رُفعت جلسة مجلس الأمن الدولي الاستثنائية حول سورية فجر اليوم الخميس، دون التوصل الى أية نتيجة أو قرار بسبب الخلافات العميقة التي لاتزال تتحكم بالأطراف الدوليين والاقليميين، وخصوصًا بين الجانبين الأميركي والروسي. وأفادت أوساط متابعة في نيويورك أن الجلسة شهدت مناقشات حامية وكلامًا متوترًا حمل تبادلا للاتهامات بين وزيري الخارجية الأميركية والروسية جون كيري وسيرغي لافروف، مما أدى الى افشال أي اتفاق على معالجة الوضع السوري وعودة الالتزام بالهدنة العسكرية التي انتهت قبل يومين.
وكل ما تمَّ الاتفاق عليه هو ما أعلنه دبلوماسيون غربيون من أن المجموعة الدولية لدعم سورية ستجتمع اليوم الخميس على هامش التجمع السنوي لزعماء العالم في الأمم المتحدة. وستعقد المجموعة (التي تضم 23 دولة ومنظمة دولية) اجتماعها في نيويورك برئاسة الولايات المتحدة وروسيا في محاولة لإنقاذ العملية الدبلوماسية الرامية لوقف الحرب في هذا البلد. ويأتي الاجتماع بعدما تصاعدت حدة اللهجة المستخدمة في الحديث بين ممثلي الولايات المتحدة وروسيا، على خلفية قصف القافلة الإنسانية قرب حلب في سورية، وإلقاء اللوم وتوجيه الاتهام بشأن الغارات الجوية الأخيرة على حلب.
لافروف
وشهدت جلسة مجلس الأمن سخونة ملحوظة عندما تحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فرأى أن المسؤولية تقع على الأميركيين للفصل بين قوى المعارضة والجماعات الإرهابية. وقال إن "الأولوية الأولى تتمثل في تحديد ملامح المعارضة وتمييزها عن جبهة النصرة وداعش، وإنجاح وقف الأعمال العدائية وإيصال المساعدات الإنسانية، والتصدي بنجاح لمحاولات الإرهابيين وأعمالهم، ولأولئك الذين يتسترون برداء الاعتدال". وحض على "إجراء تحقيق دقيق" في استهداف القوافل الإنسانية، داعياً الى "الامتناع عن ردود الفعل العاطفية، والتحقيق بشكل مهني".
وإذ لاحظ أن "المسافة بين حصول هذا الهجوم ومناطق القتال في حلب لا تتجاوز خمسة الى سبعة كيلومترات"، كشف أن موسكو "قدمت كل المعلومات ذات الصلة باستهداف تلك القافلة، بما في ذلك تصوير بالفيديو. وعلى رغم نداءاتنا، بما في ذلك ما ورد في قرارات مجلس الأمن في شأن ضرورة ممارسة النفوذ على المجموعات المسلحة ومجموعات المعارضة، فإن النتائج كانت هزيلة". وخلص الى أن "الوقت حان لإعادة النظر في قائمة المنظمات الإرهابية"، مبرزاً "ضرورة الكف عن التستر على من يرفضون السلام ولا يطبقون قرارات مجلس الأمن ومن يجب أن يعتبروا إرهابيين".
كيري
وهاجم وزير الخارجية الأميركي جون كيري روسيا بشدة من غير أن يوفر الرئيس فلاديمير بوتين. وقال إن لافروف "يعيش في عالم مواز للعالم الذي نعيشه". وتساءل: "كيف يمكن أناساً أن يجلسوا الى الطاولة ذاتها مع نظام يلقي غاز الكلور ويقصف مدنه مجدداً اليوم تلو الآخر؟ أيفترض أن يجلسوا إلى الطاولة نفسها وأن يجروا حواراً ودياً، مرحاً؟ توقعون اتفاق وقف النار ولا تمتثلون له، أين صدقيتكم؟". وذكر أن جميع الدول بما في ذلك إيران والسعودية وقطر وتركيا وروسيا والولايات المتحدة أكدت أنها تريد سوريا موحدة وعلمانية وتحترم حقوق الجميع، وأضاف: "دعوني أشاطركم اليوم بعض الحقائق – حقائق: في الليلة الماضية بلغتنا تقارير عن بقصف جوي لمرفق طبي بالقرب من حلب وقتل أربعة عاملين إنسانيين على رغم وقف النار. ليس هناك سوى بلدين تحلق طائراتهما في الليل، أو في أي وقت في الواقع في تلك المنطقة، روسيا وسوريا. ولافروف قال للتو دعونا نتحقق من الوقائع. يوم الاثنين، قتل 20 عاملاً إنسانياً في هجوم مقيت دام ساعتين واستهدف قافلة إنسانية مأذونا لها". وطالب موسكو باجبار حليفها السوري على "منع تحليق طائراته" العسكرية و"منعه" من قصف المعارضة والمدنيين في حلب.
بان كي مون
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الأربعاء، إلى فرض حظر على تحليق سلاح الجو التابع للنظام السوري فوق مناطق المعارضة في البلاد. كما وجه، عبر كلمة أمام اجتماع قي مجلس الأمن الدولي حول سورية، نداءً إلى المجتمع الدولي من أجل "إعادة إحياء عملية وقف إطلاق النار هناك".
وقال كي مون: "علينا أن نبقى مصرين على أن وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه برعاية موسكو وواشنطن في التاسع من سبتمبر/أيلول الجاري سيتم إحياؤه، وإنني أحث الجميع على استخدام نفوذهم الآن لضمان ذلك". وأضاف: "هذه هي الفرصة لحظر سلاح الجو السوري، ورؤية عمل عسكري مشترك ضد الجماعات الإرهابية مثل داعش وجبهة النصرة (غيرت اسمها مؤخرا إلى جبهة فتح الشام)، وتسهيل المساعدات الإنسانية إلى حلب وجميع أنحاء البلاد. إذا استطعنا لذلك سبيلاً فسنفتح الطريق لمحادثات سياسية".
وتطرق الأمين العام إلى المقترحات التي سيجري تقديمها لأطراف الصراع في سوريا بهدف استئناف مفاوضات السلام، قائلاً: "لا يجب أن يعتمد مصير أي بلد على مصير فرد واحد، إذا استمر جانب واحد في الإصرار على أن صلاحيات مكتب الرئيس لا تخضع للتفاوض، فلن تكون هناك تسوية عن طريق التفاوض، وإذا أصر جانب آخر على أن الرئيس ببساطة يجب أن يغادر في بداية المرحلة الانتقالية، فمن الصعب أن نرى مفاوضات حقيقية".
دي مستورا
من جانبه قال دي ميستورا في كلمته أمام الجلسة إن جميع الأطراف تدرك أهمية المرحلة الانتقالية في سوريا، معلنا أنه سيطرح خطة إطار عمل لاستئناف المفاوضات. وأكد على أن المرحلة الانتقالية في سورية يجب أن تشمل الجميع، منوها إلى ضرورة الانتقال للمفاوضات المباشرة بين الأطراف السورية في الجولة الجديدة من المباحثات.
ايرلوت
ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان - مارك ايرولت الى فرض عقوبات على منفذي الهجمات الكيميائية في سوريا، وخصوصا النظام السوري. وقال إنه "لا يمكن السكوت عن أي جريمة ولو على حساب تهدئة. لا سلام ما دام هناك افلات من العقاب"،. وخصّ مجلس الأمن التحرك بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة "لادانة هذه الهجمات ومعاقبة مرتكبيها".
الجعفري
من جهته أكد المندوب السوري الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري استعداد دمشق لاستئناف الحوار السوري دون شروط مسبقة بهدف الوصول إلى حل سياسي يقوم به السوريون وحدهم دون تدخل خارجي. وقال إن المجتمع الدولي وقف عاجزا أمام القصف الأميركي على الجيش السوري في دير الزور، مستغربا إخفاق طائرات التحالف الدولي في التمييز بين تنظيم "داعش" وبين من يحاربه.
وأضاف: "الاتهامات الباطلة لحكومة دمشق باستهداف قافلة مساعدات تأتي ضمن حرب إرهابية وتعطيل الحل السياسي.. هل يمكن لمئات من المجموعات المسلحة والإرهابيين أن يستمروا لمدة خمس سنوات من دون دعم خارجي ؟".
وأكد الجعفري أن "العدوان الأميركي شرقا والتركي شمالا والإسرائيلي جنوبا" يعني الانتقال من الحرب بالوكالة إلى الحرب بالأصالة.
رئيس مجلس الأمن
وقال رئيس وزراء نيوزيلندا جون كي، بصفته رئيس مجلس الأمن الدوليللشهر الحالي ، إن النظام السوري "لا يمكن أن يخرج فائزاً" من الحرب الدائرة في البلاد. وأضاف أنه بات من الواضح أن السوريين وحدهم "غير قادرين على إنهاء الحرب".
واعتبر أن اتفاق وقف الأعمال العدائية، الذي تم التوصل إليه برعاية أمريكية روسية، يمثل "الأمل الأكبر المتاح حالياً"، داعياً القيادتين الأميركية والروسية إلى عدم "تفويت تلك الفرصة". ولفت رئيس مجلس الأمن الدولي، في كلمته، الى أن "الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة، فيما يتعلق باستعادة تطبيق وقف الأعمال العدائية وإيصال المساعدات الإنسانية"، وحث النظام السوري وجماعات المعارضة على التقيد ببنود الاتفاق، مؤكدًا أن "الحل السياسي يتطلب معالجة جذور الصراع، وإقامة شكل جديد من الحكم في سورية".
كما طالب بعدم استخدام مكافحة الإرهاب ذريعة "لتحويل تركيزنا بعيداً عن التوصل إلى حل سياسي"، وقال إن الإرهاب "هو نتيجة أساسية للحرب السورية، وأدعو كل البلدان تأثير بأن تتحمل مسؤولياتها الخاصة في هذا الصدد".
روحاني
ورغم الإدانة الدولية الواسعة لقصف قافلة الإغاثة الدولية المتجهة إلى حلب من قبل الطيران الروسي والسوري، إلا أن الرئيس الإيراني حسن روحاني ظهر بموقف مؤيد لاستمرار القصف الذي أودى بحياة أكثر من 20عامل إغاثة.
وأعلن رفضه الأربعاء مطلبا أميركيا بأن توقف سورية وروسيا تحليق جميع الطائرات في شمال سوريا بعد أن هدد قصف قافلة للمساعدات الإنسانية بتقويض وقف إطلاق النار. وفي مقابلة مع قناة إن بي سي نيوز التلفزيونية برر روحاني قوله، بأن وقف الطائرات سيساعد تنظيمي داعش وجبهة النصرة. وكان روحاني التقى الأمين العام للأمم المتحدة وعرض معه الوضع السوري وبقية التطورات في المنطقة.
أرسل تعليقك