أعلن وزير الداخلية الموريتاني أنَّ حكومة بلاده أجّلت الانتخابات الجزئية لمجلس الشيوخ الموريتاني (الغرفة العليا في البرلمان)، لفتح الباب أمام الحوار المرتقب.
ويأتي القرار في ظرفية تتجه فيها أطراف المشهد السياسي الموريتاني إلى فتح باب الحوار من جديد. إذ أبدت الأقطاب السياسية في البلد استعدادها للحوار، بانتظار قرار المنتدى الوطني للديمقراطية، الذي لم يتخذه بعد بسبب تجاذبات داخلية.
وينتظر قرار رئيس حزب "تكتل القوى الديمقراطية" أحمد ولد داداه، في شأن الحوار، بالتزامن مع حديث متزايد داخل الحزب يطالب برفض الحوار مع النظام.
وأكّدت مصادر داخل الحزب، في تصريح لـ"العرب اليوم"، أنّ "الحزب لا يمانع في دخول الحوار، لكنه يشترط بعض الضمانات لحوار جدي قد يفضي إلى نتائج حقيقية من شأنها المساهمة في تطوير المنظومة الديمقراطية في البلد".
وبيّن المصدر أنّ "أهم الشروط التي يتقدم بها الحزب تتمثل في إيجاد طرف دولي ضامن الحوار، والتأسيس على بنود حوار داكار، وتصريح الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بممتلكاته".
وأشار إلى أنها "الشروط التي أكدت جهات في الغالبية أنها أقرب إلى رفض الحوار، لاسيما الشرط المتعلق منها بطرف دولي ضامن لحوار داخلي".
واقترح رئيس حزب "التحالف الشعبي التقدمي"، ورئيس كتلة "أحزاب المعاهدة" المعارضة، مسعود ولد بلخير وثيقة للحوار بين المعارضة والنظام، تضمنت منهجية لسير الحوار، تتضمن أربع مراحل، الأولى منها تنص على ضرورة تعهد المعارضة بالتخلي عن المطالبة بإسقاط النظام عبر الطرق غير السلمية. ويتعهد رئيس الجمهورية بعدم المساس بعدد المأموريتين الرئاسيتين المحددة في الدستور. والامتناع عن الترشح لمأمورية ثالثة. وأن لا يدعم مرشحًا في الانتخابات الرئاسية المقبلة. فضلاً عن إعلان الجميع التزامهم بضرورة التعهد بتعديل اللجنة المستقلة للانتخابات، والمجلس الدستوري، وحياد الإدارة والجيش".
ونصّت المرحلة الثانية على أنّه "بعد التوصل إلى هذا الاتفاق الأولي يُـعين الطرفان من يمثلهما في متابعة وتعميق النقاشات بغية توقيع ورقة عمل توافقية، بعيدًا عن وسائل الإعلام".
أما المرحلة الثالثة "تنص الوثيقة على توقيع الورقة التوافقية خلال هذه المرحلة، وبعدها يقام حفل افتتاح رسمي، تدعى للمشاركة فيه الأطياف الأكثر مصداقية في المجتمع المدني؛ لتعميق النقاشات والوصول إلى اتفاق يرسي دعائم دولة حديثة موحدة ومستقرة".
وتضمنت المرحلة الرابعة والأخيرة من وثيقة ولد بلخير "تكوين ورشات عمل لتنظيم وتنفيذ الاتفاقات الختامية".
وفي المقابل، أكّدت الحكومة، في ردها على مقترح ولد بلخير للحوار، عبر رئيس الوزراء يحيى ولد حديمن، موافقتها على مناقشة كل القضايا التي أثارتها أحزاب المعارضة.
وأبدت الحكومة استعدادها لنقاش تغطية وسائل الإعلام العمومية لأنشطة المعارضة، وبناء الثقة بين السلطة والمعارضة، والعدول عن إقصاء الأطر ورجال الأعمال المنتمين للمعارضة ( إن وجدوا)، وإعادة النظر في تشكيل المجلس الدستوري، وتنظيم انتخابات بلدية وبرلمانية توافقية جديدة؛ وتأجيل انتخابات مجلس الشيوخ، وتعيين تشكيلة جديدة للجنة المستقلة للانتخابات، والتوافق على جدولة الانتخابات، فضلاً عن إجراء تعديلات دستورية لإلغاء تحديد السن القصوى للترشح لرئاسة الجمهورية، ومنع تدخل الجيش في الأنشطة السياسية، وتنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها، وتحديد سلطات الوزير الأول، والبرلمان.
وطرحت الحكومة للنقاش أيضًا "الوحدة الوطنية، والأمن العمومي والخارجي، والقانون والشفافية في تسيير الشأن العام، وحياد الإدارة، واستقلالية القضاء، وعلاقات الأحزاب الحاكمة مع الإدارة، فضلاً عن إعادة تعريف زعامة المعارضة".
من جهة أخرى، رفض عدد من نواب وعمد الغالبية الحاكمة مقترح الحوار، الذي يقضي بتنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها. وطالب النواب بضرورة رفض هذا المقترح، أو رفض الحوار. كما انتقد عدد من المترشحين لانتخابات مجلس الشيوخ قرار التأجيل ووصفوه بالقرار الخاطئ.
وكلف الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، رئيس الوزراء السابق، والأمين العام لرئاسة الجمهورية، مولاي ولد محمد لقظف، بملف الحوار. وقد بدأ ولد محمد لقظف قبل أيام التشاور مع جميع الأطراف في الغالبية والمعارضة.
بذكر أنّه شهدت موريتانيا في 2011 حوارًا سياسيًا بين الغالبية الرئاسية المدعمة، وبعض أحزاب المعارضة، ولم تفلح نتائجه في حل الأزمة السياسية المتصاعدة في البلد، منذ وصول الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إلى سدة الحكم في عام 2008.
أرسل تعليقك