تل أبيب - العرب اليوم
دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لبيد، الوزراء المعنيين وقادة الأجهزة الأمنية إلى جلسة مداولات خاصة حول الموضوع وسبل منع انفجار انتفاضة فلسطينية جديدة، في ظل تصريحات عدد من كبار الخبراء العسكريين والسياسيين حذرت من خطر انفجار جديد كبير في الضفة جراء التصعيد في عمليات القمع، والضغوط الأميركية للتخفيف منها. وقالت مصادر في تل أبيب، إن جلسة لبيد ستبحث في أوضاع السلطة الفلسطينية، على خلفية تراجع مكانتها في الضفة الغربية وطرح مطالب في اليمين بضرورة القيام بعملية اجتياح أخرى للضفة الغربية، بدعوى تصفية «الإرهاب الفلسطيني».
واعتبر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، غادي آيزنكوت، هذه الدعوة بـ«مثابة جنون». وقال إن «من يطلق الدعوات لاجتياح، يريد الدمار للاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية». وطالب آيزنكوت، الذي أصبح مرشحاً متقدماً لعضوية الكنيست ضمن حزب الجنرالات الذي يقوده وزير الدفاع، بيني غانتس، بوضع استراتيجية لتقليص الصراع مبنية على منح تسهيلات لتقوية السلطة الفلسطينية. وقال المسؤول العسكري السابق، إن «حكومات بنيامين نتنياهو، عملت في السنوات الأخيرة على إضعاف السلطة الفلسطينية وتقوية حركة حماس على حساب السلطة ومكانتها في الضفة الغربية. وإن حكومة نفتالي بنيت لم تستطع إحداث تغيير بل أهملت الموضوع السياسي الفلسطيني وركزت في محاربة الإرهاب. وإن قواتها الأمنية نجحت حتى الآن في لجم تسلل نسبي للإرهاب والجريمة إلى داخل إسرائيل، على خلفية التدهور الحالي في الضفة. ولكن هذا لا يكفي، ويجب أن يقترن بجهود سياسية تقوي السلطة وتعيد الأمل لآفاق سياسية أفضل».
وتطرقت صحيفة «هآرتس» للموضوع، موضحة أن إسرائيل تريد أن تعمل السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية في خدمة إسرائيل وحماية قواتها ومستوطنيها، في الوقت الذي تواصل فيه سياساتها بالسيطرة على أراضي الفلسطينيين وتوسيع الاستيطان، ورفض إجراء محادثات سياسية وترسيخ الحكم العسكري. ونقلت عن رئيس أركان الجيش السابق، أفيف كوخافي، قوله (الأربعاء)، إن «عدم قدرة أجهزة الأمن الفلسطينية على الحكم في مناطق الضفة الغربية، يشكل أرضاً خصبة لنمو الجماعات الفلسطينية المسلحة». في المقابل، رأى تقرير صدر عن «معهد أبحاث الأمن القومي» في جامعة تل أبيب شارك آيزنكوت في وضعه، أن نمط الممارسات الإسرائيلية الحالية ضد تصاعد العمليات التي ينفذها فلسطينيون في الضفة الغربية مما يشكل «أرضا خصبة لتعاظم روح المقاومة الفلسطينية». وأضاف التقرير، أن إدارة إسرائيل للصراع وفق مفهوم «قص العشب» يوشك على استنفاد نفسه، وحتى إنه قد يؤدي إلى انفجار عنف واسع، يشكل التحدي الاستراتيجي الحقيقي الماثل أمام إسرائيل.
وكتب المحلل آفي سخاروف في «يديعوت أحرونوت»، أن الجهود التي تبذلها الحكومة لتصفية العمل المسلح، «يمكن أن ترتد إلى نحر إسرائيل وتفجر انتفاضة». وقال إن عملية إطلاق نار ومحاولة إشعال حافلة تنقل جنوداً إسرائيليين في الشارع رقم 90 في الأغوار، يوم الأحد الماضي، لم تكن مفاجئة من حيث حدوثها وتوقيتها ومنفذيها، ولا من حيث انعدام رد فعل من جانب السلطة الفلسطينية. واعتبرها «شجرة أخرى في غابة الإرهاب الآخذة بالاتساع، وفصل آخر في روح المقاومة الفلسطينية الذي يتبلور بنمط الجهاد الإسلامي بالتعاون مع حماس وكتائب الأقصى التابعة لفتح». مضيفاً أن هذا كله «بتشجيع من إيران وحزب الله. وفي الوقت الراهن، ثمة أهمية للنظر إلى الغابة كلها، وليس التركيز على إحدى الأشجار فيها».
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أجرت مداولات في الأسابيع الأخيرة، تمت خلالها دراسة مجموعة اقتراحات تهدف إلى المساعدة في تعزيز السلطة في رام الله، إلا أن مصادر سياسية شاركت في هذه المداولات قالت، إنها «واجهت صعوبة في التأكيد على ما إذا سيكون لهذه الاقتراحات تأثير حقيقي على الوضع الميداني». علماً بأن هذا الموضوع سيطرح في المداولات التي ستجري لاحقا. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي، قوله، إن قواته تعمل في عدة مدن في الضفة بادعاء أن أجهزة الأمن الفلسطينية لا تنشط فيها. وأشار إلى أن أكثر من 80 فلسطينياً قتلوا بنيران قواته، فضلاً عن اعتقال 1500 فسلطيني، ولكن هذا لن يغير الوضع للمدى البعيد، بل ربما يأتي بنتيجة عكسية. مؤكداً أنه «بالرغم أن عدد المعتقلين والارتفاع الكبير في عدد القتلى والجرحى الفلسطينيين، فقد تعززت روح المقاومة الفلسطينية وانتشرت في أنحاء يهودا والسامرة (الضفة الغربية)».
وخلافا للسياسة التي تحاول الحكومة الإسرائيلية اتباعها، رأى تقرير خبراء الأمن في تل أبيب، أن «الضائقة الاقتصادية لوحدها ليست عاملاً يفسر هذه الظاهرة، وإنما الحديث يدور عن وعي نضالي يتسع ويتغذى من ارتفاع مستوى الاحتكاك العنيف مع قوات الجيش. وبهذا، فإن إسرائيل تقترب بخطوات كبيرة جدا نحو (المعضلة الاستراتيجية): فمن جهة، استئناف مبادرة سياسية باتجاه الانفصال عن الفلسطينيين، حتى لو كانت محدودة في ظل غياب إمكانية التوصل إلى تسوية دائمة في المستقبل المنظور، ولكن مبادرة كهذه ستشير إلى «اعتراف إسرائيلي بالسلطة الفلسطينية شريكة في عملية التسوية، وكذلك تشجيع تقويتها كبديل لقيادة المقاومة المسلحة».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
بايدن يبدأ جولته بوعد بتعميق اندماج إسرائيل في المنطقة ويؤكد التزامه حل الدولتين
إسرائيل تعتقل محافظ القدس في السلطة الفلسطينية
أرسل تعليقك