أكد وزير في الحكومة الانتقالية الليبية التي يترأسها عبد الله الثني، أنَّ البريطانيين يحاولون إنقاذ جماعة "الإخوان المسلمين" وضمان إشراكهم في المشهد السياسي الليبي، مضيفًا إنَّ "هذا ما يسعى إليه السفير البريطاني في طرابلس مايكل آرون، عبر محاولته الأخيرة إقناع مجلس النواب الليبي، الذي يتخذ من مدينة طبرق بشرق البلاد مقرًا مؤقتًا له، بالإضافة إلى رئيس الحكومة عبد الله الثني، بإعادة تشكيل حكومة موسعة".
وأوضح الوزير الليبي الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، قائلًا "يبدو أن هناك اختلافا بين الموقفين الأميركي والأوروبي، والتفاوض على أساس رفع البرلمان والحكومة الغطاء عن الجيش، مقابل وضع ما يُسمى بعملية فجر ليبيا على لائحة المنظمات المتطرفة، مع مقترح إرسال قوات حفظ سلام لإنضاج العملية السياسية".
لكن الثني، وفقا لرواية الوزير الليبي في حديث إلى "الشرق الأوسط"، رفض هذه الاقتراحات، مما دفع جماعة ما يسمى بـ"فجر ليبيا" إلى إرسال وفد إلى الجامعة العربية لطلب اللقاء مع رموز معتدلة على حد وصفهم من النظام السابق، بغية التوصل معهم إلى تسوية يتجاوزون بها في تقديرهم شروط البرلمان المنتخب والجيش.
وتزامن هذا مع إعلان دبلوماسيين أنَّ الاتحاد الأوروبي قد يبحث فرض عقوبات جديدة على ليبيا، إذا رأى مبعوث الأمم المتحدة برناردينو ليون أنها ستساعد الجهود الرامية لإنهاء الأزمة السياسية هناك.
وأشار دبلوماسي إلى أنَّ احتمال فرض عقوبات إضافية أثير في مناقشات الاتحاد الأوروبي دون مناقشة التفاصيل، مضيفا، بحسب وكالة "رويترز"، "السؤال هو ما النقطة التي يصبح من المفيد عندها فرض عقوبات أداة لتحفيز الأطراف الليبية؟ عند النقطة التي يعتقد ليون أنها مفيدة تكون هناك مناقشة".
ومن المقرر أن يتم استئناف الجولة الثانية من الحوار الوطني الذي ترعاه الأمم المتحدة بين الفرقاء السياسيين في ليبيا، الثلاثاء المقبل في مدينة أوجلة التي تبعد نحو 400 كيلومتر إلى الجنوب عن مدينة بنغازي.
ميدانيًا، سعت ميليشيات "فجر ليبيا" و"درع مصراتة الثالث" إلى تحقيق انتصار عسكري في مواجهة الجيش الليبي للسيطرة على منطقة الهلال النفطي، أغنى مناطق ليبيا بالنفط، لكنها تعرضت لهزيمة عنيفة وتكبدت خسائر بشرية ومادية.
وأعلن قائد سلاح الجو الليبي العميد طيار صقر الجروشي، أنَّ "طائرات الجيش هاجمت مسلحي فجر ليبيا ودرع مصراتة الثالث باتجاه منطقة الهلال النفطي عبر 3 محاور، باتجاه مرفأ السدرة النفطي عبر الطريق الساحلي وطريق فرعي آخر خاص بمشروع النهر الصناعي، إضافة إلى طريق صحراوي آخر باتجاه بلدة تاقرفت".
وأضاف أنَّ "سلاح الجو نفذ العملية بدقة ونجاح وخلف لهذه القوات المهاجمة خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد والآليات"، موضحًا "إنَّ الاشتباكات اندلعت في منطقة بن جواد شرق مدينة سرت بين الجيش وهذه القوات التي كانت تتمركز في المدينة وتخطط لهذا الهجوم المباغت".
وصرّح مسؤول في قطاع النفط بأنَّ ميناءي رأس لانوف والسدرة، وهما من أكبر موانئ النفط في ليبيا بصادرات تتجاوز 300 ألف برميل يوميًا، يعملان بشكل طبيعي، مشيرًا إلى أنَّ فصيلًا من مصراتة، وهي مدينة ساحلية غرب سرت والميناءين، تقدم صوب رأس لانوف والسدر بعدد كبير من المركبات.
ونوّه الجروشي بأنَّ قواته قصفت المركبات لمنعها من دخول الميناءين، فيما ادعت قناة محلية في طرابلس أنَّ قوة تقول إنَّها مكلفة من المؤتمر الوطني العام، بدأت عملية للسيطرة على الميناءين، ونقلت عن قائد القوة، وأضافت أنَّ شخصين قُتلا في اشتباكات قرب ميناء السدرة.
لكن الجروشي بيّن في المقابل أنَّ "حالة النفير العام أعلنت في تلك المنطقة التي تتوافد عليها منذ ساعات القوات الحكومية وقوات حرس المنشآت النفطية، إضافة إلى سكان المنطقة"، لافتًا إلى أنَّ "هذه القوات ستصد أي هجوم آخر وتبيد من يشارك فيه".
من جهته، أفاد رئيس جهاز حرس المنشآت النفطية في منطقة الهلال النفطي إبراهيم الجضران، بأنَّ "الاشتباكات لا تزال مستمرة من خلال التعامل مع بعض جيوب المقاومة لهذه الأرتال التي تحاول التقدم باتجاه المنطقة"، وأضاف أنَّ "الجميع شحذ الهمم، وتمت مواجهتهم مواجهة باسلة، ولن يفكروا في التقدم مرة أخرى".
وكان المكتب الإعلامي لقوات فجر ليبيا قد أعلن في وقت سابق أمس السبت، عن بدء انطلاق ما سماه عملية تحرير الموانئ والحقول النفطية، مشيرًا إلى أنَّ قواته خاضت ما وصفه بمعارك ضارية شرق بن جواد.
وجماعة "فجر ليبيا" ائتلاف للمتشددين الذين ينحدر معظمهم من مدينة مصراتة، حيث سيطروا على العاصمة طرابلس منذ آب/ أغسطس الماضي، مما اضطر البرلمان والحكومة المعترف بهما من الأسرة الدولية إلى اللجوء إلى شرق البلاد.
ومنذ ذلك الحين، أعادت هذه الجماعة الحياة إلى البرلمان المنتهية ولايته، وأنشأت حكومة موازية، لم يلقيا أي اعترافات دولية، لكنهم يحاولون مرارًا وتكرارًا السيطرة على مختلف المواقع الحيوية والإنتاجية لليبيا.
ومنطقة الهلال النفطي تعطل الإنتاج فيها وتصدير النفط الخام لمدة عام قبل أن يُستأنف في يوليو الماضي، بعد اتفاق للحكومة مع الجضران الذي كون مجلسًا سياسيًا لإقليم برقة، وطالب بحكم ذاتي أوسع للإقليم الأغنى بالنفط.
وكان البرلمان السابق أصدر قرارًا في عام 2013 يقضي بمهاجمة قوات من مدينة مصراتة لمنطقة الهلال النفطي، وفك الحصار الذي فرضه الجضران ومجموعته بحجة وجود فساد، لكن الهجوم لم يتم رغم دعم قوات مصراتة بمختلف أنواع الأسلحة من قبل الجيش للتصدي لهذه المهمة.
أرسل تعليقك