وصف مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري القراءة الروسية للواقع بـ"الدقيقة"، لافتا إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جدد التأكيد في كلمته أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة على هذه القراءة عندما قال إنه لا يمكن التفكير بمحاربة التطرف دون التنسيق مع الجيش السوري الذي هو الوحيد القادر على محاربة التطرف.
وتساءل الجعفري في تصريح لقناة "روسيا اليوم" كيف يمكن تخيل محاربة الكيانات المتطرفة في سورية دون الجيش السوري والحكومة السورية والرئيس السوري، مبينا أن الجيش السوري هو المؤسسة العسكرية الوحيدة في المنطقة اليوم التي تأتمر بأمر رئيس شرعي وبحكومة موجودة وشرعية ولولا أن الغرب وبعض العرب وتركيا وإسرائيل يشغلون الجيش السوري على أكثر من 600 جبهة حربية، لكان هذا الجيش لوحده ودون تحالف دولي قادرا على إنهاء تنظيم "داعش" المتطرف خلال ثلاثة أشهر وليس ثلاثين عامًا كما قال الرئيس الأميركي باراك أوباما.
وجدد التأكيد على أن مكافحة التطرف هي الأولوية رقم 1 وهذا ما أقر به المجتمع الدولي، وأن مكافحة التطرف الذي تمرد على صانعيه هي أولوية الأولويات وقد وصل إلى أبواب أوروبا وأميركا نفسها واصفا المقاربة الروسية التي عبر عنها الرئيس بوتين بالشاملة والمسؤولة والواعية وبأنها تحليلية لموازين القوى المتعلقة بمسألة مكافحة التطرف.
وأوضح أن مكافحة التطرف لا تستدعي فقط إدانته، إنما تستدعي إدانة من يغذيه ويموله ويدربه ويحميه دبلوماسيا وسياسيا وأن هذا الكلام في معظمه ينطبق على بعض الدول العربية والإسلامية، مضيفا ن بين الدول العربية والإسلامية من هي معنية حكما قبل غيرها أن تكافح الإرهاب مكافحة قانونية سليمة وفقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وهناك اثنا عشر قرارا لمجلس الأمن حول مكافحة التطرف بكل تفاصيله تحريضا وتمويلا وتدريبا وغير ذلك وكلها معتمدة تحت الفصل السابع باستثناء القرار 1624، فلدينا ترسانة قانونية وسياسية جاهزة لمكافحة الإرهاب وكل ما هو مطلوب من الدول عربية أو إسلامية أو غيرها أن تطبق هذه القرارات.
وذكر أن النقطة الأخرى ذات الصلة التي تحدث عنها الرئيس بوتين هي أنه لا يكفي أن ندين التطرف إنما يجب أن ندين من يغذي ويحمي ويتستر عليه ويشتري من المتطرفين نفطا وغازا وآثارا سورية وعراقية تنتهي عبر وسطاء أتراك من بينهم ابن الرئيس التركي في أسواق النخاسة لبيع الآثار السورية والعراقية في لندن.
وعن الموقف من مشاركة دول تدعم التطرف في سورية كالسعودية وتركيا والأردن في التحالف الذي دعا إليه الرئيس بوتين، قال الجعفري إن التحالف الذي دعا إليه الرئيس بوتين لمكافحة التطرف موضوعي، لافتا إلى أنه لا يمكن أن يدخل في هذا التحالف إلا من يؤمن بأهدافه، فلا يمكن أن تدعو طرفا وهو منغمس في تسعير التطرف إذا لم يكن مؤمنا بضرورة الانضمام إلى تحالف موضوعي لمحاربة هذا التطرف، ومن المفترض أن تكون تركيا والسعودية والأردن طرفا عمليا في مسألة مكافحة التطرف بما أنه نحو 95 بالمائة من التطرف الذي يأتي إلى سورية والعراق يأتي عبرها.
واعتبر مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة انخراط هذه الدول في مسألة مكافحة التطرف مهما، وبيّن أن الأهم أن تقر بأن هناك نية وإرادة سياسية حقيقية بالانضمام إلى هذا التحالف الدولي الذي دعا إليه الرئيس بوتين فمكافحة التطرف يجب أن تكون شفافة وموضوعية وحقيقية وليست مجرد شعارات.
وردا على سؤال حول ما يصرح به خصوم سورية بشأن مغادرة الرئيس بشار الأسد السلطة قال الجعفري إن الرئيس الأسد رئيس منتخب ديمقراطياً من قبل شعبه ولا يحق لأوباما ولا لأولاند ولا لغيرهما أن يقول أي شيء حول شرعية الرئيس الاسد، هؤلاء الرؤساء إما لا يقرؤون ما يجري أو أنهم في واد ودبلوماسيتهم في آخر، كل قرارات مجلس الأمن تؤكد على وحدة سورية وسيادتها الترابية واستقلالها السياسي وعدم التدخل في شؤونها وبيان جنيف1 الذي يتشدقون به ليلا نهارا لا يأتي على ذكر الرئيس الأسد بل ذكر حكومة وحدة وطنية أو ما يسمونه بالهيئة الانتقالية فقراءتهم لبيان جنيف1 منقوصة وخاطئة ولا يفهمون ما يقولون.
وحول مساهمة دعوة روسيا لاجتماع مجلس الأمن على مستوى الوزراء لبحث تنسيق جهود مكافحة التطرف في تعزيز عمل المركز المعلوماتي المشترك الذي أعلن عنه أخيرًا بين روسيا وإيران والعراق وسورية، أكد الجعفري أن المركز المعلوماتي هيئة مهمة جدا لتنسيق التعاون وهو نقلة نوعية مهمة على مستوى المنطقة لمكافحة التطرف من دون انتظار الآخرين وهذه المبادرة تخدم فكرة إنشاء تحالف دولي لمكافحة الإرهاب وفتحت الباب أمام من يريد أن ينضم إلى هذا التنسيق الأمني وهذه المسألة تتقاطع مع الاجتماع الذي دعا إليه الوفد الروسي الدائم باعتباره رئيسا لمجلس الأمن لهذا الشهر لكي يكون موضوع النقاش الرئيسي هو مكافحة التطرف والحكومة السورية ستشارك فيه .
ولفت الجعفري إلى أن الرئيس الروسي صرح بشكل واضح تماما أن الشرعية الدولية هي الأساس، فلا يمكن القيام بمغامرات فاشلة خارج إطار قرارات مجلس الأمن ونحن ننضم لهذا الكلام كما ينبغي أن تطبق هذه القرارات على الجميع دون ازدواجية المعايير فمثلا يتم تسليط الأضواء على البرنامج النووي الإيراني ولا يتم تسليط الأضواء على البرنامج النووي الإسرائيلي علما أن لدى إسرائيل برنامجا نوويا منذ 40 أو 50 عامًا، وشاركت به الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ومازالتا مضيفا إن إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل يقتضي حكماً أن تطبق قرارات مجلس الأمن على إسرائيل.
وأشار الجعفري إلى وجود إستراتيجية كاملة لدى الأمم المتحدة لمحاربة التطرف اعتمدت عام 2006 ولا يطبق منها شيء على الإطلاق لأن هذه الإستراتيجية تقول حكما انه يجب أن يكون هناك تعاون بين الحكومات وليس استخدام التطرف كسلاح سياسي لتقويض حكومات.
وحول ما تعول عليه الحكومة السورية خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة قال الجعفري سورية من الدول المؤسسة للأمم المتحدة وكمنظمة دولية تستطيع أن تفعل أشياء مهمة لمساعدة الدول الأعضاء لكن هناك أشياء أخرى لا تستطيع أن تقوم بها لأسباب عدة فهناك الكثير من القضايا التي عجزت الأمم المتحدة عن التعامل ولم تقم بشيء بشأنها مثل الصراع العربي الإسرائيلي، القضية الفلسطينية، إعادة الجولان السوري المحتل إلى سورية وإعادة ما تبقى من أراض لبنانية محتلة إلى لبنان، مسألة قبرص، مسألة كشمير.
وأضاف الجعفري "كحكومة سورية نغتنم فرصة وجود الوفد السوري المشارك رفيع المستوى لكي نقوم بلقاءات ثنائية عديدة مع باقي ممثلي الدول الأعضاء ولنقل وجهة نظرنا ونستمع إلى وجهة نظر الآخرين بحيث نستطيع أن نوصل صوت شعبنا السوري إلى هذا المحفل الدولي المهم ..نأمل أن تكون الأمم المتحدة أصبحت فعلا منظمة ناضجة لحل النزاعات التي تعاني منها بعض الدول الأعضاء ومن بينها بلادي سورية ولكن لا نعول كثيرا على هذه القناة أو تلك، المهم أن نجلس مع بعضنا البعض ونتحاور كسوريين وطنيين شرفاء وكل مواطن مدعو لحماية وطنه وألا يعمل لصالح أجندة أجنبية".
أرسل تعليقك