أنقرة - جلال فواز
يلتقي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء الرئيس فلاديمير بوتين في موسكو، وسط تحذيرات تركية لروسيا من تداعيات تعزيزاتها العسكرية على النزاع في سورية والجهود الرامية للتوصل إلى حل سياسي.
وأبلغ أردوغان في الثالث من آب/أغسطس الماضي مجموعة من الصحافيين، أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين بدأ يبدل موقفه من دعم الرئيس السوري بشار الأسد و"قد يتخلى عنه" في المستقبل، "انطباعه" ذاك خرج به من اجتماع ثنائي بينهما في العاصمة الاذرية باكو في حزيران/يونيو ومحادثات هاتفية لاحقة بينهما.
ويلتقي الرجلان للمرة الأولى مذذاك، وسورية ستكون بالطبع المحور الرئيسي للمحادثات بينهما، ولكن بين لقاء أذربيجان واللقاء المرتقب في موسكو تبدلت أمور كثيرة في سورية، انطباع أردوغان، وإن كان صحيحا في حينه، بددته التطورات، وواشنطن لم تعد تطالب برحيل الأسد "فورا"، أما الدول الأوروبية فتعدل الواحدة تلو الأخرى لهجتها حيال الرئيس السوري.
وفي المقابل، لا يزال موقف أنقرة على حاله، أردوغان الذي يحمل الأسد المسؤولية الأساسية عما يحصل في سورية، سيكون اليوم في مواجهة الرجل الذي أرسل ترسانة ضخمة للدفاع عنه.
لا شك في أن التحركات الروسية لدعم النظام السوري تعمق المأزق التركي في سورية، وتمثل انتكاسة جديدة للسياسة الخارجية التركية .
ودقّ رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، مهندس السياسة الخارجية لأنقرة، جرس الإنذار أول من أمس، واصفًا التعزيزات الروسية بأنها "خطيرة جدا"، في رأيه أن نقل الدعم الروسي للنظام السوري إلى الميدان "مقلق وخطير جدًا". وإذ لفت إلى أن أردوغان سيثير المسألة مع بوتين ، قال "إن شاء الله لن تتمسك روسيا بوسائل وطرق تزيد التوتر".
وتأتي زيارة أردوغان لموسكو بعد محادثات أجراها وزير الخارجية التركية فريدون سينيرلي أوغلو مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في سوتشي أبرزت مجددا الخلافات بين الجانبين في ما يتعلق بالرؤيتين المختلفتين لموسكو وأنقرة حيال دور الأسد في سورية.
وفي قراءة لـ"مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية"، ومقره أنقرة، أن الهدف المباشر الأول لموسكو هو إعادة تعويم الأسد الذي تراجعت في الفترة الأخيرة قدرته على الحفاظ على المراوحة التي يشهدها النزاع، والى توفير فرصة جديدة للنظام للنجاة في مواجهة فصائل مختلفة من المعارضة وليس "داعش" فحسب، توجه التعزيزات الروسية رسائل في أكثر من اتجاه، عن استعداد موسكو للدفاع عن حليفها من أي تدخل إقليمي أو دولي، وهذا الأمر يبدو واضحا في نقل أجهزة دفاع جوية إلى سورية وصواريخ "كروز" مضادة للسفن، إضافة إلى المناورات العسكرية التي أجرتها في شرق المتوسط، وتحديدا قرب طرطوس واللاذقية، وعرض العضلات البحري الأخير شمل سيناريوهات تحاكي "صد هجوم من الجو والدفاع عن الساحل".
وفي ما يعني تركيا خصوصًا، يرى الباحث في المركز جان كاسابوغلو إن المناورات الروسية الأخيرة قرب اللاذقية تنطوي على ثلاثة رسائل، الأولى هي أن روسيا لن تتساهل مع منطقة حظر طيران تطالب بها أنقرة خصوصًا، أو أية مناورات عسكرية ضد الحكومة السورية، والرسالة الثانية مفادها أنه وفي حال نشوء دولة علوية نتيجة الحرب السورية، فان موسكو مستعدة لمواصلة الدفاع عنها، أما الرسالة الثالثة فهي أن روسيا تعتبر أية عمليات جوية قرب المناطق التي يسيطر عليها النظام تهديدات محتملة.
بهذه المعايير، يمكن القول إن روسيا باتت تعتبر سورية فضاءها الاستراتيجي، الأمر الذي يمثل تحديا جديا لأنقرة، ويذكر الباحث في معهد "روسي" أرون شتاين بأن أنقرة أسقطت قبل أشهر طائرة إيرانية من دون طيار من طراز "شهد 129" فوق إدلب، متسائلا "كيف تتصرف موسكو إذا فعلت أنقرة ذلك مجددا".
إزاء هذا الوضع، يقول المحلل الدفاعي في "معهد واشنطن" جيفري وايت أن التعزيزات العسكرية الروسية قد تعزز التحالف الأميركي التركي في سورية، وقد تضطر تركيا إلى الاصطفاف إلى جانب الولايات المتحدة في سورية بهدف تجنّب أي احتكاك عسكري ضد روسيا على أرض المعركة.
وعاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من موسكو باتفاق على التنسيق لتجنب صدام فوق سورية، فبماذا يعود أردوغان الأربعاء.
وبموازاة الخلاف السوري، يتوقع أن يناقش الجانبان الروسي والتركي مشاريع اقتصادية، علمَا أن الجانبين لطالما تمكنا من إدارة نزاعاتهما على مصير الأسد وضم القرم، للعمل في ما يصب في مصلحة اقتصادي بلديهما.
ومن المتوقع أن يسعى الرئيسان إلى حل الخلافات بينهما على مشروع "تركيش ستريم"، وهو مشروع لأنابيب نقل الغاز الروسي الطبيعي إلى أوروبا عبر البحر الأسود وتركيا، وكانت أنقرة تريد البدء بالمشروع المؤلف من أربعة خطوط ، إلا أن خلافاً على الأسعار أعاق على ما يبدو انطلاق المشروع.
وعلى جدول أعمال الزيارة التي تستمر يومًا واحدا إعادة افتتاح مسجد الجمعة في موسكو، المسجد الذي يسمى أيضًا المسجد الكبير أعيد بناؤه ليتسع لعشرة آلاف مصل، ومن المتوقع أن يحضر الافتتاح أيضَا الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
أرسل تعليقك