أعلن مسؤولون في الدائرة القانونية لوزارة التجارة العراقية، أن المستشار الإعلامي للوزارة الذي قتل الشهر الماضي في انفجار قنبلة مثبتة في سيارته كان على وشك تسليم هيئة النزاهة الحكومية ملفات تتهم الوزارة بالفساد.
وقالت محكمة التحقيق المركزية المتخصصة في ملفات الإرهاب والجريمة المنظمة في بيان إن أربعة من حراس الأمن في وزارة التجارة اعترفوا بتفجير سيارة ناظم نعيم المستشار الإعلامي لوزير التجارة ملاس محمد عبد الكريم.
وأفاد متحدث باسم المحكمة بأن الرجال الأربعة الذين اعتقلوا لاتهامهم في قتل عدة موظفين في الوزارة منهم نعيم كانوا جزءًا من وحدة حراسة عبد الكريم، وأضاف بقوله إنهم بصدد المثول للمحاكمة بتهم الإرهاب والقتل العمد.
ولم يمكن على الفور محادثة عبد الكريم أو أي من حراسه لسؤالهم والتعقيب، ولا توجد أدلة على تورط عبد الكريم في القتل وكان تحقيق أمر به رئيس الوزراء حيدر العبادي قد برأ ساحته، وعلى الرغم من تبرئة عبد الكريم من تهمة القتل فإن السلطات العراقية أصدرت أمر اعتقال للوزير وشقيقه في 18 من أكتوبر/ تشرين الأول بعد تحقيق في قضايا رشوة ومزايا غير مشروعة واستغلال منصبه.
وأصدر عبد الكريم بيانًا على موقع وزارة التجارة الإلكتروني قال فيه إن أوامر الاعتقال لا تستند إلى أدلة قاطعة على وقوع مخالفات تتصل بتعاقدات الوزارة.
وذكر مسؤولان في الدائرة القانونية لوزارة التجارة، أن نعيم أفصح لهما ولزملاء آخرين عن الفساد ونيته تسليم الملفات إلى هيئة النزاهة وهي أعلى هيئة حكومية لمكافحة الفساد في العراق.
وقال أحد المسؤولين لـ"رويترز" "إنه لن يبقى ساكتًا على الفساد في الوزارة وعبر خطًا أحمر وجاهر بالحديث عن الفساد في الوزارة."، وقال المسؤول الآخر في الدائرة القانونية لوزارة التجارة إن نعيم وضع نفسه في خطر.
وأضاف "إنه كرر في مرات عديدة أنه لن يتردد في الوصول إلى هيئة النزاهة لإبلاغها بقضايا الفساد في الوزارة وكنا نعرف أنه أصبح داخل دائرة الخطر. كانت نهايته مأساوية."
وأوضح مسؤولو الوزارة والشرطة أن لقطات كاميرات أمنية داخلية أظهرت بعض الحراس الخصوصيين للوزير وهم يثبتون قنبلة في السيارة التي كان يستخدمها نعيم.
وأفاد بيان للمحكمة الجنائية في بغداد بأن شبكة من أربعة موظفين أمنيين من وحدة حراسة وزارة التجارة اعتقلوا لتنفيذهم أعمالًا إرهابية، واعترفت المجموعة باغتيال موظفين في الوزارة.
وأضاف البيان أن الاعترافات كانت مدعومة بلقطات فيديو تظهر اغتيال المستشار الإعلامي ناظم نعيم الذي كان يعمل في الوزارة نفسها، ونُفِّذ الاغتيال بتفجير قنبلة مثبتة في سيارته.
وتُظهر لقطات الفيديو التي تم تحميلها على موقع يوتيوب واطلعت عليها "رويترز" سيارة تويوتا من طراز لاند كروزر بيضاء وهو نوع المركبات التي يستخدمها في الغالب موظفو الوزارة وحراسهم تقف إلى جانب سيارة نعيم في مربض السيارات الخارجي للوزارة.
وشوهد رجلان يقفان إلى جانب السيارة ويتحركان حولها، ثم انطلق نعيم بالسيارة وبعدها انفجرت، ولم تستطع "رويترز" التحقق من هوية الرجلين في الفيديو أو ما إذا كانا قد اعترفا فعلًا، وعلى الرغم من أنه لم توجه اتهامات لعبد الكريم في قضية القتل فإن مسؤولين قالوا إن القضية فجرت تحقيقًا واسعًا للمحاكم في الفساد المتصل بشراء سلع ومعدات بناء وأدت إلى صدور أمر اعتقال لعبد الكريم وشقيقه.
واستدعت أيضًا محكمة عبد الكريم وثمانية من موظفي الوزارة الآخرين منهم رئيس مجلس الحبوب المسؤول عن شراء احتياجات العراق من الحبوب من السوق الدولية ومن مزارعين محليين.
وتم استجوابهم بشأن مكاسب غير مشروعة مزعومة من شراء شحنة أرز من أوروجواي صودرت لأنها غير صالحة للاستخدام الآدمي وذلك وفقًا لما ذكرته محكمة تحقيق النزاهة في بغداد.
وقال مسؤول وزارة التجارة القريب من عبد الكريم إنه يجب ألا يُلام على شحنة الأرز الفاسدة لأن المشكلة ترجع إلى سوء منشآت التخزين، وأضاف "هذا لا يستحق أمر اعتقال لشخص في منصب رفيع المستوى مثل الوزير لا سيما أن العقد كان صحيحًا ويستند إلى الأسعار العالمية."، وردًا على سؤال عن التهم المنسوبة إلى حراس عبد الكريم الخصوصيين قال المسؤول "ستأخذ العدالة مجراها".
وكان العبادي وعد بمكافحة الفساد في نظام سياسي يشهد توزيع المناصب على أسس عرقية وطائفية وهو ما يخلق شبكات محسوبية ذات نفوذ، وعبد الكريم واحد من أرفع المسؤولين الذين يواجهون ملاحقة قضائية منذ أعلن العبادي حملته في أغسطس/آب بعد أن تفجرت احتجاجات في أنحاء البلاد بسبب الفساد وتردي خدمات الكهرباء والمياه وتفشي البطالة، قد يكون أول اختبار كبير للعبادي هو قضية مزاعم الفساد والقتل التي تتعرض لها واحدة من أهم الوزارات العراقية وهي وزارة التجارة المسؤولة عن شراء سلع بمليارات الدولارات في برنامج وطني للحصص الغذائية.
والعراق من أكبر مستوردي الأرز والقمح في العالم. وكان عدة مسؤولين في وزارة التجارة واجهوا من قبل مزاعم بالفساد.
أرسل تعليقك