الجزائر ـ عمار قردود
دعا عدد كبير من نواب البرلمان الجزائري بغرفتيه السفلى والعليا، إلى الإسراع بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للنظر في قضية تبديد 7 آلاف مليار سنتيم جزائري-نحو 1 مليار دولار-من طرف الحكومة السابقة وعلى رأسها رئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال ووزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، وهي القضية التي فجرها رئيس الوزراء الجزائري الحالي عبد المجيد تبون وأسالت الكثير من الحبر وأثارت جدلاً واسعًا.
وبحسب النائب الرلماني الإسلامي عن الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء "حسن عريبي"، فقد تم التفكير في المطالبة بإنشاء لجنة تحقيق برلمانية وأنه بصدد جمع أكبر عدد من التوقيعات وسيتم البت في الموضوع خلال أيلول/سبتمبر المقبل مع افتتاح الدورة التشريعية الجديدة للبرلمان الجزائري. فيما طالب نواب برلمانيوون آخرون من وزير العدل وحافظ الأختام الجزائري الطيب لوح ومصالح وزارته بالتحرك الفوري، وناشدوا النائب العام الجزائري بتحريك دعوى عمومية في هذه القضية الخطيرة لأن المتهمون فيها مسؤولون سامون والمبلغ المبدد ضخم وبالتالي يستوجب على العدالة الجزائرية القيام بخطوات عملية بغية وضع حد لمث هذه الممارسات وقطع جميع أذرع أخطبوط الفساد الذي استشرى على نحو مخيف في مفاصل الدولة الجزائرية.
وقد عبّر رئيس الوزراء الجزائري عن استيائه من النتائج المتأتية من الاستثمار التي أقدمت عليها الحكومة السابقة، والتي كلفت صرف سبعة آلاف مليار سنتيم إلا أنها –يضيف تبون- لم تعط نتائج مقبولة. وفي هذا الشأن قال تبون إن "أموال باهظة خصصت للاستثمار تقدر بـ70 مليار دج لكن مردودها لم يكن في مستوى التطلعات وبالتالي سنركز جهودنا على الاستثمارات الصغيرة ذات المردودية الكبيرة، خصوصا الموجهة للشباب" مشيرًا إلى التجربة الجزائرية للصناعة الثقيلة في سنوات السبعينات التي لم تتجاوز المستوى الوطني عكس الدول التي ارتكزت على الصناعات الصغيرة وأصبحت مصدرة حاليًا.
و قال الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي-الحزب الحاكم الثاني في الجزائر-، أحمد أويحيى، إن ما قاله رئيس الوزراء الجزائري عبدالمجيد تبون بخصوص تبديد مبلغ 7000 مليار سنتيم في مشاريع لم تحقق المردودية المنشودة "حقيقة". وأضاف أويحيى على هامش حفل استقبال لإطارات الأرندي لمناسبة عيد الفطر، في الجزائر العاصمة، أن "رئيس الوزراء عبد المجيد تبون لم يكن يقصد بعدم تحصيل نتائج استثمارات بقيمة 70 مليار دينار جزائري في قطاع الصناعة-في محاولة منه لنفي التهمة عن وزير الصناعة الجزائري السابق عبد السلام بوشوارب، الذي يعتبر من إطارات الحزب الذي يرأسه أويحي- فقط وبأنها تشمل الاستثمارات العمومية". وأوضح أويحيي أنه لا يستثني أن يكون جزءًا من المبلغ الذي كشفه رئيس الوزراء الجزائري ضاع في ملف الحجار، مضيفًا أن تصريح تبون يدخل ضمن كشف الحقيقة التي يطالب بها حزب التجمع الوطني الديمقراطي.
مع الإشارة إلى أن وزير الصناعة والمناجم الجزائري الجديد "بدة محجوب" وبالتزامن مع عملية "التطهير" واسعة النطاق التي أطلقها لمسح كل آثار سلفه عبد السلام بوشوارب، كلف لجنة وزارية مركزية تتكون من إطارات سامية ومركزية بوزارة الصناعة بالتحقيق في أسباب توقف مصنع الحديد والصلب بالحجار بولاية عنابة-شرق الجزائر-عن العمل منذ أيام، وقد شرعت لجنة التحقيق الوزارية فعليًا في عملها، حيث مست تحقيقاتها جوانب إدارية ومالية، ومن ضمنها طريقة تسيير هذا المصنع الضخم خلال الفترة الأخيرة، إلى جانب كيفية تنازل الشريك الهندي عملاق الحديد العالمي "أرسيلور ميتال".
وأن اللجنة الوزارية التي تتكون من 12 إطارًا مركزيًا مختصين في المالية والمحاسبة وفي قطاع الحديد والصلب قد حلت، أواخر رمضان الماضي، في مصنع الحجار بولاية عنابة. وبحسب نفس المصادر فإن تحقيق اللجنة الوزارية قد شمل الجانب الإداري والجانب المالي، منذ سنة 2001، وهو تاريخ دخول الشريك الهندي "أرسيلور ميتال" وكيفية شرائه أسهم بالمصنع الجزائري، وكيفية تسيير المصنع من قبل مجمع "إيميتال"وتسريح الخبراء الذين كانوا يشرفون على تسييره، وأضافت ذات المصادر أن اللجنة باشرت تحقيقاتها على مستوى المصنع من دون المرور عبر مجمع "إيميتال" الذي أشرف، أخيرا، على عملية تهيئة وصيانة المصنع.
هذا وقد ترك الشريك الهندي "أرسيلور ميتال" على عاتق مصنع الحديد والصلب بالحجار، ديون بقيمة 1 مليار دولار وتشتمل على ديون المتعاملين الاقتصاديين مع المصنع ممن زودوه بخدمات في وقت سابق، كما شملت عملية التحقيق وحدة الأكسجين رقم 1، من قبل خبراء الحديد والصلب الذين رافقوا اللجنة أثناء مهمتها، وهذا لكشف سبب توقف هذه الوحدة عن الإنتاج مطلع الأسبوع الماضي، بخاصة وأنه قد تم إعادة تهيئتها بنسبة مائة في المائة وبتجهيزات جديدة قدرت بـ60 مليون يورو من قبل شركة مختلطة فرنسية-تونسية.
وكان فريق الخبراء والتقنيين المشرفين على عملية تهيئة وصيانة الفرن 2 العالي الضغط في مصنع الحجار، قد تمكنوا من إتمام عملية الصيانة والتهيئة وإعادة هيكلة كل فروع الهياكل الإنتاجية والمركبات الهوائية على مستوى المركب، منتصف شهر شباط/فبراير المنصرم، حيث شرع في إجراء المرحلة الأولى من التجارب الحرارية بدرجة تقدر بـ1800 درجة، ليدخل المركب لمرحلة الإنتاج في شهر آذار/مارس الماضي، قبل أن يتوقف بسبب عطب أصاب وحدة الأكسجين منذ نحو أسبوعين.
وبحسب التحقيقات الأولية للجنة التحقيق الوزارية فإن الوزير الجزائري السابق للصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب متورط في عدم إبلاغ الحكومة الجزائرية بالديون التي تركها الشريك الهندي "أرسيلور ميتال"، والتي قيل إنها مبلغ مالي صغير لكن بعد التحقق من ذلك بلغت الديون 1 مليار دولار، إلى جانب تسببه في تسريح الخبراء في قطاع الحديد والصلب الذين كانوا يشرفون على تسيير المصنع في السابق وجلب عمال لا علاقة لهم بالقطاع. ليأتي تصريح أحمد أويحي ليؤكد تورط زميله في نفس الحزب في القضية ربما دون أن يدرك ذلك.
أرسل تعليقك