كشفت شبكة تلفزيون أميركية، أن السعودية خصصت 3 بلايين دولار لتعزيز أمنها على الحدود الجنوبية مع اليمن، خصوصًا بعدما تزايدت الدلائل على أن اليمن مقبل على مصير مظلم بعد انقلاب الحوثيين على الشرعية والدستور.
ويضاف للمخاوف الأمنية، إحباط حرس الحدود السعودي يوميًا محاولات لتهريب كميات ضخمة من المواد المخدرة للمملكة، علاوة على تهريب العمالة المخالفة، بمن فيها أطفال دون سن البلوغ.
وذكر تقرير لمراسل "سي إن إن" نك روبرتسون من جازان جنوب السعودية، أن استيلاء الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء دفع باليمن قريبًا من وضع "الدولة الفاشلة"، كما أتاح لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب تشبثًا أقوى بمعاقله في تلك البلاد.
وأشار إلى محاولة "القاعدة" اغتيال وزير الداخلية السعودية الحالي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز في تفجير انتحاري في قصره في جدة عام 2009، مما أسفر عن مقتل الانتحاري وإصابة مساعد الوزير آنذاك بجروح طفيفة.
وبرع شقيق الانتحاري المشار إليه، وهو صانع قنابل "القاعدة" السعودي إبراهيم العسيري، في صنع القنبلة "السروالية" في تلك المحاولة التي أودت بشقيقه في صالون الاستقبال في منزل الأمير محمد بن نايف.
وكاد ينجح بها في نسف طائرة ركاب أميركية فوق مطار ديترويت يوم عيد الميلاد في عام 2009.
وعلى رغم حملات مكثفة تشنها طائرات "الدرون" الأميركية التي تطير بلا طيار، إلا أن العسيري لا يزال على قيد الحياة، ويظل يمثل تهديدًا خطرًا لأمن العالم. وأوضحت الشبكة الأميركية أنه لا شك في أن تنظيم "القاعدة" في اليمن سيستغل أية فرصة تسنح لتصدير التطرف إلى الجارة الشمالية لليمن، وهي السعودية ليستهدف بهجماته قادة المملكة.
ومن النادر أن تشهد الحدود الجنوبية السعودية إطلاق نار، إلا أن مرافق روبرتسون العقيد عمر القحطاني أوضح أن مقاتلين تابعين لتنظيم "داعش" نجحوا في تخطي الدفاعات ليقتلوا ثلاثة رجال أمن سعوديين بينهم قائدهم.
واعتبر روبرتسون أن مشاهد تلك الهجمة تمثل تذكيرًا قويًا للعالم بأن السعودية – التي تعد أكبر شركاء الغرب في محاربة الجماعات المتطرفة – محاطة بأعداء عاقدين العزم على مهاجمتها.
وعرض التقرير مشاهد لقرية سعودية كانت مزدهرة، لكنها تعرضت للتدمير إثر تسلل قام به الحوثيون قبل ستة أعوام.
واضطرت السلطات السعودية إلى ترحيل سكانها إلى مكان آخر ليكونوا بمأمن من المتسللين الذين لا تعرف قلوبهم رحمة.
وتتميز تضاريس المنطقة الحدودية بين السعودية واليمن بالوعورة الصخرية، على رغم خضرة جبالها وجمال مناظرها الطبيعية.
وعلى سفوح تلك الجبال أقامت السلطات السعودية نقاط تفتيش محصنة جيدًا، وعزّزتها بأبراج مراقبة مزوّدة بكاميرات حرارية، بجانب كاميرات مزوّدة بعدسات شديدة التقريب، تراقب كيلومترًا بعد الآخر، وطبقة فوق طبقة من الأسلاك الشائكة. وأفاد روبرتسون: "لم تكن لدي أدنى فكرة أن عددًا كبيرًا من الأشخاص وكميات ضخمة من المواد المخدرة يعبرون هذه الحدود كل يوم".
وأضاف أنه شاهد توقيف رجلين، ثم ما لبثت السلطات السعودية أن احتجزت عشرات الأشخاص ممن أوقفتهم يحاولون التسلل، ومنهم صبي في الـ11 من عمره، قال إنه كان يعمل في متجر في جازان.
وجميع اليمنيين المحتجزين على الحدود السعودية يرددون المبررات والحكايات نفسها: الفقر، والفوضى المتفاقمة في اليمن، واستيلاء الحوثيين على الحكم في بلادهم. ويقولون إن المغامرة بالسجن في السعودية أرحم من الفقر المؤكد في وطنهم.
وأكد المرافق الحكومي لمراسل "سي إن إن" أن المتسللين سينقلون إلى أحد مراكز الشرطة ليتم أخذ بصماتهم، ومراجعة سجلاتهم الأمنية لضمان عدم صلة أي منهم بالجماعات المتطرفة.
واعترف المتسللون بأن اجتياز الحدود السعودية أضحى صعبًا جدًا بسبب انتشار مراكز المراقبة، وطول السور المقام على الحدود.
ونقلت "سي إن إن" عن حراس الحدود السعوديين قولهم إنهم ضبطوا خلال الأشهر الثلاثة الماضية وحدها 42 ألف متسلل على امتداد الحدود البالغ طولها 800 كيلومتر.
والتقى روبرتسون الأطفال اليمينيين الموقوفين الذين يستخدمهم مهربو نبات "القات" المخدر لتمرير شحناتهم السامة.
وقال له أحدهم وهو في العاشرة من عمره إن المهرب يدفع له ما يعادل 50 دولارًا في مقابل تهريب 10 كيلوغرامات من "القات".
وبين للمراسل أن تلك هي المرة الثانية التي يتم ضبطه. وقال الحراس السعوديون الذين زوّدوا الطفل بقطعة موز وقارورة ماء، إنهم يأخذونه إلى الحدود ويطلبون منه العودة إلى بلدته. لكن الأطفال الثلاثة الموقوفين هناك أكدوا أنهم بلا شك سيحاولون إعادة الكرة!
وأشار روبرتسون إلى أن حراس الحدود السعوديين عرضوا عليه في كل النقاط الحدودية التي زارها كميات المواد المخدرة التي يتم ضبطها بانتظام قبل تهريبها للمملكة.
ولفتوا إلى أنهم ضبطوا خلال الأشهر الثلاثة الماضية أكثر من 500 ألف طن من القات، تقدر قيمتها السوقية بـ100 مليون دولار. فضلًا عن كميات من الحشيش المخدر قدرت بستة آلاف كيلوغرام خلال الفترة نفسها، بما تصل قيمته إلى نحو 36 مليون دولار.
كما أن محاولات التهريب تشمل السلاح والذخيرة، وبلغت جملة ما تم ضبطه منها خلال الأشهر الثلاثة الماضية 2562 قطعة سلاح و380088 قطعة ذخيرة.
ونوّه روبرتسون إلى أن محنة السعوديين تتمثل في أنهم لا يستطيعون إغماض أعينهم عن أي من المتسللين الموقوفين، لأن أي واحد منهم قد يكون متطرفًا.
وشدد مراسل "سي إن إن" على أن حراس الحدود السعوديين لا يسيئون معاملة المتسللين ولا يضربونهم.
وحذرت قيادة حرس الحدود في المنطقة الشرقية، هواة الرحلات البرية والمتنزهين وملاك المواشي، من الاقتراب من المناطق الحدودية خلال نزهاتهم البرية، لا سيما مع تزايد الإقبال هذه الأيام على هذه الرحلات، كذلك المواطنين الذي يبحثون عن نبات الكمأ الفقع.
وأوضح المتحدث باسم قيادة حرس الحدود في المنطقة الشرقية النقيب عمر الأكلبي، أن الدوريات البرية التابعة لقطاع حرس الحدود في الخفجي، أوقفت شخصًا يبحث عن نبات الكمأ الفقع في حرم الحدود، رغم التحذيرات السابقة للمواطنين من الاقتراب من الحدود.
ولفت المتحدث إلى أن تجاوز هذه المنطقة يعد مخالفة قانونية، تستوجب العقوبة من دون استثناء، داعيًا المواطنين والمقيمين إلى ضرورة اتباع التعليمات بعدم الاقتراب من هذه الأماكن، وعدم التردد في الاتصال برقم طوارئ حرس الحدود (994) عند الحاجة لأية مساعدة.
أرسل تعليقك