استدعى العراق السفير التركي في "بغداد" احتجاجًا على توغل قوات بلاده إلى داخل الأراضي العراقية وهددت بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن حال استمرار العمليات، وفي هذا الصدد يرى مراقبون أن عملية استدعاء السفير التركي والاحتجاج هي للاستهلاك الإعلامي وأن تحركات القوات التركية تتم بناء على اتفاق ثنائي وتوافق إقليمي ودولي، وعلى العراق أن يقوم بطرد قيادات حزب العمال من أراضيه والمصنفة إرهابية، ثم يتقدم بشكواه حال انتهاك تركيا أو غيرها لأراضيه، أما بقاء تلك العناصر يعد مبرر لأنقرة لشن العمليات العسكرية ضدها.
استهلاك إعلامي
قال ثائر البياتي أمين عام اتحاد القبائل العربية بالعراق: "سبق أن قدم العراق شكاوي إلى مجلس الأمن ضد سوريا وتركيا ولم يكن لها تأثير، وأعتقد أن ما قيل مجددا عن التهديد بتقديم شكوى هو للإعلام فقط ولا جدية فيه من قبل الحكومة، وهناك اتفاق مسبق وقع عليه وزير الداخلية العراقي الأسبق جواد البولاني والذي أجاز للاتراك التوغل داخل الأراضي العراقية لمسافة 30 كم".
أرض مستباحة
وأضاف البياتي، "إن أرض العراق مستباحة ولا سيادة له، ويؤكد ذلك عمليات حزب الله في العراق واستهداف المصالح الدولية والبعثات الأجنبية العاملة في العراق، بل وفوق كل ذلك، تم تهديد الحكومة ورئيسها بشكل علني"، قائلًا: "العراق لا يحتاج أن يقدم شكاوي أو مذكرات إلى مجلس الأمن و الأمم المتحدة، بل يحتاج إلى أن تحكمه حكومة عراقية قوية تجعل أرضه محرمة على من يتطاول عليها، العراق يحتاج أن يتخلص من المنظمات الإرهابية العاملة على أرضه والمدعومة من قبل قوى رسمية وسياسية". وأشار أمين اتحاد القبائل إلى أن منظمة "البي كا كا" أحد تلك المنظمات الإرهابية والمسيطرة على مناطق أصبحت محميات مثل ما سيطر حزب الله المصنف منظمة ارهابية على جرف الصخر و غيرها من المناطق.
ضوء أخضر أمريكي
ولفت البياتي إلى أن "تركيا حصلت على ضوء أخضر أمريكي بعد أن تأكد مشاركة منظمة "البي كا كا" باستهداف قاعدة (K1) قبل أشهر في كركوك، ومقتل متقاعد أمريكي فيها، واليوم نشهد تحالف معلن وواضح بين الحرس الثوري وحزب الله و"البي كا كا" والمليشيات الطائفية العراقية والجميع يعلم وفق استراتيجية إيرانية داخل المنطقة والعراق بشكل خاص، والأغرب من ذلك هو التحالف المعلن بين تركيا وإيران".
صراع مصالح
وأشار البياتي إلى أن "دهاليز سياسات الدول الإقليمية في العراق وسوريا على وجه الخصوص والمنطقة عموما وتداخلاتها، تجعل المتابع يعتقد أن لاحلول تنجح، وهي أصعب ما يمكن حله على يد أبناء المنطقة، نحن نعتقد أن كل ما يدور في العراق هو صراع مصالح بين بريطانيا وأمريكا وإسرائيل وروسيا". من جانبه قال الدكتور معتز محيي عبد الحميد، مدير المركز الجمهوري للدراسات الأمنية والاستراتيجية بالعراق: "في الحقيقة إن العراق دائما يقوم بالاحتجاج على ضوء ما يقوم به الجانب التركي من مطاردات واستهداف لحزب العمال المتواجد منذ فترة طويلة في سلسلة جبال قنديل، ومنذ عامين تقريبا توجه عناصر حزب العمال إلى مناطق أكثر حساسية في العراق وقاموا باحتلال جبل سنجار بعد تحريره من داعش (المحظور في روسيا) من جانب حكومة إقليم كردستان".
وأوضح عبد الحميد، أن "العراق دائما وفي كل مرة يقوم باستدعاء السفير التركي لدى بغداد ويقدم له احتجاج على هذه التوغلات والضربات الجوية، وهناك تقارير ذكرت قبل أسابيع أنه حدثت تفاهمات بين الجانب التركي والعراقي حول تلك الضربات، وأرسلت الحكومة التركية خلال الأسابيع الماضية وفد عسكري عالي المستوى اجتمع مع وفد عسكري عراقي بصورة سرية وتفاهموا على وضع العمليات القادمة، لأن الأتراك يريدون إنشاء قوات عسكرية في مناطق أخرى غير منطقة بعشيقة والمتواجدين بها منذ فترة طويلة".
حلف عسكري
وتابع مدير المركز الجمهوري، أن "تلك الاتفاقيات التي جرى توقيعها، سوف تجعلنا نشهد خلال الفترة القادمة تمحور حلف عسكري للخلاص من مسلحي حزب العمال "البي كا كا" وإلقاء القبض على قيادات الحزب المطلوبة دوليا والمتواجدة في كردستان على الأراضي العراقية وتسليمها إلى تركيا، والتأكيد على أن تلك العناصر قد خرجت الأجواء المستقرة بين البلدين وأشعلت التوتر في المنطقة".
وأشار مدير المركز الجمهوري إلى أن "تلك العمليات عادة ما كانت تقوم بموافقة الرئيس صدام حسين قبل العام 2003 وضمن اتفاقية عسكرية تسمح للقوات التركية بالدخول والتوغل لمسافة 30 كم داخل الأراضي العراقية، على أن تجدد تلك الاتفاقية سنويا بشكل تلقائي دون لقاء بين الجانبين، ونحن ضمن هذه الاتفاقية، لذلك يجب أن تكون الرؤية الاستراتيجية القادمة ترتكز على طرد تلك القيادات من الأراضي العراقية بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان لأنها المسؤولة عن ادخال تلك القوات، لأن تلك المناطق النائية تكون ضمن المناطق التي تدخل تحت سيطرة قوات البيشمركة والاتحاد الوطني الكردستاني".
وأعلنت وزارة الدفاع التركية، الثلاثاء 16 يونيو/حزيران الماضي عن إطلاق عملية عسكرية جديدة شمالي العراق، مؤكدة في بيان عبر حسابها بموقع تويتر، "لقد بدأت عملية (المخلب-النمر)، فعناصر وحدات الكوماندوز الأبطال موجودون حاليا في منطقة هفتانين". وتنفذ القوات التركية في السنوات الماضية عمليات مكثفة ضد المسلحين الأكراد، الذين تعتبرهم إرهابيين، في كل من العراق وسوريا، قائلة إن ذلك يأتي "ردا على هجمات شنها أو خطط لها عناصر "حزب العمال الكردستاني"، الذي تحاربه تركيا منذ نحو أربعة عقود داخل البلاد وخارجها". ويخوض "حزب العمال الكردستاني" تمردا على الدولة التركية منذ 1984، وتصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، وفي الصراع الدائر، قتل أكثر من 40 ألف شخص.
قد يهمك ايضـــًا :
اليمن يطالب مجلس الأمن الدولي بحل عاجل لكارثة "صافر"
اليمن يطلب من مجلس الأمن عقد جلسة خاصة حول "خزان صافر النفطي"
أرسل تعليقك