عناصر من قولت الجيش اللبناني في طرابلس
بيروت ـ جورج شاهين
قررت قيادة الجيش اللبناني، الثلاثاء، تعزيز قواتها المنتشرة في طرابلس على خط التماس بين بعل محسن العلوية وباب التبانة السنية، حيث وصلت في التاسعة صباحًا وحدات من فوج المغاوير في الجيش إلى المدينة، لمساندة عناصر الجيش في بسط الأمن على محاور الاشتباكات، حيث يسود الهدوء الحذر بعدما بدأت
وحدات الجيش خطة جديدة للانتشار في المنطقة.
ووصف وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، مروان شربل، صباح الثلاثاء، الوضع الأمني شمالاً، بأنه أفضل مما كان عليه الإثنين، وحيا جهود الجيش اللبناني "الذي لقن المسلحين درسًا نتمنى ألا ينسوه"، موضحًا أن "المشكلة تكمن في عدم وجود قيادة ميدانية واحدة للمسلحين في طرابلس، وبخاصة في باب التبانة، وهم يتوزعون على أكثر من مجموعة مما يفرض واقعًا ميدانيًا أصعب".
وأكد شربل وجود سوريين في عداد قتلى المواجهات في الشمال، مُرجعًا السبب في ذلك إلى الإخفاق في التعامل مع مسألة اللاجئين السوريين، وعدم جمعهم في مخيمات لحصر المخلين بالأمن بينهم.
وشهدت ساعات فجر الثلاثاء ارتفاعًا في حدة الاشتباكات على أكثر من محور، حيث أُصيب كل من جمال عبدالله مراد وأحمد بلال المصري، فيما كانت حركة المرور شبه معدومة في مناطق التوتر منذ الصباح تحسبًا لتجدد القنص، وأُغلقت المدارس الرسمية والخاصة في طرابلس والبداوي، وكذلك الجامعة اللبنانية في القبة والمحال التجارية وأسواق الخضار والقمح والمحال الصناعية في مناطق الاشتباكات.
ودارت اشتباكات عنيفة بين الجيش ومسلّحين في شوارع: سورية والرحمة والحموي والقدور، أدّت إلى مقتل عنصرين في الجيش هما عمر الحاج عمر وعلي شحادة، وإصابة ضابط وخمسة عناصر برصاص القنص، بعدما تجددت الاشتباكات بين الجبل والتبانة واستخدمت خلالها القذائف الصاروخية والأسلحة الرشاشة، ونشُط القنص على محاور: السيدة، طلعة العمري، وسوق القمح، فأصيب عدد من المدنيين عُرف منهم: محمد الراعي، بلال سلمان القبو، صالح سالم يوسف، محمد خدوج، محمد زهرة، وبسام قاوقجي، فيما أفيد عن إصابة شخص من آل برغشي برصاص القنص، كما أُصيبت سيارة المسؤول الإعلامي في الحزب "العربي الديمقراطي" العلوي، عبداللطيف صالح، برصاصة طائشة على سقفها، إلا أن أحدًا لم يصب بأذى.
وأرخت الاشتباكات بظلالها على الدورة الاقتصادية في طرابلس، وانعدمت الحركة في أسواق: التلّ، الصاغة، الصابون، الراهبات، عزمي، نديم الجسر، قاديشا، المعرض، القمح، الجسر والخضار، فيما لم تفتح أبواب المحلات التجارية في كل من أسواق: الحديد، الدباغة، الملاحة، الحرج، الكندرجية، الخياطين، النحاسين، البازركان، العريض والكنائس، وأغلقت مدارس وجامعات أبوابها أمام الطلاب.
ودخلت وحدات الجيش من فوج "التدخل الرابع" و"اللواء الثامن" مناطق الاشتباكات، وانتشرت على الرغم من اتمرار عمليات القنص، ودهمت منازل مسلّحين في باب التبانة، فتعرّضت لإطلاق نار من مصادر مختلفة، واستهدف المسلحون ملالة بقذيفة "آر بي جي" في محيط جامع الناصري، مما أدى إلى وقوع ضحايا في صفوف الجيش، فيما ردّ الجيش على مصادر النيران بحزم وعزّز مواقعه، وسيّر دوريات راجلة ومؤللة، وأقام فوج "التدخل الرابع" حاجزًا أمام مجمع العزم الموازي لمستديرة أبو علي، لمنع السيارات من العبور حرصًا على سلامة العابرين من القنص، وأعادت وحدة من الجيش فتح الطريق الدولي الذي يربط طرابلس بعكار.
وأعلنت قيادة الجيش، أن الوحدات المنتشرة في مدينة طرابلس واصلت تنفيذ إجراءاتها الأمنية لإعادة الاستقرار إلى المناطق المتوترة، وقد تعرضت مراكزها في محلة باب التبانة والملولة لإطلاق نار كثيف من قبل مجموعات مسلحة، مما أدى إلى مقتل أحد العسكريين وإصابة ستة آخرين بجروح مختلفة إصابات بعضهم خطرة، فييما حذّرت من مغبة الاستمرار في التمادي بالاعتداء على المواطنين واستهداف مراكز الجيش، مؤكدة أنها ستتعامل بكل حزم وقوة مع مصادر إطلاق النار والمظاهر المسلحة كافة، وستلاحق العابثين بالأمن ميدانيًا وقانونيًا إلى أي جهة انتموا، ودعت المواطنين إلى التجاوب الكامل مع الإجراءات التي ستتخذها قوى الجيش تباعًا حفاظًا على أمنهم وسلامتهم.
كما جمدت قيادة الجيش مفعول تراخيص حمل الأسلحة (الصفة الخاصة والحيازة والإقتناء) ،في تدبير عسكري شمل مدينة مدينة طرابلس ومحيطها، اعتبارًا من 20 أيار/مايو الجاري وحتى إشعار آخر، واستثنت من ذلك الحائزين على تراخيص حمل الأسلحة بصفة دبلوماسية، ومرافقي الوزراء والنواب الحاليين والسابقين ورؤساء الأحزاب والطوائف الدينية عندما يكونون برفقة الشخصية فقط.
وفي إطار ردود الفعل، قال النائب محمد كبارة، إنه طلب من المسلحين وقادة المجموعات إخلاء الشوارع وترك معالجة الأمور للجيش اللبناني، مشددًا على ضرورة تهدئة النفوس، فيما رفض الربط بين ما يجري في القصير الورية وما يجري على الساحة الطرابلسية قائلاً "طرابلس ضد أي اقتتال أو فلتان أمني، لأن المدينة لم تعد تتحمل على مختلف الصعد، وأن هناك أيادي خفية تحاول العبث بأمن المدينة، لذا نحن مع إعطاء الغطاء الكامل للقوى الأمنية للقيام بواجباتها وضبط الأمن والتشدد ضد أي مخل بالأمن، ونطالب القوى الأمنية والجيش بالقيام بدورهم للحفاظ على أمن المدينة بالحزم والشدة مع كل الفرقاء وبالعدل".
وعقد نواب مدينة طرابلس اجتماعًا في منزل النائب كبارة، شارك فيه الوزير أحمد كرامي، ممثل وزير المال محمد الصفدي، أحمد الصفدي، والنواب: سمير الجسر، خالد الضاهر، وبدر ونوس، حيث أكدوا أن "الجيش يقوم بواجب فرض الأمن بالحزم المطلوب وبالعدالة المرجوة بوجه كل الأطراف، وضرورة بسط الأمن والاستقرار في كل أرجاء طرابلس، ورفضهم رفع أي سلاح في وجه القوة الشرعية، داعين الأهالي إلى التعاون الكامل مع الجيش والقوى الأمنية للحفاظ على أمنهم وأمن طرابلس ودحر المؤامرات التي تحاك ضدهم وضد المدينة.
وحمَل رئيس الحزب "العربي الديمقراطي"، رفعت عيد علي، من أسماهم "الجماعات التكفيرية"، وقال "ما يحصل حذرنا منه منذ 6 أشهر، حين قلنا عندما يدخل جيش النظام إلى القصير ستتحرك كل المجموعات السلفية المتطرفة والمجموعات التكفيرية في طرابلس، وفتحت المعركة باستشهاد شاب من عندنا وعندما طلب منا الجيش الهدوء إلتزمنا، أما المجموعات المتطرفة فهي تخوض المعركة ضدّ الجيش ومع كل شخص له الحرية بأن يكون غير ملتزم وغير تكفيري، ويحولون طرابلس إلى قنبلة متفجرة مع المشروع التكفيري والتضليلي ويدعون إلى الجهاد"، وتساءل: أين الدولة اللبنانية من هؤلاء؟.
أرسل تعليقك