا، بعُدوا، لكنّ دمي
ما زال يناديهم: عُودوا
لكنْ، ما كان لهمْ آذانْ
                *****
ماذا يعني أن يتركَكَ الإخوانُ بلا ثوبٍ،
ويصيرُ قميصُكَ خارطةً لبلادٍ يحكمُها الجيرانْ.
وأبي أعمى لن يُبصرَ فوق الثوبِ دمي،
لكنْ، هذا زمنُ الرؤيا،
والرؤيا، عند المظلومِ، لها صفةُ الرؤيةْ
ستراني، يا أبتي،
وستعرفُ أنَّ الجُبَّ بغزّةْ.
ودليلُكَ للجُبِّ الطوفانْ
طوفانُ الأقصى، يا أبتي،
فاحذرْ أن تخدعَكَ الألوانْ.
أبتي، لن تبقى أعمى
إنّ الطوفانَ له عينان
وستُدرِكُ أنّكَ وحدَكَ سوف تلمُّ دمَ ابنِكَ يوسف
في زمنٍ تتلوَّنُ فيه بالكذبِ القمصانْ،
والذئبُ بريئاً كان.
الذئبُ يجوعُ، ولكنْ إنْ أُتْخِمَ لا يهجمْ.
أمّا الإنسانُ فيَغدرُ جَوعانَ ومُتْخمْ
كم ذئبٍ أبرأُ من إنسان.
قتلوني، يا أبتي،
وضعيفاً كنتُ أمامَ نواجذِهمْ،
والحقدُ نواجذُهُ أقسى من حَدِّ سِنانْ
ما أسْوَأَ أن يطغى الشيطانُ على أبناءِ نبيٍّ
قد ذُكِروا في القرآنْ.
ما أصعبَ أن يتبَرَّأَ ذئبٌ أكثرَ من إنسانْ
                 *****
ظمآناً كنتُ، وعرشِي كان على الماء،
ماءٌ، لا أملكُ منه سوى ظمئي.
والماءُ بقسوتِه في الجُبّْ:  
يعني أنّي ما زلتُ من الأحياءْ.
والماءُ لهُ صفةٌ، لا تبرحُهُ في الحرب،
ولا في السلمْ
يَتَجَنَّبُ أفواهَ الضعفاء
حتى لوكان الظمآنُ ابنَ نبي.
ظلمتك الرؤيا يا يوسف
إنّ السيّارةَ لم تمنحْك سوى
أنْ تُصبحَ بعضَ بضاعتها.
سخِرَ السيّارةُ من دمه،
وشرَوْهُ رغمَ وضوح الرؤيا فيه
بدراهمَ معدوداتْ.
ظلمتْكَ الرؤيا ثانيةً بالسجنِ،
لأنّكَ لم تهبطْ،
ثمنُ الرؤيا أغلى من ثغرِ زليخا، يا يوسف
لا بدَّ من الجُبْ،
لا بدّ من السجنْ.
                   *****
يا يوسفُ، أعرضْ عن هذا،
فالرؤيا الآنَ هي الطوفانْ،
والجبُّ طريقاً كانْ.
           *****
يا هذا الباقي وحدَكَ في دمِنا
فلْتَبْقَ فلسطينيّاً حتى الموت.
لو أنت حضرتَ المؤتمرَ العربيَّ الإسلامي
لرأيْت الدمْ
البعضُ يُمَسِّحُ ما قد ظلَّ على أطرافِ شواربِهِ
من دم،
ويُنَسِّقُ عنكَ مع القاتلْ
والبعضُ الآخرُ متخومٌ يَتَبَعَّجُ بالأشلاء.
لا يقدرُ أن يحكي.
وقميصُك، يا ولدي،
غَسِّلْهُ بماء الجبّْ
وبماءِ الطوفانْ،
وامْسحْهُ من رِجْسِ الإخوان.
في غزّةَ نبدأ من دمِنا.
شعبُكِ، يا غزّةُ، مُتَّهمٌ بالإيمانْ
ما أروعَ هذي التهمةَ، يا غزّةْ.
الشاعر القومي العربي عمر شبلي
 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوسف في الجُبّ ويعقوب أعمى شعبُكِ، يا غزّةُ، مُتَّهَمٌ بالإيمان يوسف في الجُبّ ويعقوب أعمى شعبُكِ، يا غزّةُ، مُتَّهَمٌ بالإيمان



GMT 09:21 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

أزمة الصمت

GMT 09:10 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

لا ترجعي...! :

GMT 14:17 2021 الثلاثاء ,11 أيار / مايو

عربيٌّ أنتَ

GMT 19:14 2021 الجمعة ,23 إبريل / نيسان

لم تبدأ الحكاية بعد وطن وقصيدة قديمة

GMT 19:12 2021 الجمعة ,23 إبريل / نيسان

ما أجهلكـ

أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 16:11 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"
 العرب اليوم - أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 05:22 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

تحالفاتُ متحركة

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 04:01 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6 درجات يضرب تايوان ويخلف 15 مصابا

GMT 13:20 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

كريم عبد العزيز يتّخذ قراره الأول في العام الجديد

GMT 13:09 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

بعد 22 عاما محمد سعد يكشف سرّاً عن فيلم "اللي بالي بالك"

GMT 13:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

محمد منير يواصل التحضير لأعماله الفنية في أحدث ظهور له

GMT 08:47 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

جائزة هنا.. وخسارة هناك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab