صرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير علاء يوسف، بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي استعرض، خلال لقائه مع اتحاد الأعمال في سنغافورة الذي حضره مجموعة من أبرز رجال الاقتصاد الأعمال في سنغافورة، أوجه التعاون القائمة ما بين البلدين.
وأوضح يوسف، أنّ حديث رجال الأعمال السنغافوريين خلال اللقاء، تناول اهتمامهم بالعمل مع مصر خلال المرحلة المقبلة، ومنهم شركات تعمل فعلًا في مصر منهم شركة "أولام" أكبر مصدر للفواكه والخضروات المجمدة إلى أوروبا وأميركا، ولها مشروع كبير في منطقة الفيوم ويعمل فيها 2000 مصري في حجم استثمارات يصل إلى ١٠٠ مليون دولار.
وأضاف، أنّ رئيس الشركة في ستيفاتسان، أعرب عن رغبته في زيادة نشاطهم في مصر، وذكر رجال أعمال سنغافوريين أنّ مصر أكبر شريك تجاري لسنغافورة خلال عام ٢٠١٤، وأنهم يسعون إلى زيادة استثماراتهم خصوصًا في ضوء ما لمسوه من جدية الحكومة المصرية في تقديم التسهيلات اللازمة لجذب مزيد من الاستثمارات، وأيضًا في ضوء الفرص الواعدة التي لمسوها خصوصًا في مشروع تنمية قناة السويس.
وأبرز أنّ الرئيس السيسي ألقى كلمة خلال اللقاء، تناول فيها الإجراءات والقوانين الأخيرة التي تم إصدارها في مصر، وما بعد افتتاح قناة السويس الجديدة من مشاريع تشهدها هذه المنطقة من إنشاء ستة موانئ جديدة ومناطق صناعية وخدمات لوجيستية فضلًا عن المشاريع القومية الأخرى الجاري تنفيذها ومنها مشروع استصلاح ٥ر١مليون فدان وشبكة الطرق الجديدة.
كما تناول الرئيس الخطوات التي تتخذها الدولة لتسريع معدلات التنفيذ والعمل على جذب المزيد من الاستثمارات ورحب بالمستثمرين السنغافوريين لتنفيذ مشاريعهم في مصر، مؤكدًا استعداد الدولة لتذليل جميع العقبات أمامهم، موضحًا أنّ وزير الاستثمار أشرف سلمان استعرض أهم ما جاء في قانون الاستثمار الجديد وتسهيل إجراءات تسجيل الأعمال من خلال نظام الشباك الواحد، كما عرض رئيس هيئة قناة السويس الفريق مهاب مميش أهم المشاريع المقترحة في إطار مشروع تنمية القناة، مبيّنًا أنّ اللقاء حضره 20 من أبرز رجال المال والأعمال في سنغافورة.
والتقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، صباحًا، الرئيس السنغافوري توني تان، داخل مقر القصر الجمهوري، حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمي وتم استعراض حرس الشرف وعزف السلام الوطني للبلدين، وبيّن يوسف، أن الرئيس السنغافوري رحب بالرئيس، مشيرًا إلى أنّ هذه الزيارة تعد الأولى لرئيس مصري إلى بلاده، معتبرًا إياها في مثابة انطلاقة كبيرة للعلاقات بين البلدين.
ولفت إلى أنّ الرئيس السنغافوري لفت إلى أنّ الزيارة تتزامن مع احتفالات سنغافورة في "اليوبيل الذهبي" لإنشائها، منوهًا إلى أنّ مصر كانت من أوائل الدول التي اعترفت بسنغافورة وساعدتها على الانضمام لحركة "عدم الانحياز"، كما أنّ السفارة السنغافورية في القاهرة تعد أقدم بعثة دبلوماسية لسنغافورة على مستوى العالم، الأمر الذي يعكس عمق علاقات التعاون بين البلدين والشعبين الصديقين.
وأضاف، أنّ الرئيس السيسي، أعرب عن شكره وتقديره للرئيس السنغافوري، على حفاوة الاستقبال والأجواء الإيجابية التي تسود الزيارة، مبرزًا حكمة القرار المصري في المبادرة إلى الاعتراف بسنغافورة في ستينيات القرن الماضي، مشيدًا بالتطور والتقدم الذي تحرزه البلاد، ومتمنيًا للشعب السنغافوري مزيدًا من الرخاء.
وتابع، كما أشاد الرئيس بالمواقف السنغافورية الداعمة لإرادة الشعب المصري وخياراته الحرة، وأيضًا المشاركة الفاعلة لسنغافورة في مؤتمر "دعم وتنمية الاقتصاد المصري" في شرم الشيخ، وافتتاح قناة السويس الجديدة.
من جانبه، أشاد الرئيس السنغافوري بمشروع قناة السويس الجديدة وإنجازه في زمن قياسي خلال عام واحد فقط، الأمر الذي اعتبره دليلًا على قدرة الشعب المصري على العمل والإنجاز وأيضًا ثقته في حكمة القيادة السياسية المصرية، لافتًا إلى أنّ القناة الجديدة تُعد في حق هدية مصر إلى العالم نظرًا لدورها المحوري في تيسير حركة الملاحة الدولية.
وأردف، أنّ الرئيس المصري أشار إلى تطلع مصر للاستفادة من الخبرة السنغافورية في عدد من المجالات، ومن بينها تحلية ومعالجة المياه وتطوير الموانئ، موجهًا إلى أنّ المرحلة المقبلة تشهد عددًا من المشاريع التنموية التي ستنفذها مصر، ومن بينها مشروع التنمية في منطقة القناة التي تضم ستة موانئ، فضلًا عن تقديم الخدمات اللوجستية، وإنشاء عدد من المناطق الصناعية في البحر الأحمر ومنطقتيّ العين السخنة وشرق بورسعيد.
وزاد، أنّ الرئيس السيسي رحب بالاستثمارات السنغافورية في مختلف المشاريع المطروحة، حيث استعرض سيادته الإجراءات والتشريعات التي اتخذتها وأصدرتها مصر أخيرًا، من أجل جذب الاستثمارات وتهيئة المناخ المناسب لذلك، فيما أعرب الرئيس السنغافوري عن تطلع بلاده للعمل والاستثمار في مصر، منوهًا إلى أنّ لقاء الرئيس المقرر عقده مع رجال الأعمال السنغافوريين يُعد فرصة مناسبة للتعريف بالإجراءات التي اتخذتها مصر لجذب المزيد من الاستثمارات.
كما نبه الرئيس السنغافوري إلى خبرة بلاده في مجال إنشاء وإدارة الموانئ، وأيضًا في مجال تحلية ومعالجة المياه التي كانت تعتمد سنغافورة على دول الجوار لتوفيرها وأضحت الآن، تحقق اكتفاءً ذاتيا عبر التكنولوجيا الفائقة لتحلية ومعالجة المياه.
وعلى صعيد التعاون في مجال التعليم، أشاد الرئيس السنغافوري بالدور المحوري الذي ينفذه "الأزهر الشريف" في تعليم الطلبة السنغافوريين حيث يدرس فيه حاليًا، حوالي ثلاثمائة طالب سنغافوري، مثنيا على دور خريجي "الأزهر" السنغافوريين، وفي مقدمتهم مفتي سنغافورة، في التعريف بصحيح الدين الإسلامي ونشر قيم الاعتدال والوسطية والتسامح في المجتمع، الأمر الذي يساهم بفاعلية في مكافحة الفكر المتطرف ويحصن الشباب ضد خطر الانضمام إلى الجماعات والمتطرفة.
وفي سياق متصل، أشاد الرئيس السنغافوري بدعوة الرئيس السيسي إلى تصويب الخطاب الديني، مثنيا على موقف مصر القوي في مكافحة التطرف، وجهودها المبذولة من أجل دحره والقضاء عليه، بينما أكد الرئيس السيسي أهمية قيمة التعايش السلمي وضرورة التصدي بقوة وفاعلية للتطرف، أخذا في الاعتبار آثاره المدمرة فكريا واقتصاديًا.
كما شدد الرئيس على أنّ أعمال العنف والقتل والتخريب أبعد ما تكون عن قيم الإسلام السمحة النبيلة التي تحض على الرحمة والتسامح وقبول الآخر، معربًا عن استعداد مصر للتعاون مع سنغافورة في مجال تدريب وتأهيل الأئمة وعلماء الدين من خلال "الأزهر الشريف"؛ ليتمكنوا من توجيه الشباب نحو الاتجاه السليم والاستفادة من طاقاتهم في مختلف المجالات المفيدة للمجتمع.
وأعرب الرئيس السنغافوري في هذا الصدد، عن توافقه مع رؤية الرئيس السيسي في شأن مكافحة التطرف، وأهمية التعايش السلمي، منوهًا إلى أنّ بلاده تستوعب عددًا من الديانات والثقافات، وتحرص على التعاون وتحقيق التوافق المجتمعي، موضحًا في هذا الشأن، أهمية الدور الذي ينفذه مركز "الوئام الدين"ي الذي زاره الرئيس السيسي، الأحد.
وأضاف أنّ مكافحة التطرف، يتعين أن تتم من خلال استراتيجية شاملة لا تقتصر على الجوانب الأمنية فقط؛ بل تمتد لتشمل أيضًا الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، وإعادة تأهيل المجتمع ليغدو أكثر تسامحا، مشددًا على أهمية تعزيز التعاون والتواصل بين المؤسسات السنغافورية ونظيراتها المصرية في مختلف المجالات.
ووجّه الرئيس السيسي الدعوة إلى الرئيس السنغافوري لزيارة مصر، الأمر الذي رحب به معربًا عن تطلعه لإتمام الزيارة للتعرف عن قرب على التجربة المصرية والإطلاع على التقدم الذي حققته مصر خلال العام الأخير، ولاسيما على الصعيد الاقتصادي، فيما أشاد الرئيس بفضل حكمة الزعيم التاريخي لسنغافورة لي كوان يو والد رئيس الوزراء الحالي، واهتمامه في التصنيع كعنصر ضروري لعملية التنمية الشاملة، فضلًا عن حرصه على عدم الاِعتماد على المُساعدات الخارجية وتأكيده على الاستثمارات الوطنية.
وأبدى رئيس الوزراء، عميق امتنانه لإشادة الرئيس السيسي، مبيّنًا اعتزاز بلاده بالدور التاريخي الذي نفذته مصر للاعتراف باستقلال سنغافورة وعلاقات الصداقة الوطيدة التي جمعت بين الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والزعيم السنغافوري لي كوان يو.
وأعرب الرئيس السيسي عن تطلعه لترجمة العلاقات التاريخية بين البلدين إلى خطوات عملية جادة للتعاون والعمل المشترك في عدد من المجالات ذات الأهمية الحيوية، منوهًا إلى أنّ مصر ترغب في تعميق تعاونها مع سنغافورة في مجال التعليم العام والفني والارتقاء بجودة التعليم الذي يتلقاه حواليّ 22 مليون طالب مصري.
وأشار رئيس وزراء سنغافورة إلى توافق البلدين في الرؤى سواء إزاء سبل إدارة العلاقات الثنائية أو فيما يتعلق بالقضايا الدوية ذات الاهتمام المشترك، وفي هذا الإطار، أكد رئيس الوزراء السنغافوري على دعم وتأييد بلاده لحصول مصر على العضوية غير الدائمة لمجلس الأمن لعاميّ 2016/2017.
ونوّه رئيس الوزراء إلى أهمية الاستثمار في الكوادر البشرية عبر التعليم والتدريب الجيد، مستعرضا تجربة بلاده في هذا الصدد ومشيرًا إلى معهد "التدريب الفني" في سنغافورة ودوره في تخريج العمالة الماهرة، بينما أشار الرئيس السيسي إلى أنّه في إطار فعاليات زيارته إلى سنغافورة سيزور المسؤولين لمصريين المعنيين المعهد للتعرف على الخبرة السنغافورية في هذا الصدد.
هذا، وكان الرئيس السيسي استهل، اليوم الثاني لنشاطه في سنغافورة في زيارةٍ لحديقة النباتات التي تقع على مساحة 74 هكتارا وتُصنَف كثالث حديقة للنباتات على مستوى العالم، وأبرز السفير علاء يوسف، أنه تم إجراء مراسم تسمية إحدى زهور "الأوركيد" باِسم الرئيس كتقليد تتبعه سنغافورة، حيث تسمي زهور الأوركيد بأسماء رؤساء الدول وكبار الشخصيات الدولية الزائرة لسنغافورة.
واستكمل، أنّ الرئيس أعرب عن خالص تقديره وامتنانه لهذه اللفتة الكريمة التي تعكس عمق العلاقات المتميزة التي تجمع بين البلدين والشعبين الصديقين، مشيدا بهذا التقليد الحضاري الذي يدلل على رقي سنغافورة وشعبها ويأتي متسقا مع اهتمامها بالبيئة، كما تم إهداء الرئيس كُتَيبا عن حديقة النباتات احتفالًا لمناسبة مرور 150 عامًا على إنشائها.
أرسل تعليقك