شارلز بوكوفسكي يحطم النوع الأدبي بـأدب رخيص
آخر تحديث GMT10:59:15
 العرب اليوم -

شارلز بوكوفسكي يحطم النوع الأدبي بـ"أدب رخيص"

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - شارلز بوكوفسكي يحطم النوع الأدبي بـ"أدب رخيص"

بوكوفسكي يحطم النوع الأدبي بـ"أدب رخيص"
نيويورك - ارم

مثل تشارلز بوكوفسكي (توفي عام 1994) واحدا من أهم الأصوات الغاضبة في المشهد الأدبي الأميركي، رغم عدم انتمائه لتلك الحركات الأدبية والثقافية المتمردة مثل "جيل البيت"، بل كان حالة تمرد خاصة ترتقي إلى مستوى ظاهرة هدامة للأدب الكلاسيكي.
ظل هذا الكاتب يحقق نجوميته حتى وهو ميت بين الشباب الغاضبين في العالم، ولعل هناك علاقة بين تزامن تهاطل ترجماته عربيا هذه السنوات بما حدث في المنطقة من ثورات وإحباطات وانتكاسات، وكأن المشهد الثقافي العربي يلوذ بالترجمة للبحث عن صوت يمثل تلك الأحاسيس الغاضبة التي عادة ما نعرفها بعد الثورات في العالم، حالة من الانفلات الفني تهشم فيها التقاليد الفكرية والفنية لتبنى أشكالا جديدة تؤسس لرؤية ثقافية جديدة.

تُرجم لبوكوفسكي حتى الآن بعض الشعر وثلاث روايات "مكتب بريد" و"نساء" و"أدب رخيص" ومجموعتان قصصيتان "أجمل نساء المدينة" و"جنوب بلا شمال"، ومن الغريب أن مترجمي بوكوفسكي للعربية أغلبهم نساء وأبرزهن الفلسطينية ريم غنايم والسوريتان أماني لازار وإيمان حرز الله.

"أدب رخيص" هي آخر ما ظهر لبوكوفسكي عربيا بترجمة إيمان حرز الله وتقديم ومراجعة ريم غنايم عن دار الجمل.

الرواية المأزق
ظل النقاد يجمعون على أن "أدب رخيص" هو أضعف روايات بوكوفسكي على الإطلاق. والحق أن المتأمل في المسار الإبداعي لبوكوفسكي يلاحظ بلا عناء أنها من آخر منشوراته، وهذا ما يجعلنا نتساءل عن مدى صدقية هذا الحكم على هذا العمل.

فقد أنصفت الكثير من الأعمال العالمية بعد قرون من ظهورها بعد أن وصفت بالرداءة في زمنها، ولنا على ذلك أمثلة لا تعد ولا تحصى، فالذائقة تتبدل والتقييمات تتغير وحركات الفن والأدب تكسب مشروعيتها من رؤية صانعيها. وهذا ما يدعو للتريث في قراءة عمل بوكوفسكي الذي يبدأ مخاتله منذ العنوان، فكيف لكاتب أن يصف كتابه بـ"الأدب الرخيص"؟

إن قراءة العمل السردي في ضوء ما يشي به العنوان وما تشي به تلك العتبة النصية يضيء لنا منهجا للقراءة. فالكاتب يهدي عمله بهذه العبارة "هذا العمل إهداء للكتابة السيئة"، ويمكن ترجمتها أيضا "هذا الكتاب مهدى للكتابة الرديئة"، وكلمة رديئة هنا لا يمكن أن نأخذها على محاملها التقليدية من كاتب غير تقليدي أسس لما تعرف بجمالية الرداءة في الكتابة، وهي شعرية الهتك.

ولا يقتصر الهتك هنا على المعاني، فثورة بوكوفسكي لا تستهدف الأخلاق التقليدية الأميركية، لكنها ثورة ضد المؤسسة الأدبية ذاتها من خلال ما يمكن تسميته "إحراج النوع" أي إكراه النوع الأدبي وتحويل وجهته، وهذا هو ما يمكن رصده في "أدب رخيص".

إحراج النوع
تبدو الرواية من أدب التحرّي، وهو أدب تصنّفه المؤسسة النقدية بالمرتبة الثانية من الأدب وأحيانا تخرجه منه فيكتبه الكتّاب بأسماء مستعارة أحيانا كما فعل بول أستر قبل شهرته.

يأخذ بوكوفسكي هذا النوع قالبا ليكتب "أدب رخيص"، فبطلها محقق خاص يدعى نيكي بيلين الذي يذكر بميكي سيلين بطل روايات التحري الأميركية تتصل به امرأة تدعى السيدة موت لتطلب منه أن يأتي لها بالكاتب الفرنسي الشهير فردينالد سيلين (توفي 1961) وتدعي أنه بلغها أن شخصا يشبهه يتردد على مكتبة في كاليفورنيا، فالسيدة موت هي قابضة الأرواح ولا تذكر أنها أخذت معها سيلين.

ثم تتوالد الحبكات البوليسية من بعضها والمهمات التي تكلف بها السيدة موت التحري السيئ الحظ. هكذا نبدو أمام ما تسميه الناقدة ريم غنايم مترجمة بوكوفسكي بتهجير النص عن نموذجه التقليدي وإعادة صياغته وفق طبيعة المطبخ الأدبي للكاتب نفسه.

فنحن لسنا أمام رواية للتحري بالمفهوم التقليدي إنما أمام رواية بوكوفسكية تختبر أدب التحري كشكل من أشكال التجريب، وهذا تماما ما قام به الكاتب الأرجنتيني إرنستو ساباتو (1911-2011) في رواية "النفق"، وقد ولدت الرواية الحديثة في ظل هذه الفكرة وهي إعادة استعمال الشعبوي والسطحي لكتابة العميق والفلسفي.

وهكذا تنهض هذه الرواية في تفككها الظاهر مؤسسة لكتابة متمردة على الشكل بسخريتها اللاذعة لطرح أكثر القضايا عمقا: الموت والكتابة والحب والفن والجمال، وهنا يمكننا أن نفهم استدعاء سيلين محطم اللغة الأدبية الفرنسية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شارلز بوكوفسكي يحطم النوع الأدبي بـأدب رخيص شارلز بوكوفسكي يحطم النوع الأدبي بـأدب رخيص



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 01:27 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني
 العرب اليوم - ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني

GMT 07:45 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يطلق صواريخ من لبنان ويصيب 19 شخصًا في وسط إسرائيل
 العرب اليوم - حزب الله يطلق صواريخ من لبنان ويصيب 19 شخصًا في وسط إسرائيل

GMT 10:43 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ميس حمدان تتحدث عن تطور السينما السعودية
 العرب اليوم - ميس حمدان تتحدث عن تطور السينما السعودية

GMT 03:26 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

بلينكن يطلب من إسرائيل السماح باستئناف التلقيح لأطفال غزة

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 17:43 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

كندة علوش تكشف عن طريقة خروجها من الكآبة

GMT 03:47 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش الاحتلال يعلن إسقاط طائرة مسيرة قادمة من لبنان

GMT 00:13 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرة مجهولة المصدر تسقط في الأراضي الأردنية

GMT 00:06 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية جديدة على النبطية في لبنان

GMT 02:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع حصيلة قتلى فيضانات إسبانيا إلى 158

GMT 03:40 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يتبرع بمليون يورو لضحايا إعصار دانا في إسبانيا

GMT 01:37 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب جزر الكوريل الجنوبية

GMT 03:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 08:15 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يكشف سبب حذف أغانيه

GMT 20:15 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتخاب محمود المشهداني رئيسا للبرلمان العراقي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab