أكد دبلوماسيون قطريون أن وفدًا من حركة "فتح" يضم كل من عزام الأحمد وصخر بسيسو وصل الدوحة مساء السبت، لعقد محادثات مع مسؤولين قطريين، يليها لقاء مع قيادة حركة "حماس" الأحد، لاستكمال تنفيذ اتفاقيات المصالحة الفلسطينية. وأكد رئيس قيادة "فتح" لملف المصالحة الفلسطينية عزَام الأحمد قبل مغادرته الأراضي الفلسطينية، أن القيادة ذاهبة لاجتماع الدوحة لطرح ما سيتم مناقشته غدا، مشددًا على أهمية عدم التراجع عنه لبحث استكمال تنفيذ اتفاقيات المصالحة العالقة منذ أعوام عديدة.
.
ووفقا للمعلومات المتوفرة، فإن لقاء أول سيعقد بين وفد حركة فتح ومسؤولين قطريين، على أن يعقد فيما بعد لقاء بين وفد فتح مع قيادة حركة حماس يرأسه الدكتور موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي . إلا أن مصادر أخرى قالت "إن اللقاء بين قيادة الحركتين سيعقد يوم غد الأحد".
ويأتي هذا الحراك الجديد للمصالحة بعد ما يزيد عن عام ونصف من محادثات سابقة جرت في غزة أنتجت حكومة التوافق الوطني، وتوقفت عندها عملية تطبيق ما تم الاتفاق عليه من تفاهمات حينها بين الحركتين.
وأكدت قيادات من الحركتين، أن الهدف من لقاءات الدوحة؛ تطبيق ما تم الاتفاق عليه وتشكيل حكومة وحدة وطنية تلتزم ببرنامج سياسي معين يعتمد بالأساس على وثيقة الوفاق الوطني، وتتحمل مسؤولياتها في الضفة وغزة، وتعمل على التجهيز لانتخابات عامة، في حين يتم العمل على عقد الإطار القيادي المؤقت والنظر في قانون انتخابات المجلس الوطني.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن القيادة المصرية على إطلاع كامل بالحراك الذي يجري، وقالت إن وفد حركة فتح برئاسة الأحمد اجتمع مع مسؤولين مصريين خلال اليومين الماضيين، ووضعهم في صورة الحراك، فيما قوبل ذلك بمواقف إيجابية من قبل الجانب المصري الذي أكد "أهمية إتمام المصالحة.
وقال أمين سر المجلس الثوري في حركة فتح أمين مقبول، أن اللقاء الذي سيجمع بين حركتي فتح وحماس في العاصمة القطرية الدوحة، هدفه إزالة العقبات التي تحول دون تطبيق ملف المصالحة وإنهاء الانقسام. . في حين أكد النائب في المجلس التشريعي وعضو المجلس الثوري لحركة فتح فيصل أبو شهلا، على أن القيادة الفلسطينية متمسكة بالدور المصري في ملف المصالحة، حيث هناك تنسيقاً كاملاً بين القيادتين المصرية والفلسطينية في كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية."
أما حركة حماس فقد وصفت على لسان الناطق بإسمها سامي أبو زهري، دعوة حركة فتح إلى اعتماد برنامج منظمة التحرير كبرنامج للحكومة بإنه يناقض اتفاق المصالحة.
واضاف أبو زهري، في بيان وصل "العرب اليوم" نسخة منه أن حركة فتح تحاول فرض الشروط المسبقة بعيداً عن اتفاق المصالحة، وهو ما يضع علامات تساؤل كبيرة على مدى جدية حركة فتح لتحقيق المصالحة.
ودعا إلى وضع آليات حقيقية لتطبيق اتفاق المصالحة ودعم الانتفاضة وحل مشاكل غزة خاصة وأن الحكومة الحالية مارست سياسة التمييز والتهميش ضد غزة.
وبيّن الناطق باسم الحركة أن الحكومة الحالية تورطت في تجويع أكثر من أربعين ألف عائلة فلسطينية في سابقة خطيرة عدا عن قيام قيادة فتح بفصل عدد من وزراء التوافق واستبدالهم بوزراء من حركة فتح، داعياً إلى توفير علاج حقيقي لهذه المشاكل وغيرها ضماناً لنجاح الجهود الراهنة.
ويترقب المواطنون في قطاع غزة بمشاعر تجمع بين القلق والأمل اللقاء المزمع عقده بين حركتي فتح وحماس اليوم السبت في العاصمة القطرية الدوحة لإنهاء معاناتهم الناتجة عن الانقسام والتي فاقم منها الحصار الإسرائيلي المفروض منذ عشر سنوات.
ويعاني المواطنون أوضاعا معيشية واقتصادية صعبة وارتفاعا في معدلات البطالة والفقر بالإضافة إلى ازمات الكهرباء والمياه وغاز الطهي وإغلاق معبر رفح منفذهم الوحيد الى العالم نتيجة استمرار حالة الانقسام.
ويرى الكاتب مصطفى إبراهيم أنه رغم العديد من التصريحات من الرئيس أبو مازن وقادة حماس حول المصالحة إلا أن المواطنين غير واثقين بأن هناك اتفاقا أو مصالحة، مشيرا إلى أن التصريحات التي تخرج عن اللقاء المرتقب تتناول نقطتين وهما تشكيل حكومة وحدة وطنية واجراء الانتخابات وهذا ربما استكمال لما تم الاتفاق عليه.
وقال إبراهيم :"الأمور غير واضحة إذا كانت هناك نوايا حقيقية لاستكمال الحوار أو ما تم الاتفاق عليه في القاهرة أو الشاطئ وما وصلنا إليه من عدم توافق على حكومة التوافق والعقبات التي تمر بها المصالحة".
وأعرب عن أمله بأن تكون هناك إرادة وقدرة حقيقية لدى الطرفين لتغليب المصلحة الوطنية والتوصل إلى اتفاق حد أدنى وليس اتفاق لإدارة الانقسام والاتفاق على مجمل القضايا الفلسطينية وليست القضايا المختلف عليها كقضية الحكومة والانتخابات.
وقال إبراهيم :"الموضوع أكبر من أن يكون حكومة وانتخابات ويجب أن تكون هناك استراتيجية وطنية لإعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني برمته وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية وإعادة بنائها على أسس صحيحة تعيد الاعتبار للمشروع الوطني".
وحول تشكيل حكومة وحدة وطنية، اعتبر الكاتب مصطفى إبراهيم أن التوافق بين حركتي فتح وحماس وليس الضغوط الإسرائيلية هو الضامن لتشكيل حكومة وحدة بمشاركة كافة الفصائل وتحديد مهامها وبرنامجها السياسي، مشيرا إلى أن إسرائيل عامل مخرب ولا تريد مصالحة فلسطينية لكن لو توفرت النوايا والإرادة الحقيقية للقيادة والفصائل سترى هذه الحكومة النور.
وذكر أن الخلاف بين حركتي فتح وحماس على البرنامج السياسي وليس على حكومة تدير أمور الناس الإدارية، وقال :"الحل يجب أن يشمل القضية برمتها وليس فقط التوافق على حكومة وإنهاء الأزمات القائمة بل في الاتفاق على استراتيجية وطنية تنهي حالة الانقسام وأن يكون هناك إعادة الاعتبار للفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والشتات".
بدورها، قالت الناشطة شيرين خليفة :"ليس هناك مؤشرات يمكن أن تبشر بأن اللقاء سيقود إلى مصالحة حقيقية.. لو أرادت الحركتان تطبيق المصالحة كان تم تنفيذ اتفاق القاهرة والشاطئ اللذين يتضمنان كل البنود لإنجاز المصالحة وإنهاء الانقسام. ولكن لم يحدث شيء فعلي على الأرض يؤدي إلى مصالحة".
وترى الناشطة أن تنفيذ بنود المصالحة مرتبط بالإرادة السياسية وهي غير موجودة لدى حركتي فتح وحماس، غير أنها عبرت عن أملها "أن يتحلوا بالإرادة السياسية وبمسؤولية وطنية تقودنا إلى مصالحة حقيقية".
من جانبه، قال المحلل السياسي إبراهيم المدهون :"هذا لقاء طبيعي في ظل حالة الحراك المحتدم في القضية الفلسطينية خصوصا بعد انتفاضة القدس والحديث عن تصعيد إسرائيلي في غزة والضفة، والحديث الدائر حول ترتيب البيت الفلسطيني لما بعد مرحلة الرئيس أبو مازن".
ويضيف المدهون أن اللقاء المرتقب بين فتح وحماس سيخرج منه خطوات ايجابية حول بعض الرؤى والأفكار البعيدة عن التطبيق التفصيلي. وأردف :"أعتقد انه من الصعب الخروج بخطوات عملية سريعة.. ولكن هناك احتمال أن تخفف من الاحتقان وتزيد من التنسيق وتحرك المياه الراكدة وتعالج بعض الإشكاليات لأن عوائق التطبيق ما زالت اكبر من قدرة الطرفين على تجاوزها".
وأضاف :"الاحتلال الإسرائيلي يفضل إبقاء كيانين فلسطينيين عن التعامل مع جهة فلسطينية واحدة، كما أن ضعف المؤسسات الفلسطينية يحول دون اخذ دور في التجميع وبناء برنامج يمكن تطبيقه كما أن إفرازات الانقسام وتفاصيله يحتاج لرؤية تقبل بالواقع الجديد ومزاوجته بالماضي وهناك تباعد كبير بين الأمرين مما يصعب المهمة".
ويعتقد المدهون أن مشاركة حركة حماس في حكومة الوحدة الوطنية سيقابله رفض إسرائيلي ودولي وسيمنع من رفع الحصار أو تخفيفه بل سيزيد حالة التوتر ، وهذا لا يمنع أن يكون هناك حكومة وحدة لا تشارك بها حماس لكي تتبنى رؤية متصالحة مع المجتمع الدولي وفي الوقت نفسه توافق عليها حماس.
أرسل تعليقك