شدَّد الرئيس السابق للمخابرات السعودية السفير السابق لدى لندن وواشنطن الأمير تركي الفيصل، أمس الأربعاء، على دور المملكة العربية السعودية الفعال إقليميًا بقوله "المملكة العربية السعودية هي التي قادت الحرب على "داعش" وتستمر بدعم الجيش السوري الحر، وهي التي دعت إلى زوال نظام نوري المالكي في العراق".
وأضاف الأمير الفيصل "لطالما كنا روادًا ولسنا أتباعًا"، في جلسة حوارية بعنوان "الشرق الأوسط في عام 2015: وجهة نظر خليجية" استضافها المعهد الملكي للعلاقات الدولية "تشاتام هاوس" في لندن، أدراها مدير المعهد الدكتور روبين نيبليت، بحضور باحثين وصحافيين ومهتمين بشؤون منطقة الشرق الأوسط.
وشارك الأمير خلال الجلسة آراءه بشؤون المنطقة، متحدثا عن الملف النووي الإيراني وقضايا المنطقة الإقليمية من الشأن اليمني والسوري والفلسطيني والعراقي، والدور الذي تلعبه المملكة العربية السعودية وسط النزاعات الدائرة في المنطقة.
وأكدَّ أنَّ علاقة الرياض مع واشنطن لا تزال متينة؛ على الرغم من أنَّ الأخيرة قللت من تدخلها في منطقة الشرق الأوسط، موضحًا "تعاني الولايات المتحدة من تفاوت بالمصداقية؛ ولتعديل ذلك، عليها العمل وليس القول، خصوصًا في سورية".
وقدَّم الفيصل 3 بنود لإنقاذ سورية من النزاع الدائر وهي "إعلان حظر الطيران فوق البلاد وعلى حدودها مع تركيا والأردن، وانتقال حكومة الائتلاف إلى سورية تحت حماية، وتسليمها الحكم رسميًا، وأخيرًا دعم الجيش السوري الحر"، مشيرًا إلى أنَّه "إذا تأكد للشعب السوري أنَّ العالم يدعم الجيش الحر، فسيقف هو خلفه أيضًا".
وأصرَّ الأمير الفيصل خلال الجلسة على استخدام لفظة "فاحش" لتسمية التنظيم المتطرف المعروف باسم "داعش"، داعيًا جميع وسائل الإعلام، وخصوصًا العربية منها، إلى اعتماد ذلك لأنَّ "التنظيم ليس دولة، ولا يمت إلى الإسلام بصلة"، مؤكدًا أنَّ "داعش" كان سببًا في توحيد قوى المنطقة والعالم لمحاربته؛ منوهًا بأنَّ التنظيم يعمل بطرق مختلفة وفي أماكن مختلفة.
وأكد حول الملف اليمني، أنَّ خارطة طريق اليمن وافق عليها مجلس الأمن الدولي، كما دعت المملكة جميع الأطراف إلى الحوار من خلال مبادرة خليجية في مقر مجلس التعاون الخليجي في الرياض، مضيفًا "مع أنَّ المتمردين الحوثيين وإيران رفضوا المبادرة، إلا أن المحادثات ستجري حسب اعتقادي بحضور الحوثيين أو بغيابهم".
وأفاد الفيصل بأنَّ المملكة العربية السعودية ومجلس الأمن يدعمان الرئيس عبد ربه منصور هادي اليمني بصفته القائد الشرعي لليمن قائلًا "علينا أن نكون مستعدين لدعم هادي بجميع الطرق؛ ماليًا وسياسيًا وحتى عسكريا لضمان شرعيته".
أما في الملف النووي الإيراني ومحادثات جنيف، أوضح "إنَّ أميركا وإيران تخوضان تقاربًا حميميا منذ حملة أوباما الانتخابية عام 2008، وإنَّ الجانبين متعطشان لإبرام اتفاق، ولذلك، فمن المرجح أن تتوصل الدولتان إلى اتفاق في المحادثات الحالية بشأن برنامج طهران النووي". وأضاف "سيكون لدينا اتفاق، ليس لدي فكرة كم سيكون جيدا أو سيئا لأننا لم نطلع على التفاصيل".
وبيَّن أن هناك بديلًا عن ذلك الاتفاق موجود على الطاولة منذ العام 1974، قدمته إيران بنفسها إلى مجلس الأمن، وحاول الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك إعادة طرح الاتفاق عام 1995.
وأبرز الفيصل بشأن العلاقات السعودية الإيرانية، أنَّ المملكة العربية السعودية حاولت باستمرار التواصل مع إيران حتى فترة حكم الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد؛ لبحث الشؤون العربية الإيرانية والانقسامات السنية الشيعية.
وأضاف إنَّ السعودية لن تمانع التنسيق مع إيران في حال غيرت طهران سياستها في المنطقة لتصبح لاعبًا إيجابيا وليس سلبيا كما هي الآن، وعلى ضوء ذلك، أكد أنَّ المملكة على استعداد لدعم العراق؛ ولكن "حكومة العبادي لم تطلب دعم المملكة وقد يكون تخوفا من استياء إيران".
ورجَّح الأمير السعودي بأنه من المستبعد أن تتدخل المملكة قريبًا في سوق النفط، حتى وإن طالت فترة انخفاض أسعار الخام عن المتوقع، مؤكدًا أنَّ هبوط الأسعار يؤثر على الجميع.
وبشأن الملف الفلسطيني الإسرائيلي وبعد فوز رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الانتخابات وبعد التصريحات التي أدلى بها، بأنه لن تكون هناك دولة فلسطينية إذا أعيد انتخابه قال الفيصل "إنَّ نتنياهو لطالما قاوم احتمالية بناء دولة فلسطينية، ولذلك لم تكن تصريحاته مفاجئة"، مضيفا "إنَّ المتطرفين يستغلون أفعال نتنياهو ومنهم الإسرائيليون اليمينيون لتبرير أفعالهم، وذلك لا يؤثر على الفلسطينيين فقط، بل على المنطقة بأكملها".
وأشار رئيس المخابرات السعودية السابق إلى أنَّ جميع مشاكل الشرق الأوسط ونزاعاته تنبع من السياسية المتبعة والقرارات السياسية، مفسرًا "سياسيات الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي هي التي أطاحت به، والسياسيات في ليبيا اليوم هي التي تمنع الوفاق بين الحكومتين".
أرسل تعليقك