كثفت روسيا قصفها في سورية، أمس الأربعاء، ونفذت 82 طلعة، قصفت خلالها 204 أهداف، خلال الـ 24 ساعة الأخيرة، فيما خرج المئات من مقاتلي المعارضة والمدنيين من حي الوعر، آخر نقاط سيطرتهم في مدينة حمص في وسط سوريا، تنفيذا لاتفاق تم إبرامه الأسبوع الماضي مع ممثلين عن الحكومة، بإشراف الأمم المتحدة، في وقت أطلق تنظيم «داعش» 25 آشورياً كانوا مختطفين لديه منذ شباط/فبراير الماضي.
وقالت وزارة الدفاع السورية، أمس الأربعاء، إن السلاح الجوي الروسي نفذ 28 طلعة ضد 204 أهداف في سورية، خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. وأضافت الوزارة أن الضربات نفذت على أهداف في محافظات حلب وإدلب واللاذقية وحماة وحمص.
وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قال الثلاثاء إن الجيش الروسي وجه للمرة الأولى ضربات عسكرية نحو سورية من غواصة متمركزة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن شويغو قوله للرئيس فلاديمير بوتين في الكرملين "استخدمنا صواريخ كروز من الغواصة روستوف أون دون في البحر الأبيض المتوسط"، وأضاف شويغو أن هذه الغواصة من الجيل الأخير أطلقت الثلاثاء عدة صواريخ عابرة من منظومة كاليبر ودمرت "مستودعا كبيرا للذخيرة وورشة لصنع المتفجرات ومواقع نفطية".
وتحدثت وزارة الدفاع عن "تدمير مركزين لقيادة تنظيم داعش في محافظة الرقة". وقالت وزارة الدفاع الروسية إن 1920 قنبلة أطلقت في الأيام الأربعة الماضية على أهداف في سورية دمرت سبعين مركزاً للقيادة و21 معسكر تدريب.
من جهة أخرى، انطلقت ظهر أمس الأربعاء عشر باصات بيضاء اللون محملة بالمدنيين ومعظمهم من النساء والأطفال من الحي، وسمح لكل منهم بأخذ حقيبة معه، إضافة إلى خمس حافلات أخرى خضراء اللون تقل العشرات من المقاتلين وهم يحتفظون بسلاحهم الخفيف والمتوسط، ولم يسمح للصحفيين بالاقتراب من الباصات أو التحدث إلى ركابها. وواكبت الحافلات عشر سيارات إسعاف تابعة للهلال الأحمر السوري وعشر سيارات رباعية الدفع تابعة للأمم المتحدة، إضافة إلى آليات تابعة للجيش السوري.
وأعلن محافظ حمص طلال البرازي في تصريحات للصحفيين "بدء تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق الوعر المتمثلة بوقف إطلاق النار وبدء خروج الدفعة الأولى من المسلحين"، إضافة إلى "بعض العائلات من المدنيين وبينهم مرضى". وقال البرازي "يقدر عدد المسلحين الخارجين أمس بـ 300 مسلح"، إضافة إلى "مئة عائلة، أي بحدود 400 امرأة وطفل وبعض المدنيين"، مضيفاً "بعد وقف إطلاق النار الناجح حتى الآن وخروج الدفعة الأولى من المسلحين، نحن الآن في مرحلة تنفيذ المرحلة الأولى التي ستنتهي في نهاية الأسبوع المقبل".
وتسيطر قوات النظام منذ بداية أيار/مايو 2014 على مجمل مدينة حمص بعد انسحاب نحو ألفي عنصر من مقاتلي الفصائل من أحياء حمص القديمة، بموجب تسوية مع السلطات إثر عامين من حصار خانق فرضته قوات النظام وتسبب بوفيات ونقص كبير في الأغذية والأدوية. وانكفأ المقاتلون الباقون إلى حي الوعر إلى جانب آلاف المدنيين. ويقيم في الحي حالياً وفق البرازي، نحو 75 ألف شخص، مقابل 300 ألف قبل بدء النزاع في سورية في آذار/مارس العام 2011.
ووفق محافظ حمص، تضمنت الدفعة الأولى من المقاتلين الذين تم إجلاؤهم "جميع المسلحين من الفئات التي لم توافق على الاتفاق الذي تم مع المجتمع المحلي في حي الوعر ومع بعض الجماعات المسلحة". وأشار البرازي إلى أنه "بعد هذه المرحلة، ستبدأ الجهات المعنية بقبول تسوية أوضاع من يرغب بتسوية وضعه"، مضيفا "في نهاية المطاف سنكون أمام ثلاث حالات، المسلحون الذين خرجوا في الدفعة الأولى والذين ستسوى أوضاعهم، والحالات المتبقية هم من لا يمكن تسوية أوضاعهم وسيخرجون في نهاية مراحل تنفيذ الاتفاق".
وفي شريط فيديو نشرته لجان التنسيق المحلية بعنوان "خروج المقاتلين الرافضين للتفاوض مع النظام وعدد من الجرحى مع عائلاتهم"، قال أحد المقاتلين الملتحين قبل صعوده إلى الحافلة "أنا من حلب ونحن لا نتفاوض مع النظام، رغبنا بالخروج لنقاتل في الخارج"، مضيفا "في الوعر هناك مجاهدون وهم (قدّها وقدود) بإذن الله".
ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن مقاتلين ينضمون إلى 45 فصيلا غير متجانسة كانوا موجودين في الوعر، أبرزها حركة أحرار الشام وجبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سورية)، إضافة إلى مقاتلين محليين. ومن المقرر توجه المقاتلين من حي الوعر إلى "الجهة الشمالية" من سورية، وفق البرازي.
ووفق مدير المرصد رامي عبدالرحمن، ستتوجه الباصات إلى مدينة حمص ومنها إلى قلعة المضيق في محافظة حماة، ثم باتجاه محافظة إدلب التي تسيطر عليها فصائل جيش الفتح وأبرزها جبهة النصرة منذ الصيف الماضي. وقد يستغرق تنفيذ الاتفاق مدة تصل إلى شهرين، وفق السلطات.
وجاءت عملية إجلاء المعارضين من الوعر أمس في ظل تقارير عن اتفاق بين تنظيم "داعش" في مخيم اليرموك والحجر الأسود (جنوب دمشق)، ومسؤولين فلسطينيين يقضي بنقل 150 من عناصر التنظيم أو مؤيديه إلى الرقة.
في غضون ذلك، أشار المرصد السوري إلى اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وبين الفصائل الإسلامية والمقاتلة في منطقة المرج والطريق الواصلة بين بلدتي البلالية ومرج السلطان في المنطقة "وسط تقدم جديد للنظام في الطريق الواصل بين البلدتين وسيطرته على أجزاء منها". لكن موقع "الدرر الشامية" الإخباري نقل عن المكتب الإعلامي لـ "جيش الإسلام" أن عناصره نصبوا مكمنا لقوات النظام على جبهة أوتوستراد دمشق - حمص في الغوطة الشرقية وقتلوا 15 جنديا.
وأطلق تنظيم "داعش" أمس نحو 25 من السوريين المسيحيين، كان اختطفهم قبل أشهر في ريف محافظة الحسكة شمالي سورية. وقال المرصد الآشوري لحقوق الإنسان، في بيان، إن تنظيم "داعش" أطلق سراح 25 شخصا جميعهم من الرجال من بينهم طفل، كان التنظيم الإرهابي قد اختطفهم في 23 شباط/فبراير الماضي.
أرسل تعليقك