باريس - العرب اليوم
تباينت آراء المحللين والمراقبين بعد قرار فرنسا خفض التأشيرات الممنوحة لكل من المغرب والجزائر وتونس، حيث اعتبره البعض قرارا تقنيا للضغط على هذه الدول، فيما وصفه آخرون بـ"الورقة الانتخابية". وقرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الثلاثاء، خفض عدد التأشيرات الممنوحة لمواطني المغرب والجزائر إلى النصف وبنسبة 30 في المئة لتونس. وعبر المتحدث باسم الحكومة غبريال أتال في مقابلة مع "راديو أوروبا1": "هو قرار صارم، غير مسبوق، لكنه كان ضروريًا لأن هذه الدول لا تقبل باستعادة رعايا لا نريدهم ولا يمكننا الاحتفاظ بهم في فرنسا"، هكذا
ويؤكد المتحدث باسم الحكومة أن القرار كان قيد الإعداد لعدة أسابيع، كما أن وزير الداخلية جيرالد دارمانين زار المغرب وتونس والجزائر في الأشهر الأخيرة للدفع بالموضوع قدما. وقال إن الهدف من هذا التخفيض الكبير في التأشيرات هو "دفع الدول المعنية لتغيير سياستها والموافقة على إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لعودة المهاجرين غير الشرعيين المتواجدين على الأراضي الفرنسية". ووفقًا للمعلومات الواردة من "أوروبا 1"، فإنه خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2020، تم إصدار حوالي 63.000 تأشيرة من أصل 96.000 طلبًا.
وفي نفس الفترة من عام 2021، وافقت فرنسا على أكثر من طلبين من أصل ثلاثة طلبات قدمتها الجزائر. "لذلك طلب إيمانويل ماكرون من الخدمات القنصلية في كاي دورساي إصدار 31.500 تأشيرة بحد أقصى للأشهر الستة المقبلة، أي خفضها إلى النصف". ولتبرير القرار، قدمت وزارة الداخلية الفرنسية أرقاما تفيد بمدى الصعوبات التي تواجهها فرنسا لإعادة المهاجرين إلى بلدانهم الأم، نظرا لعدم توفرهم على تصريح قنصلية البلد التابعين له، وهي وثيقة لا يمكن تنفيذ الطرد بدونها. بالنسبة الجزائر، بين يناير ويوليو 2021، أمر القضاء الفرنسي بمغادرة 7731 شخص من الأراضي الفرنسية في حين عاد 22 فقط إلى ديارهم. وفيما يتعلق بالمغرب، فقد تلقى 3301 شخصا أمرا بالمغادرة ولم يتم طرد سوى 80 منهم. أما تونس، فقد أعادت 131 من أصل 3424 مهاجرا غير شرعي.
اعتبر وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة في ندوة صحفية، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن القرار الفرنسي "غير مبرر، لأن القنصليات المغربية قدمت خلال الثمانية أشهر الماضية، حوالي 400 وثيقة لأشخاص في وضعية غير قانونية وبالتالي فالاعتماد على هذا المعيار غير مناسب". ويضيف الديبلوماسي المغربي: "المشكل فرنسي-فرنسي، لأن عودة أي مواطن مغربي إلى المغرب، يعتمد على شرطين، الأول هو وثيقة تثبت أن الشخص مغربي أي الجواز أو وثيقة المرور. وبحكم جائحة كورونا، المغرب وضع من بين الشروط أيضاً تقديم اختبار الكشف عن فيروس كورونا. وإذا كانت القوانين الفرنسية لا تسمح للسلطات أن تلزم على شخص أن يخضع لاختبار الكشف عن فيروس كورونا فهو ليس مشكل المغرب وإنما مشكل فرنسي. لا يمكن لفرنسا أن تفرض على المغرب استقبال الأشخاص دون توفر هذه الشروط".
ويختم حديثه بأن "قرار تدبير التأشيرات سيادي، لكن الأسباب المذكورة وراءه، يجب أن تدقق وتناقش لأنها لا تعكس حقيقة التعاون القنصلي المهم، والمقاربة القائمة على المسؤولية والتي يتعامل بها المغرب". وفي الجانب التونسي، قال مكتب الرئيس التونسي قيس سعيد في بيان: "نحن من بين الدول التي نتعاون مع فرنسا في هذا المجال، ولدينا علاقات ممتازة مع فرنسا". وأمام توالي ردود الفعل حول القرار، قال مؤسس جمعية "يوتوبيا 56"، يان مانزي في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية": "إن هذا ليس قرارا وليد الصدفة، والدليل هو ظروف استقبال المهاجرين غير الشرعيين المهينة خلال السنوات العشر الأخيرة، معظمهم يفترشون الشارع أو يعيشون في مخيمات. فرنسا تريد أن تمرر رسالة للمهاجرين مفادها أنها لم تعد أرض استقبال، وذلك عبر سن أنظمة تكبح الهجرة وتؤكد على أن واقعا أسودا في انتظار المهاجرين وطالبي اللجوء. وتضرب عرض الحائط كل القوانين التي تم التصويت عليها خلال السنوات الماضية".
من جانبه، يرى المحلل السياسي، ستيفان زومستينغ ، أن القرار من جهة هو إداري، إذ أن فرنسا تشتكي منذ سنوات من وضع المهاجرين غير النظاميين للدول الثلاث، بالإضافة لمالي وإفريقيا جنوب الصحراء، وتحاول حل الملف عبر طرق ديبلوماسية باءت بالفشل، فاختارت اليوم الضغط بورقة التأشيرات". ويضيف: "لكن هذا لا ينفي أن القرار يمكن أن يدخل في إطار "الاستعراض الانتخابي" لماكرون، ويوضح أن "الرئيس الفرنسي يحاول استمالة الرأي العام عبر هذه القرارات وجلب أصوات اليمين لصالحه، خصوصا أن اليمين المتطرف أصبح يلعب بورقة الهجرة في الأيام الأخيرة ويلح على أنها خطر يجب مواجهته".
يشار إلى أن هذا الإعلان يأتي في الوقت الذي تقدمت فيه مرشحة الحزب الجمهوري مارين لوبان، بمسودة استفتاء حول الهجرة بعد ظهر الثلاثاء.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك