التقى الرئيس التونسي الجديد الباجي قائد السبسي، مع سلفه الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي، الأربعاء، في القصر الرئاسي، في قرطاج، ليستلم قائد السبسي رسميًا منصبه، على أن يتم تنظيم حفل تنصيب رسمي للرئيس التونسي الجديد، في 14 كانون الثاني/يناير الجاري، بحضور رؤساء دول شقيقة وصديقة.
وأدّت تشكيلة شرفية من الجيوش الـ3، التحية على أنغام النشيد الوطني، للرئيس الجديد، قبل أن ينتظم موكب رسمي، تولى فيه الرئيس الجديد تسلم السلطة من الرئيس المنتهية ولايته، في أجواء احتفالية، طغت عليها الزغاريد وأصوات حوافر الخيول، التي رافقت وصوله إلى القصر الرئاسي.
وتعانق الرجلان أمام كاميرات التلفزيون، وبعدها غادر المرزوقي القصر الرئاسي، وبهذا أصبح قائد السبسي الرئيس المنتخب الأول، بصورة حرّة وديمقراطية في تاريخ تونس، منذ استقلالها عن فرنسا عام 1956.
وأقسم الباجي قائد السبسي (88 عامًا)، أثناء أداء اليمين الدستورية، الأربعاء، أمام مجلس النواب، على الحفاظ على استقلال تونس، وحماية سيادتها ووحدتها، واحترام الدستور، والسهر على حماية مصالحها، متعهدًا، بعد أداء القسم، بأن يكون رئيسًا لكل التونسيين والتونسيات، وضامنًا للوحدة الوطنية.
وأكّد أنه "لا مستقبل لتونس دون توافق بين الأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني"، مبرزًا أنّه "لا مستقبل لتونس دون مصالحة وطنية".
وأدى السبسي اليمين الدستورية في حفل بمجلس النواب، حضره عدد من السياسيين التونسيين والدبلوماسيين.
وانتظمت جلسة البرلمان بحضور رئيس الحكومة الموقتة مهدي جمعة، ورئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شفيق رصرصار، إلى جانب عدد من الشخصيات الأخرى من ضمنها الرؤساء والأمناء العموم للأحزاب الممثلة في البرلمان.
ووجه رئيس البرلمان محمد الناصر، الشكر إلى جمعة وصرصار، ونوه بمجهوداتهما في "إيصال تونس إلى بر الأمان في كنف الحياد والاستقلالية"، على حد تعبيره.
ودعا السبسي، أثناء الجلسة البرلمانية رئيس الحكومة التونسية القائمة مهدي جمعة، إلى "مواصلة مهامه إلى حين تشكيل حكومة جديدة".
وكلّف الرئيس التونسي، الناصر، وهو أيضًا رئيس الهيئة التأسيسية لحركة "نداء تونس" ونائب رئيس الحزب، بتقديم مرشح لرئاسة الحكومة خلفًا لجمعة.
يذكر أنَّ مؤسس ورئيس حزب "نداء تونس" الباجي قائد السبسي، فاز في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، بحصوله على 55.68% من الأصوات، على منافسه الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي (69 عامًا)، الذي حصل على 44.32% من أصوات الناخبين.
وبعد انتخابات "المجلس الوطني التأسيسي"، التي أجريت في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2011، وفازت فيها حركة النهضة الإسلامية، انتخب المجلس المرزوقي رئيسًا موقتًا للبلاد.
وكان قائد السبسي وزيرًا للداخلية والدفاع والخارجية في عهد بورقيبة، ثم رئيسًا للبرلمان من 1990 إلى 1991 في عهد الرئيس زين العابدين بن علي.
ويتطلع إليه أنصاره باعتباره الوحيد القادر على التصدي لـ"الإسلاميين"، في حين يتهمه معارضون بأنّه يسعى لإعادة رموز الحكم السابق، وبأنه لا يمثل تطلعات الشباب الذين قاموا بالثورة.
وأسس قائد السبسي، في 2012، حزب "نداء تونس" (يمين الوسط) بهدف خلق التوازن، على حد تعبيره، مع حركة "النهضة الإسلامية"، التي حكمت تونس حتى مطلع 2014.
وضمّ الحزب يساريين ونقابيين وأيضًا منتمين سابقين لحزب "التجمع" الحاكم في عهد الرئيس المخلوع بن علي.
وفاز الحزب في الانتخابات التشريعية، التي أجريت يوم 26 تشرين الأول الماضي، وحصل على 86 من إجمالي 217 مقعدًا في البرلمان، بينما حلّت حركة النهضة الثانية، بـ69 مقعدًا.
ولا يملك الحزب بمفرده الغالبية المطلقة، التي تتمثل في 109 مقاعد، وتؤهله لتشكيل الحكومة وحده، لذلك يتعين عليه الدخول في تحالفات مع أحزاب أخرى ممثلة في البرلمان.
ووفق نص الدستور التونسي الجديد، فإن لدى رئيس الجمهورية الجديد مدة أسبوع واحد لدعوة شخصية من الحزب الفائز بغالبية المقاعد البرلمانية، وهو حركة "نداء تونس"، الحزب الذي كان يرأسه، لتشكيل حكومة تخلف حكومة جمعة.
وقدّم الرئيس التونسي الجديد استقالته، الأربعاء، من رئاسة حركة نداء تونس للتفرغ لمهامه الرئاسية، إذ لا يخول الدستور التونسي الجديد الجمع بين رئاسة أحد الأحزاب السياسية ورئاسة الجمهورية.
وفي السياق نفسه، نشر المرزوقي رسالة، على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، موجهة إلى كاتب الدولة (وزير دولة) لدى وزير الاقتصاد، المكلف بأملاك الدولة والشؤون العقارية، تضمنت تنازلاً عن الهدايا.
وأبرز المرزوقي في رسالته "تلقيت عددًا من الهدايا الثمينة من رؤساء وملوك الدول الصديقة والشقيقة أثناء الزيارات التي أديتها إلى بلدانهم، أو استقبال وفود منها، وهي منقولات من مختلف الأنواع، أهديت إليّ شخصيًا، وإلى أفراد عائلتي".
وأضاف الرئيس المنتهية ولايته "أتنازل عن جميع المنقولات الواردة في القائمة الجاري ضبطها، بالتنسيق مع مصالحكم، التي سيتم توجيهها إليكم حال الانتهاء من إعدادها لفائدة الدولة التونسية".
وغادر الرئيس المرزوقي رسميًا، قصر قرطاج الرئاسي، بعد قرابة 3 أعوام، قضاها في الحكم.
يذكر أنّه وفقًا لأحكام قانون 27 أيلول/ سبتمبر 2005، في شأن المنافع المخولة لرؤساء الجمهورية بعد انتهاء مهامهم، وبانتهاء مهام المرزوقي، فإنه سيتمتع بأجر مدى الحياة، يعادل المنحة المخوّلة لرئيس الجمهورية المباشر، أي 30 ألف دينار شهريًا، نحو 18 ألف دولار، وبالامتيازات العينية التي يتمتع بها رئيس الجمهورية المباشر، لاسيّما محل سكني مؤثث، والأعوان المكلّفون بخدماته ومصاريف صيانته.
ويتمتع الرئيس المنتهية ولايته بالعناية الصحية الموجهة إليه وإلى قرينته وإلى أبنائه حتى بلوغهم سن الـ25 عامًا، ويعهد للإدارة العامة المكلّفة بأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية، مواصلة ضمان أمنه بعد انتهاء مهامه وكذلك أمن قرينته وأبنائه
أرسل تعليقك