تواجه الحكومة العراقية الجديدة ورئيسها الجديد عادل عبد المهدي، سلسلة من التعليقات الإيجابية والسلبية، على مُشاركته في مسيرات زيارة الأربعين إلى مرقد الإمام الحسين في كربلاء التي انتهت أمس الثلاثاء، وذلك في ظل تحديَّات ومشهد سياسي مُربك تشهده العراق خلال هذه الفترة.
وشارك عادل عبد الهادي الزوار مسيرتهم إلى كربلاء مشيًا على الأقدام، وطوال الطريق يحرص على تقديم خدماته إلى الزوار مثلما تظهر ذلك شاشات الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما طرح سلسلة من التعليقات تتراوح بين أقصى حدود الإشادة بمسؤول كبير، والسخرية من ممارسة يقوم بها عبد المهدي وسواه من قادة العراق الشيعة لا يرى فيها المواطن فائدة؛ إلا على مستوى الدعاية.
تحدِّيات في طريق الحكومة العراقية
وكان وضع عبد المهدي هذا العام مختلفًا؛ فهو اليوم رئيس الوزراء المهموم جدًا بسبب ما تواجهه حكومته وهي في أسبوعها الأول من تحدِّيات؛ فهو لم يتمكن إلا من تمرير 14 وزيرًا من بين 22 وزيرًا، وفيما يتعين عليه الانتهاء من شغل الحقائب الثمانية الباقية الأسبوع المقبل لتقديمها إلى البرلمان بحلول 6 نوفمبر /تشرين الثاني المقبل، فإن الخلافات سواء فيما بين الكتل السياسية أو الرأي العام، بدأت تستعر بشأن وزراء نالوا الثقة، مثل وزير الاتصالات نعيم الربيعي، بسبب ما يُقال عن شموله بإجراءات المساءلة والعدالة طبقا لوثيقة يتم تداولها، ووزير الشباب والرياضة أحمد العبيدي الذي، وإن نفى التهم الموجه إليه لجهة توجهات طائفية، لا يزال يواجه سيلاً من موجات النقد، وبالنسبة للربيعي، فإن هناك من بين النواب من بات يطرح مسألة سحب الثقة عنه فيما لم تكمل الحكومة شهرها الأول.
ويُعد الوزراء الثمانية الذين يتعين على رئيس الوزراء تقديمهم الأسبوع المقبل إلى البرلمان لنيل الثقة بعضهم ليس أفضل حالًا ممن تم التصويت عليهم؛ ففيما لا يزال الوسط الأدبي والفني يرفض تولِّي مرشح كتلة "العصائب" حسن الربيعي، مع أنه يحمل دكتوراه في علم الاجتماع، حقيبة الثقافة لأنه لا ينتمي إلى الوسط الثقافي، فإن المرشحة لوزارة العدل أسماء صادق ليست بأفضل حالا منه، فبالإضافة إلى صغر سنها "تخرجت في كلية القانون عام 2005"، فإنها من المكون المسيحي، بينما وزارة العدل تحتاج إلى قاض متخصص وكبير في السن، فضلا عن أن معظم القوانين التي هي من مسؤولية الوزارة، قوانين إسلامية.
الوضع الكُردي
كُرديًا، باستثناء وزارة سيادية واحدة هي وزارة المالية حسمت للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني حيث تولاها المرشح السابق لرئاسة الجمهورية فؤاد حسين، فإن الوزارات الثلاث الباقية لا تزال تدور بشأنها معركة بين "الديمقراطي الكردستاني" وحزب "الاتحاد الوطني الكردستاني"، على أثر رفض بارزاني منح غريمه اليوم وشريكه الاستراتيجي السابق "الاتحاد الوطني"، إحدى هذه الوزارات بناء على الاستحقاق الانتخابي أولا، وكون "الاتحاد الوطني" استنفد نقاطه بعد نيل مرشحه برهم صالح منصب رئيس الجمهورية.
وتدور المعركة الكبرى، بشأن مُرشحي وزارتي الدفاع والداخلية، وفي هذا السياق، أكد مصدر سياسي مطلع أن "الخلاف بين الشيعة، لا سيما كتلتي؛ "الفتح" بزعامة هادي العامري، و"سائرون" بزعامة مقتدى الصدر، لا يزال قائما بشأن المرشح لحقيبة الداخلية فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي ورئيس جهاز الأمن الوطني السابق"، مبينا أن "(سائرون) لا تزال تضع فيتو على الفياض، بينما (الفتح) من جانبها تصر عليه لأنها لا ترى سببا مقنعا خلف رفض السيد الصدر للفياض".
وتجنب المصدر السياسي في حديث إلى "الشرق الأوسط" الخوض في تفاصيل الخلاف السني بشأن المرشح لحقيبة الدفاع، بينما أكَّد أنه في حال لم يحصل اتفاق أو توافق خلال الأيام المتبقية حتى موعد 6 تشرين الثاني /نوفمبر المقبل، فإن كلاً من الكتلتين سوف تذهب إلى البرلمان بمرشحين اثنين لغرض طرحهما للتصويت داخل البرلمان.
وأكد المصدر السياسي ردًّا على سؤال عما إذا كان هذا الإجراء سيظهر إلى العلن الخلاف الذي يبدو صامتا الآن بين أهم حليفين شيعيين حاليا، وهما "الفتح" و"سائرون"، أنه لا يعرف تداعيات ذلك، ولكن "الفتح" لا يزال يطلب تفسيرا مقنعا لرفض الفياض وهو مقبول من كل الكتل تقريبا".
تحدِّيات سُنِّية
وعلى الصعيد السُّني، وطبقا للنائب عن "المحور الوطني" أحمد الجربا في حديث لـ"الشرق الأوسط"، فإن "هناك مرشحين لمنصب وزير الدفاع؛ هما هشام الدراجي وهو مرشحنا في (المحور الوطني)، وفيصل الجربا الذي يريد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي طرحه مرشحا لـ(ائتلاف الوطنية) بزعامة إياد علاوي ومن معه من القوى السنية مثل صالح المطلك وسليم الجبوري"، مبينا أن "هذا الخلاف لم يحسم بعد داخل الكتل السنية".
ويرى الجربا أن "المشكلة أن عبد المهدي ينوي، مثلما صرح هو قبل أيام، إعادة طرح الأسماء نفسها التي على بعضها خلافات"، مبينا أنه "في حال كان مترددا مثل عرض الأسماء الأولى، فإنه سيواجه انتكاسة ثانية، وفي حال استمرت هذه الانتكاسات التي قوامها التردد وعدم مقاومة ضغوط الكتل، فإن من المشكوك فيه أن يكمل الدكتور عادل عبد المهدي فترة الأربع سنوات التي هي سنوات مملوءة بالتحدي".
وفيما بين أن "الرجل لم يكن حرا بعكس ما أشيع عن منحه الحرية الكاملة، فإن الحل الوحيد أمامه هو أن يكون حازما لأنه مدعوم بقوة من قبل الشعب العراقي الذي يريد حكومة قوية وقادرة على التغيير".
أرسل تعليقك