القدس المحتلة ـ ناصر الأسعد
أجبر الفلسطيني المقدسي محمود صالحية، الاثنين، قوات الاحتلال الإسرائيلي على الانسحاب من أرضه، بعد 10 ساعات من حصار حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، من دون إخلائه من منزله.وتصدى صالحية وعائلته لقوات الاحتلال، بعد صعوده فوق سطح منزله وتهديده بإحراق نفسه وتفجير اسطوانة غاز، تأكيدًا على رفضه الخروج من منزله.وبعد حصار استمر لعشر ساعات، انسحبت قوات الاحتلال من الشيخ جراح، في خطوة تعتبر الأولى في مدينة القدس المحتلة.
وأكد صالحية لقوات الاحتلال أنه لن يخرج من منزله "إلا على المقبرة"، وسكب البنزين على ملابسه تأكيدا على جديته في حرق نفسه.وقال: "أضحي بنفسي من أجل أرضي، فالموت بكرامة أفضل من الموت بذل".واعتقلت قوات الاحتلال الاثنين، 7 مقدسيين بينهم يحيى الخطيب أحد المستأجرين لمشتل السلام ونجله أحمد (15 عامًا)، والشاب عبد الله العكرماوي، تزامنا مع حصار حي الشيخ جراح.وقال شهود عيان إن شرطة الاحتلال أخلت سبيل يحيى الخطيب بشرط الإبعاد عن حي الشيخ جراح لمدة 15 يوما، ومددت توقيف نجله أحمد لمثوله غدا أمام المحكمة.
كما اعتدت قوات الاحتلال الاثنين، على الشبان والمتضامنين مع عائلة صالحية بالضرب والدفع، تزامنا مع عملية الهدم في الأرض.فيما هدمت آليات بلدية الاحتلال اليوم عدة مبان ومنشأة تجارية في أرض المقدسي محمود صالحية في حي الشيخ جراح.وأوضح الشهود أن آليات البلدية هدمت مشتلا زراعيًا السلام بعد إخلاء معظم محتوياته ونقلها في شاحنات ضخمة، ثم هدمت بركسا وغرفة خشبية داخل المشتل.كما هدمت جرافات البلدية محل كهربائي سيارات، ومعرضين للسيارات ومحل حلاقة داخل أرض صالحية.
وفرضت قوات الاحتلال الاثنين حصارًا واسعًا في محيط حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، تزامنًا مع عملية الهدم ومحاولة اخلاء محمود صالحية من منزله.وأغلقت دوريات شرطة الاحتلال الشوارع المؤدية إلى أرض صالحية أمام حركة المركبات من جميع الجهات، ونصبت السواتر الحديدية والأشرطة الحمراء، وحلقت طائرة مسيرة في سماء الحي، ومنعت وسائل الاعلام المختلفة من الوصول لمنزل صالحية.
واستدعت وحدات خاصة "اليمار" خلال حصار المنطقة، من أجل التدخل السريع لإخلاء صالحية من منزله.وشهدت شوارع القدس الاثنين أزمة مرورية خانقة، بسبب اغلاق قوات الاحتلال محيط الشيخ جراح، ما أدى إلى عرقلة الحياة الطبيعية في المنطقة، ووصول السكان وطلاب المدارس إلى بيوتهم بالحي.وتضامن العشرات من الشخصيات الدبلوماسية والوطنية مع عائلة صالحية بينهم أعضاء كنيست وممثلين عن الاتحاد الأوروبي ومقدسيين وناشطين أجانب ويهود من حركة السلام.
وكان قد دعا نشطاء وفعاليات وطنية، أهلنا في القدس إلى التحرك والنفير دعمًا وإسنادًا لعائلة صالحية في حي الشيخ جراح، المرابطة فوق منزلها، رفضًا لمحاولات الاحتلال الإسرائيلي سرقته وإجبارهم على إخلائه.وكانت قوات الاحتلال، أغلقت صباح الاثنين، طرقًا رئيسة مؤدية إلى حي الشيخ جراح بالقدس، وحاصرت منزل المواطن المقدسي محمود صالحية، تمهيدًا لإخلائه وسرقته.واعتصم أهل المنزل فوق سطح منزلهم، وسكبوا البنزين على السطح، وهددوا بحرق المنزل وتفجير اسطوانات الغاز التي حملوها إلى السطح، رفضًا لجريمة الاحتلال المرتقبة.
وقال صاحب المنزل صالحية: "إما أن نبقى في بيتنا أو نذهب للقبر، علينا جميعا أن نصحو، فاليوم يريدون إخراجي وغدا يخرجون الثاني والثالث والجميع، لن نخاف، إما يتركونا أو يحبسونا أو يقتلونا".وفي منتصف كانون الثاني/ ديسمبر الماضي، أصدرت قوات الاحتلال قرارًا يقضي بإخلاء أرض للعائلة بمساحة 6 دونمات تضم منزلًا ومشتلًا، وسلمت صالحية مهلةً لتنفيذ قرار إخلاء أرضه المبني عليها منزله، حتى 25 من كانون ثاني/ يناير الجاري.وقال صالحية إنه يواجه بلدية الاحتلال وما يسمى "حارس أملاك الغائبين" بمحاكم الاحتلال منذ 23 عامًا، لم تستطع خلال هذه السنوات مصادرة أرضه بأي شكل كان.
وأضاف أنه في السنة الأخيرة أصدرت قوات الاحتلال قرارًا بمصادرة الأرض تحت بند "المنفعة العامة" لبناء مدارس، مؤكدًا أن هذ القرار جائر وبمثابة جريمة حرب وتطهير عرقي.
ويواجه المئات من الفلسطينيين أوامر طرد من منازلهم في حي الشيخ جراح وأحياء أخرى في القدس الشرقية.وتتفاوت الأسباب التي تستند عليها قرارات الإخلاء، من بينها، على سبيل المثال، رفع إسرائيليين دعاوى قضائية للمطالبة باسترداد الأرض التي يقولون إنها أُخذت بشكل غير قانوني خلال حرب عام 1948.
ويرفض الفلسطينيون تلك الادعاءات، ويقولون إن منازلهم جرى شراؤها بطريقة قانونية من السلطات الأردنية التي سيطرت على القدس الشرقية بين عامي 1948 و1967.وقدمت سبع عائلات فلسطينية في الشيخ جراح طعونا قضائية إلى المحكمة العليا الإسرائيلية ضد تهديدات الإخلاء، ليس من بينهم عائلة صالحية.وانتقدت لورا وارتون، عضو مجلس مدينة القدس، التي كانت في موقع تنفيذ الإخلاء، تصرفات بلدية القدس.
وقالت: "كان بوسعهم بناء المدارس في نفس الأرض دون نقل العائلات، توجد مساحات كثيرة".وأضافت وارتون: "من المؤسف أن البلدية هي التي تفعل ذلك، وليس بعض المستوطنين المتطرفين".ومن المقرر أن تلتقي وارتون عائلة صالحية في وقت لاحق.واحتلت سلطات الاحتلال القدس الشرقية في حرب الأيام الستة عام 1967 وضمتها لاحقا، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.ودخل ما يزيد على 200 ألف مستوطن يهودي المنطقة منذ ذلك الوقت، مما أثار التوترات مع الفلسطينيين الذين يطالبون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم.
بدأت المعركة القضائية، التي تمتد لسنوات، من جانب منظمات استيطانية يهودية تسعى إلى "استعادة ملكية أراض كان يملكها اليهود" في القدس الشرقية قبل تأسيس دولة إسرائيل في 1948.ويقول السكان الفلسطينيون إن الأردن منحهم منازل على الأرض بعد أن تم طردهم من بلداتهم التي أصبحت جزءاً مما بات يعرف بإسرائيل.وفي العام 1956، عندما كانت القدس لا تزال تحت الإدارة الأردنية أجرّت السلطات الأردنية قطعاً من الأرض لعائلات فلسطينية، وقامت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، ببناء منازل لهم عليها. ووعدت الحكومة الأردنية في حينه بتسجيل الأرض بأسمائهم، لكن العملية لم تتم حيث احتلت قوات الاحتلال الاسرائيلية القدس بعد حرب 1967 وضمتها، فيما بعد، في خطوة لم تحظ باعتراف معظم المجتمع الدولي.
وفي العام 1970، سنت سلطات الاحتلال قانونا يتيح لليهود استعادة ملكية "أراضيهم التي خسروها في العام 1948 في القدس الشرقية"، حتى لو كان يعيش عليها فلسطينيون. لكن هذا الخيار غير متاح للفلسطينيين الذين فقدوا أراضيهم وممتلكاتهم.وسبق أن أصدرت محاكم الاحتلال الإسرائيلية قرارات بأحقية مجموعة مستوطنين، في المنازل التي بنيت على أراض كان يملكها يهود قبل حرب 1948 في منطقة الشيخ جراح.
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك