كشف تقرير أممي عن أنَّ الإنتاج الغذائي في سورية، هذا العام، تحسن على الأكثر بفضل الأمطار وإن ظل بعيدًا عن مستويات ما قبل الأزمة بفارق واسع، في ظل استمرار الحرب الجارية التي تدفع بمزيد من السكان إلى الوقوع في براثن الجوع والفقر.
وأضافت منظمة "الأمم المتحدة للأغذية والزراعة" (فاو)، و"برنامج الأغذية العالمي"، أنَّ محصول القمح السوري لهذا العام، حتى وإن كان من المتوقع أن يكون أفضل من موسم الحصاد المنكوب بالجفاف العام 2014 إلا أنَّه لن يأتي بتحسينات كبيرة لحالة الأمن الغذائي الأُسري العامة للسكان.
ويواجه ما يقدر بنحو 9.8 مليون شخص في سورية انعدام الأمن الغذائي، 6.8 مليون منهم يعيشون حالات حادة من انعدام الأمن الغذائي، وهو مستوى من الاحتياجات يتطلب مساعدات غذائية خارجية. ومنذ كانون الثاني/ يناير من هذا العام وحده، اضطر أكثر من نصف مليون شخص إلى النزوح من منازلهم.
ووفقًا للتقرير المشترك لمنظمتي "فاو" و"برنامج الأغذية العالمي"، فما زالت الحرب الجارية تقوّض الأنشطة الزراعية وأسواق المواد الغذائية على نحو خطير.
وأضاف مدير شعبة الطوارئ والتأهيل لدى فاو، الخبير دومينك برجون: حتى وإن جاء الحصاد السوري الحالي أفضل مما كان متوقعًا نتيجة الأمطار الجيدة، فما زال قطاع الزراعة في البلاد ممزقًا بسبب الحرب، مشيرًا إلى أنَّ هناك حاجة إلى دعم عاجل من جانب المانحين، لضمان أن يتمكن المزارعون من إتمام موسم زراعة الحبوب المقبل، الذي يبدأ في تشرين الأول/ أكتوبر.
وفيما يعيق نقص الوقود والعمالة والمدخلات الزراعية، بما في ذلك البذور والأسمدة، الإنتاج الزراعي السوري، إلا أنَّ ما يفاقم الأوضاع أكثر فأكثر هو جملة عوامل إضافية مثل ارتفاع تكاليف المدخلات وعدم موثوقية جودتها، إضافة إلى الأضرار التي لحقت بشبكات الري والمعدات الزراعية. وتتمخض جميع هذه العوامل مجتمعةً عن مزيد من تردي حالة انعدام الأمن الغذائي في البلاد.
وذكر كبير الاقتصاديين لدى برنامج الأغذية العالمي، الخبير عارف حسين، أنَّ "الأدلة واضحة... فقرابة خمس سنوات من الحرب أسفرت عن تدمير الاقتصاد السوري، ومعه قدرة السكان على شراء الضروريات مثل الغذاء الذي يحتاجونه للبقاء على قيد الحياة".
وفي الوقت ذاته، تضرر الإنتاج الحيواني على نحو خطير من جراء الحرب. وشهد القطاع الذي طالما ساهم على نحو رئيسي في الاقتصاد الوطني لسورية وتجارتها الخارجية، انخفاضات بنسبة " 30% في قطاع الماشية، و40% في إنتاج الأغنام من خراف وماعز".
في حين أن قطاع الدواجن الذي يشكل عادة مصدرًا معقول الأسعار للبروتين في النظام الغذائي للسكان تقلّص بنسبة 50%. وأشار التقرير المشترك أيضًا إلى أن الخدمات البيطرية في البلاد تكاد تواجه نفاد اللقاحات والعقاقير الروتينية.
وارتفعت حصة إنفاق الأسرة على الغذاء على نحو لا يطاق منذ بداية الأزمة، على حساب تلبية الاحتياجات الحيوية الأخرى. وتكشف التحريات عن أن الأسر باتت تنفق أكثر من نصف دخلها على الغذاء حاليًا.
ويوصي التقرير المشترك بتقديم المساعدة بغية دعم إنتاج القمح والحبوب الأخرى، من خلال توفير البذور والأسمدة العالية الجودة وغير ذلك من المدخلات الزراعية.
كذلك، لغرض دعم صمود وتجاوب المجتمعات المحلية المتضررة من الأوضاع، يوصي أيضًا بدعم إنشاء مراكز خاصة لإنتاج وتوزيع البذور على مستويات القرى المحلية، والعمل على تعزيز أنشطة الفناء الخلفي لإنتاج الخضروات والدواجن من خلال توزيع البذور المحسنة والكتاكيت، فضلًا عن توفير اللقاحات الحيوانية والعقاقير البيطرية.
أرسل تعليقك