الصراعات الإثنية في السودان بين النزعة القبلية واللعبة السياسية
آخر تحديث GMT13:40:29
 العرب اليوم -

تسبَّبت في مئات مِن القتلى والجرحى وحرق قرى ومساكن

الصراعات الإثنية في السودان بين النزعة القبلية واللعبة السياسية

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - الصراعات الإثنية في السودان بين النزعة القبلية واللعبة السياسية

دارفور شهدت حرب أهلية طاحنة
الخرطوم ـ العرب اليوم

شهدت الأسابيع الماضية العديد من الاشتباكات الأهلية في عدد من مناطق السودان الذي تعيش فيه أكثر من 400 إثنية، وراح ضحية تلك الصراعات المئات من القتلى والجرحى، وحرقت على إثرها قرى ومساكن ومتاجر، مما تسبب في خسائر كبيرة، وهو ما أثار سؤالا مهما حول تلك المشكلات. أثارت الصراعات القبلية التي تفجرت خلال الفترة الأخيرة في مناطق متفرقة في دارفور وكردفان بغرب السودان ومدينتي كسلا وبورتسودان في شرق البلاد قلقا كبيرا في الأوساط السياسية والأمنية والاجتماعية. وأدت تلك الصراعات التي تنشب في الظاهر بين قبيلتين، لكنها تحمل في باطنها دوافع أخرى وأدت إلى مقتل وإصابة المئات من المواطنين الأبرياء.

وفي حين شددت الحكومة السودانية على عزمها على التعامل بحزم شديد من أجل وقف النزعات والصراعات القبلية، ووجهت القوات الأمنية بالقيام بدورها كاملا، عبرت عدد من الأحزاب والفعاليات السياسية عن قلقها من المآلات الخطيرة التي قد تنجم عن تلك الصراعات. واعتبرت فعاليات سياسية أن تجدد المواجهات القبلية لا ينسجم مع شعارات السلمية والحرية والعدالة التي رفعتها ثورة ديسمبر التي أطاحت بنظام المعزول عمر البشير الذي كان سببا في تأجيج أسباب تلك الصراعات.

تفعيل التناقضات

يقول الإعلامي محمد عبدالعاطي والمتابع للأحداث التي جرت بين قبيلتين في مدينة كسلا بشرق السودان خلال الأسبوع الماضي، إن بعض فلول النظام السابق وفي محاولتهم لإرباك حكومة الثورة يسعون لتفعيل التناقضات الموجودة في المنطقة لخلق الصراعات القبلية، وتأجيج اوارها بهدف إفشال العملية الانتقالية. ويشرح عبدالعاطي رؤيته بالقول إن الفعل السياسي متواجد داخل التكوينات القبلية في السودان بفعل التركة التي خلفها النظام السابق من خلال توظيفه للقبيلة في تحقيق الكثير من المكاسب السياسية، وأهمها التجييش للاقتتال في صراعاته الدينية والجهوية وبالتالي فرض آيدلوجيته وسيطرته من خلال توظيف القبيلة والغنيمة في مصلحة السلطة وديمومتها.

ويشير عبدالعاطي إلى أن الكثير من الزعامات القبلية فقدت مصالحها بعد سقوط النظام، وسعت بالتالي إلى تفجير هذه الصراعات في محاولة ضمان استمرار هذه المصالح مع النظام الجديد، وعدم فقدان تلك المكاسب التي كانت متحققة من افتعال الصراعات التي تحلب المال والجاه لبعض تلك الزعامات. وفيما يتعلق بالصراع في كسلا فإنه يتميز بخصوصية تتمثل في أن أحد أطراف الصراع هو قبيلة حدودية وأغلب بطونها نزحت أو دخلت من دولة مجاورة في تدفقات متتالية استمرت منذ منتصف الستينات حتى منتصف الثمانينات. كان أغلب أفراد تلك القبيلة يسكنون في معسكرات للاجئين، إلا أن نظام المؤتمر الوطني عمل بعد انقلابه على السلطة في 1989 على توظيف تلك القبيلة في الكسب السياسي للانتخابات المزورة أصلا، وبالتالي تم منح الرقم الوطني للكثير من غير مستحقيه مما سبب بعض الرفض من قبل بعض القبائل الأخرى المستوطنة في المنطقة منذ مئات السنين.

ووفقا لعبدالعاطي فإن وجود أفراد هذه القبيلة في أطراف مدينة كسلا مع عدد من القبائل السودانية الأصلية التي نزحت من مناطق النزاعات في كردفان والنيل الأزرق خلال العقدين الأول والثاني من القرن الحالي خلق نوعا من الاحتكاك المباشر الذي غذته حالة التهميش وانعدام الخدمات، وبالتالي كان لابد من وجود تنافس وصراع على مصادر الرزق والعمل مع انعدام الفرص فلجأ البعض للتهريب، مما حقق لهم جني ثروات هائلة منحتهم بعض التميز على جيرانهم مما ساهم في زيادة الغبن الاجتماعي وظهور الاستفزازات القبلية بين الطرفين.

بعد سياسي

بالنسبة للباحث إبراهيم بخيت مكين، فإن البعد السياسي يبدو حاضرا بقوة مع وجود مستفيدين ممن يعرفون بـ ( تجار الحروب ) الذين يسعون لإشعالها ليس فقط لاستثمارها في تحقيق أهداف يمكن أن تكون ذاتية أو جمعية. ويرى مكين أن معظم الصراعات التي تشهدها مناطق مختلفة في السودان لم تكن تحمل صبغة قبلية بحتة بل هي كانت في الأصل ذات طبيعة سياسية نتيجة للاحساس بالظلم والتهميش والاقصاء الذي ظلت ترزح تحته معظم أقاليم.

ويقول مكين في هذا السياق إن التاريخ الممتدد لمئات السنين لم يحدثنا عن أن أي أثنية أو قبيلة حملت رايتها وتحزمت لقتال قبيلة أخري رغما عن حدوث اعتداءات و تفلتات محدودة يتم احتواءها باللقاءات والجوديات في إطار الأحلاف والاعارف التى تحكم العلاقات بين المكونات الاجتماعية والقبلية بالمنطقة. ويشير مكين إلى أن منطقة جنوب كردفان ظلت تتميز بأفضل أنواع التمازج والإخاء والتصاهر. كما أسهمت اتفاقيات وأحلاف بينية لإثنياتها المختلفة في تحقيق تعايش سلمى اجتماعى ساده الاحترام والمودة بين المجتمعات.

قد يهمك ايضـــًا :

الحكومة السودانية تؤكّد أن مجموعة تنتمي للنظام البائد تخطّط للقيام بتجمعات

الحكومة السودانية تعلن البدء فى فرض عقوبات على مخالفي الحظر الصحي

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصراعات الإثنية في السودان بين النزعة القبلية واللعبة السياسية الصراعات الإثنية في السودان بين النزعة القبلية واللعبة السياسية



نجوى كرم تخطف الأنظار بإطلالة راقية والشعر الأشقر

الرياض ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - طرق مثالية لتنسيق الجمبسوت الأبيض في موّسم صيف 2024

GMT 10:56 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

موضة ألوان طلاء الجدران لعام 2024
 العرب اليوم - موضة ألوان طلاء الجدران لعام 2024

GMT 12:12 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

منى زكي تشارك في دراما رمضان 2025 رسمياً
 العرب اليوم - منى زكي تشارك في دراما رمضان 2025 رسمياً

GMT 10:26 2024 الثلاثاء ,10 أيلول / سبتمبر

رفع القيود عن حركة الطيران في المطارات الروسية

GMT 08:18 2024 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

الطيران الإسرائيلي شن 20 غارة فجرا جنوب لبنان

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,10 أيلول / سبتمبر

ارتفاع قتلى الإعصار ياغي إلى 65 و39 مفقودا في فيتنام

GMT 10:23 2024 الثلاثاء ,10 أيلول / سبتمبر

ارتفاع حالات الإصابة بحمى الضنك في عاصمة بنجلاديش

GMT 11:46 2024 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

رفض استئناف البرازيلي روبينيو في عقوبة حبسه 9 سنوات

GMT 09:52 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

راغب علامة يعلّق على شائعة وفاته في دبي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab