تخشى جهات إسرائيلية من نجاح "حزب الله" اللبناني بفرض حصار مائي على إسرائيل، في الحرب المقبلة، الأمر الذي دفع بعض المحللين العسكريين الإسرائيليين للتكهن بطبيعة المعارك المرتقبة في حال اندلاع حرب جديدة.
وأوضحت مصادر إسرائيلية، الثلاثاء، أنَّ "العملية التي نفذها حزب الله، أخيرًا، في مزارع شبعا، باستهداف رتل من العربات العسكرية الإسرائيلية، أحدثت تغييرًا في قواعد ومعادلات الاشتباك بينه وبين إسرائيل، إذْ أنّ وسائل الإعلام الإسرائيليّة ومراكز الأبحاث في تل أبيب تُواصل محاولاتها لسبر غور قوّة حزب الله، وما سيلحق بإسرائيل من أضرارٍ ماديّة ومعنوية وأيضًا إصابات في الأرواح، فيما إذا اندلعت المواجهة".
ورأى المُحلل عاموس هارئيل، من صحيفة "هآرتس"، أنَّ الحرب آتية لا محال في العامين المقبلين". بينما كشف المُحلل الإسرائيليّ للشؤون العسكريّة في موقع "والاه" الإخباريّ، أمير بوحبوط، عن أنّ "قادة كبار في سلاح البحرية الإسرائيليّ على وشك البت في برنامج العمل للأعوام الخمس المقبلة، ويطالبون القيادة العامة للجيش الإسرائيليّ بزيادة عدد السفن الحربية القادرة على إطلاق الصواريخ، بغية حماية مواقع التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في البحر المتوسط، وتحسين قدرة الوصول إلى الأهداف البعيدة المدى، ودراسة إمكان تركيب وتطوير قذائف صاروخية قصيرة المدى لقصف أهداف بريّة".
وأضاف المُحلل بوحبوط، نقلاً عن مصادر وصفها بأنّها عالية المستوى في الجيش، أنَّ "سلاح البحرية الإسرائيلية رصد التطورات الجارية في أسلحة البحرية لدول معادية لإسرائيل، واعتبرها نقاط تحول خطيرة"، على حد تعبير المصادر.
ونقل الموقع، عن ضابط رفيع المستوى في سلاح البحرية الإسرائيليّة، قوله إنّ "هناك حاجة ملحة وضرورية لتحسين قوة سلاح البحرية"، موضحًا أنّ "سلاح البحرية الإسرائيليّ يدرس إمكانات التزود بقذائف قصيرة وبعيدة المدى، وتركيبها على السفن الحربية لضرب أهداف على اليابسة"، حسبما ذكر.
وأردف الضابط عينه قائلاً إن "هناك أمورًا كثيرة يمكن القيام بها من الجو واليابسة، بمقدور سلاح البحرية القيام بها وتنفيذها من عرض البحر"، لافتًا إلى أنّ "قيادة الجيش الإسرائيليّ والقيادة السياسية باتت تدرك اليوم أكثر من أيّ وقت مضى إنّه يتحتّم مضاعفة قوة سلاح البحرية الإسرائيليّ، وزيادة عدد السفن الحاملة للصواريخ، بعد أن تضاءل عدد هذه السفن في العقود الأخيرة".
ورأى الضابط أنّ "سلاح البحرية مطالب الآن بحماية مواقع التنقيب عن الغاز في عرض البحر، وأنّ هناك حاجة لقوات بحرية أكبر لإظهار القوة الإسرائيليّة، من جهة، والرد على كل محاولة لضرب هذه المواقع من جهة أخرى"، مُشدّدًا على أنّ "سلاح البحرية بحاجة لسفن وزوارق بحرية يمكنها المكوث في عرض البحر أطول وقت ممكن"، على حد وصفه.
وأبرز الموقع الإخباري الإسرائيليّ "والاه"، أنّ الضابط ذاته كشف عن أنّ "السفن والزوارق الحربية الإسرائيلية من طراز (ساعر 5) باتت قديمة، يزيد عمرها عن 15 عامًا، وأنّ هذه السفن والزوارق قضت أكثر من نصف عمرها في عرض البحر، وهناك حد لما يُمكن لهذه السفن ومعداتها وأجهزتها تحمله، لاسيما بسبب حجمها وكبر معداتها الحربية والقتالية، ناهيك عن أنّه على سلاح البحرية أنْ يؤثر على ما يجري على اليابسة في المدى القريب، لا أنْ يُشكّل مجرد قوة مساعدة للجهد الحربيّ"، كما قال.
ولفت الموقع إلى أنّ القائد العام للجيش الإسرائيليّ الجنرال بيني غانتس، الذي انتهت ولايته الاثنين، كان قد قال في أحاديث صحافية نهاية الأسبوع الماضي إنّ "الجيش الإسرائيليّ بات جاهزًا وحاضرًا لمُواجهة أيّ سيناريو جديد، بما في ذلك مواجهة محتملة في الشمال مع حزب الله".
وأشار الضابط، الذي تحدّث للموقع، إلى أنّ "سلاح البحرية الإسرائيليّ يخشى من تهديد الصواريخ على المياه الإقليمية لإسرائيل"، ونقل عنه قوله إنّ "حزب الله سيستخدم الصواريخ لفرض حصارٍ مائيٍّ على إسرائيل".
وزاد الضابط نفسه قائلاً إنّ "99 بالمائة من الاستيراد الإسرائيليّ يتّم عن طريق البحر، ولكن للأسف الجمهور الإسرائيلي لم يفهم حتى الآن تبعات وإسقاطات الحصار البحريّ على إسرائيل، وأنّه خطير للغاية على المصالح الإسرائيليّة".
وأردف الموقع، نقلاً عن ضابط كبار في سلاح البحرية، أنّ "تقديرات الأجهزة الأمنية في إسرائيل تؤكّد أنّ حزب الله سيستعمل الصواريخ، التي يصل مداها إلى ثلاثين ميل من شواطئ لبنان باتجاه سفن تجارية إسرائيلية، وليس بالضرورة ضدّ سفن حربية، وذلك بهدف إبعاد هذه السفن ومنعها من الوصول إلى الموانئ الإسرائيلية". وأشار إلى أنّ "خطوة من هذا القبيل تحمل في طياتها أبعادًا اقتصادية خطيرة جدًا على إسرائيل، وإسقاطات إستراتيجية على الأمن القومي الإسرائيليّ، وبالتالي فإنّ أحد الأهداف الرئيسة لسلاح البحرية الإسرائيلي إبعاد هذا الخطر الإستراتيجي ومحاولة منعه"، على حد قوله.
وأكّدت مصادر عسكرية رفيعة في الجيش للموقع الإخباريّ أنّ "هناك قلقًا عارمًا في المؤسسة الأمنية من حصول حزب الله على أسلحة متطورّة ومتقدّمة من سورية، من شأنها أنْ تكسر التفوق الإسرائيلي، وبالتالي تُهدد المياه الإقليمية لإسرائيل"، موضحةً أنّ "سلاح البحرية، إضافة إلى الأجهزة الأمنية الأخرى، تُتابع عن كثب التطورات في الأزمة السورية، وإذا رأت أنّ هناك حاجة للرد العسكريّ، فلن تتورع عن القيام بذلك"، على حد قوله.
وبيّنت أنَّ "ما يُثير القلق العارم في إسرائيل هو قيام سوريّة، أخيرًا، بالكشف عن أنّها تملك صواريخ من طراز (ياخونت)، وهو صاروخ يخترق سرعة الصوت ومن إنتاج روسيّ، ويُعتبر أكبر تهديد للأساطيل الغربيّة"، على حدّ تعبيره.
ويأتي ذلك فضلاً عن استعمال "حزب الله" اللبناني صاروخي ماء ـ أرض، من طراز "C-802"، من إنتاج إيرانيّ، وأصاب البارجة الإسرائيلية (أحي إيلات)، الأمر الذي أدى إلى مقتل أربعة جنود، وإغراق البارجة، وذلك في حرب لبنان الثانية، في صيف العام 2006.
أرسل تعليقك