أثمرت التظاهرات الحاشدة التي عمت جميع أرجاء العراق مساء الجمعة، عن دق جرس الإنذار إلى الحكومة العراقية والبرلمان، والكتل السياسية التي أعلنت نهاية التظاهرات أنها تضع وزرائها تحت تصرف رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي لاتخاذ ما يلزم لإنجاح عملية الإصلاح التي دعا إليها.
وأوضح استطلاع لبعض الآراء من الشارع العراقي، لـ" العرب اليوم" أن الشارع منقسم بين من يؤكد أن رئيس الوزراء لن يفعل شيئًا ولن تكون هناك إصلاحات قوية وبين من يرى أنه استمد قوة كبيرة من الرجعيات الدينية والشعب في وقت عليه أن يستغل هذه القوة للضرب بيد من حديد على كل المفسدين للمال العام.
وأعلن مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي، مساء الجمعة في بيان وصل إلى "العرب اليوم" نسخة عنه، أن رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي عقد الخميس اجتماعًا مع عدد من الخبراء والمستشارين، مبينًا أن المجتمعين ناقشوا محاور الإصلاح الإداري والمالي وتحسين الخدمات ومعالجة الترهل الوظيفي، إضافة إلى تخصيص جزء موسع حول السبل الكفيلة للتصدي للفساد والمفسدين.
وأضاف المكتب أن الاجتماع استعرض جملة من الاجراءات التي سيتبناها سواء ضمن صلاحياته الدستورية أو ضمن اختصاصات مجلس الوزراء والتي ستعرض في القريب العاجل.
ونقل المكتب عن العبادي قوله، "إن البرنامج الحكومي الذي انطلقنا به عند تشكيل الحكومة وما تبعه من إجراءات عرضناها أمام مجلس الوزراء لتخفيض بعض الامتيازات لاسيما تخفيض الرواتب وما يتبعها من إجراءات"، مشددًا على ضرورة شحذ الهمم من قبل كل العاملين في الدولة من جانب والكتل السياسية من جانب آخر.
بدوره، أشاد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، في بيان صحافي بسلمية التظاهرات الشعبية التي خرجت في بغداد ومحافظات عراقية عديدة أخرى، مساء الجمعة للمطالبة بالإصلاحات ومكافحة الفساد والاحتجاج على غياب الخدمات لاسيما الكهرباء والماء، وثمّن الأداء المسؤول الذي قدمته القوات الأمنية في حماية المتظاهرين، مؤكدًا على حق المواطنين بحرية التعبير الحر عن حقوقهم ومطالبهم بالإصلاحات السياسية والاقتصادية ومحاسبة المفسدين من خلال التظاهر السلمي وجميع السبل المدنية المشروعة التي كفلها الدستور لهم.
ودعا معصوم السلطتين التنفيذية والتشريعية إلى اتخاذ قصارى جهدها للاستجابة إلى مطالب المتظاهرين المشروعة وتنفيذ الإجراءات الكفيلة بحلول سريعة لمشاكلهم الخدمية والاقتصادية، مشددًا على ضرورة اتحاذ الحكومة قرارات جريئة وحازمة في مكافحة الفساد والبطالة والعوز والشروع بمعالجات حقيقية وسريعة وفعالة تخدم فئات السكان محدودة الدخل وتصلح سلّم الرواتب وتوفر العدالة الاجتماعية وفرص الحياة الكريمة لجميع العراقيين.
من جانبه، وجَّه جهاز الادعاء العام العراقي، السبت تعميمًا إلى مؤسسات الدولة لإبلاغه عن جنايات وجنح الفساد التي تتعلق بالمال العام، بغرض اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق تلك الجرائم.
وأفاد رئيس الجهاز القاضي محمد الجنابي، في تصريح نقله المركز الإعلامي للسلطة القضائية، بأن رئاسة الادّعاء العام وجهت تعميمًا جديدًا إلى الوزارات والجهات غير المرتبطة بها والمحافظات إضافة إلى مكاتب المفتشين العامين.
وتابع الجنابي: "طلبنا إخبار الادعاء العام في الجنايات والجنح المتعلقة بالمال العام وحالات الفساد الإداري والمالي، وطلبنا أيضًا تشكيل اللجان والهيئات والمجالس الخاصة بذلك مع تزويدنا بالمستندات وجميع أدلة الإثبات".
ووصف المواطن عصام الهذال، رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي بأنه "إنسان يتيم الأب وتجده يتخبط في حياته ولا يعول عليه كثيرًا، كل السياسيين العراقيين يعولون على مبدأ القوة في كبح غليان الشارع، وأن الحكومة أشهرت أبواقها قبل التظاهرات ووصفتها بمظاهرات مدسوسة ووقتها غير مناسب".
وأضافت الموظفة شعوب كاظم: "أتمنى من الله تعالى أن لا يرضخ العبادي إلى الضغوطات السياسية ويستسلم لأنه بذلك سيدمر شعب بكامله، إذا لم يستغل فرصته هذه سيكون محطة للاستغلال من قبل جميع الكيانات والأحزاب وكل من تسول له نفسه لتحقيق أهدافه ومطامعه الشخصية وبذلك يصبح شخص العبادي مأمورًا لأصحاب النفوس الضعيفة وظالمًا لشعب المظلوم".
وطالبت الإعلامية إيناس محمد، رئيس الوزراء حيدر العبادي بأن يتخذ موقفًا جريئًا دون الالتفات إلى الأحزاب، معبرة "من يعول على الشعب فاز وإن كان خاسرًا فالتاريخ يكتب ولا يرحم وتحفظه الشعوب في ذاكرتها".
أرسل تعليقك