عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، جلسة مباحثات ثنائية في قصر الكرملين في العاصمة الروسية موسكو، بحضور وفدي البلدين، في إطار زيارة السيسي الرابعة إلى روسيا، أعقب الجلسة مؤتمر صحافي، أكدا خلاله على عمق العلاقات الثنائية ومناقشة مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال كلمته في المؤتمر الصحافي أن التعاون بين مصر وروسيا تطور في الآونة الأخيرة بشكل كبير، لافتا إلى انه اتفق مع الرئيس السيسي على زيادة التعاون بين البلدين في الفترة المقبلة، وبيّن أنه تم تبادل الرؤى حول العلاقات المصرية الروسية التي تتسم بالصداقة والمنفعة المتبادلة، مشيرًا إلى أنم تطور التعاون الثنائي أخيرًا، ساعد على الاتصالات الدائمة بين البلدين وكذلك الاتصالات على المستوى الشخصي مع الرئيس السيسي.
وأوضح بوتين أنه مباحثات جرت حول التعاون الاقتصادي بين البلدين، وتأنه م تسجيل زيادة في التبادل التجاري المشترك عام 2014 بـ86%، إلا أن هذا التبادل شهد انخفاضًا نتيجة تقابلات سوق صرف العملة وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
وأشار إلى أنه اتفق مع الرئيس السيسي على بذل الجهود بغية تخليص تأثير هذه العوامل الخارجية السلبية لكي يكون هناك استقرار في التبادل التجاري بين البلدين، موضحا أن هناك خطوات ملموسة تم الاتفاق عليها لتشجيع الاقتصاد، من بينها إقامة منطقة التجارة الحرة بين مصر والاتحاد الاقتصادي الأورواسيوي واستخدام العملات الوطنية وتشجيع الاستثمارات.
ولفت إلى أن أكثر من 400 شركة روسية تعمل في مصر وتعمل على تطوير العديد من المشاريع، موضحا أن الصندوق الذي تم إنشاؤه بمشاركات المؤسسات الروسية والمصرية والإماراتية يعمل على تشجيع الاستثمارات خصوصًا في مجال الطاقة.
وبيّن أن عدة شركات روسية ضخمة تعمل في مصر في مجال الطاقة والنفط، وأن من أكبر أوجه التعاون مع مصر بناء محطة تعمل بالطاقة الكهروذرية بناء على التقنيات الروسية، مشيرا إلى أن هناك خبراء من الجانبين يعملان حاليا على تطبيق وتنفيذ هذا المشروع.
وأضاف بوتين أنه تبادل الآراء مع الرئيس السيسي بشأن قناة السويس وإمكانية إقامة مشاريع صناعية روسية، بما في ذلك إنشاء منطقة صناعية روسية على الأراضي المصرية، مشيرا إلى أن مجال الزراعة من بين الاتجاهات المهمة أيضا بين البلدين، مشيرا إلى أنه يدرس تصدير للطيران المدني المصري، طائرة "سوبر جيت" روسية وطائرات "سوخوي".
ونوّه بأن المنتجين المصريين سيستفيدون من الإمكانيات الروسية بعد اتخاذ التدابير بين البلدين، وذلك في ظل العقوبات المفروضة على روسيا من قبل الاتحاد الأوروبي.
وتابع "نعرف كيف تطورت العلاقات، وأنا سعيد باستقبال رئيس الدولة المصرية وفي مطلع لقائنا أحب أن أهنئكم على افتتاح قناة السويس الجديدة، واعرف انه حدث بارز في الحياة الاقتصادية المصرية ويعود الفضل في تحقيق هذا الإنجاز إلى مبادرتكم.
وأضاف "بطبيعة الحال مصر كدولة رائدة فإنها لا تعيش فقط على دخل قناة السويس، ولكن لديها العديد من العوائد الأخرى، ونأمل أن تتطور العلاقات الروسية الاقتصادية مع مصر في كل المجالات ومواطنينا سيشعرون بفوائد هذا التعاون".
من جانبه ذكر الرئيس السيسي "تناولت والرئيس بوتين مختلف أوجه العلاقات بين بلدينا الصديقين، حيث أكدنا على العلاقات السياسية الراسخة بين البلدين وتباحثنا في الخطوات العملية والفعالة لتعزيز التعاون، كما أكدنا على استمرار في زيادة حجم العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية كركيزة أساسية لعلاقات إستراتيجية طويلة المدى، ولقد أبديت للرئيس بوتين ارتياحه للتقدم الذي أحرزناه بالفعل على هذا الصعيد بفضل التزام الطرفين بالعمل سنويا".
وأردف السيسي "اعتقد أن المستقبل يحمل فرصا عديدة وواعدة، حيث نتطلع للخطوات العملية للبدء في إنشاء المناطق الصناعية الروسية في إطار تصور واضح للاستثمارات الطموحة وزيادة حجم التبادل بين البلدين، وفيما يتعلق بمسار التعاون بمجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية نتطلع للاستفادة من الخبرة الروسية في هذا المجال الحيوي، وناقشنا مجالات مهمة نتطلع إلى تنشدها في الفترة المقبلة، وستتم متابعتها باستضافة خلال أعمال اللجنة المشتركة العاشرة، التي ستستضيفها مصر قبل نهاية العام".
واستهل كلمته بالترحيب بالرئيس الروسي، وتوجه إليه بخالص الشكر على دعوته لزيارة موسكو مجددا والالتقاء به، وهو اللقاء الرابع الذي يبرهن على خصوصية العلاقات والطفرة التي شهدتها العلاقات الإستراتيجية بين البلدين، وقال "لقائي بكم سيعطي دفعة إضافية، والتي يسعدني أنها شهدت نقلة نوعية حقيقة خلال العامين الماضيين، نسعى للبناء عليها في المستقبل، في ظل المواقف الشجاعة التي اتخذتها روسيا بقيادتكم لدعم الشعب المصري في وقت واجه به تحديات جسيمة وغير مسبوقة".
وأضاف "تطرقت مباحثاتنا إلى كافة القضايا الإقليمية والدولية، وأسعدني ما لمسته من تطابق في الرؤى، وركزنا على ضرورة تحقيق تسوية سياسية للازمة السورية وفق وثيقة جنيف، وأكدنا على محورية القضية الفلسطينية لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وإقامة دولته وعاصمتها القدس، كما بحثنا تطورات الأوضاع في العراق واليمن وليبيا، كما ناقشنا ظاهرة التطرف وارتباط استمرارها بالتوتر في هذه البؤر في المنطقة بما يملي علينا تكثيف التعاون للوصول إلى حلول جذرية بشكل يضمن وحدة أراضيها واستقرارها".
وشكر السيسي، بوتين على إهدائه القطعة البحرية الروسية التي شاركت بافتتاح القناة، ووصفها باللافتة "عميقة المغزى"، معربا عن ارتياحه لما حققه من تعاون عسكري سواء التدريب والتسليح وتبادل الخبراء وبخاصة في مجال مكافحة التطرف، وقال "أتطلع للعمل الوثيق معكم من اجل تعزيز علاقاتنا في المستقبل".
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، توجه أمس الثلاثاء، قبل توجهه إلى الكرملين، بوضع إكليل من الزهور على قبر الجندي المجهول بالقرب من القصر، كما التقى ملك الأردن عبد الله الثاني، وعقدا جلسة مباحثات تناولت قضايا سورية والعراق ليبيا واليمن، كما شغلت القضية الفلسطينية جزءا كبيرًا من المباحثات بين الزعيمين.
وأوضح الكرملين في بيان صحافي وزعه قبيل اللقاء بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، ان "مصر تعتبر أحد أهم شركاء روسيا في الشرق الأوسط"، مشيرا إلى أن علاقات تعاون وثيق يرتبط إلى تاريخ عريق ٢٦ آب/أغسطس 1943 أي ٧٢ عاما.
وأضاف البيان أن "الحوار بين مصر وروسيا يدور على أساس من الثقة المتبادلة والعلاقات الشخصية بين الرئيسين متينة فقد زار السيسي روسيا يوم ١٢ آب/أغسطس في سوتشي و٩ آب/مايو في احتفالات النصر في موسكو، وزار بوتين مصر في شباط/فبراير الماضي، علاوة على زيارة رئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف في ٦ آب/أغسطس في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة".
وذكر أن"عام 2014 شهد تطورًا ملموسًا في حجم التبادل اتجاري وصل إلى ٥.٥ مليار دولار بزيادة ٨٦٪ عن ٢٠١٣، وانه انخفض في ٢٠١٥ بنسبة ١٦٪ بسبب تراجع قيمة العملات المحلية وحركة أسعار السلع في السوق العالمية".
أرسل تعليقك