أعلنت حركة حماس، مساء الإثنين، أنها تدرس "بمسؤولية عالية" مقترحاً تسلّمته من الوسطاء بشأن وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدة أنها سترد على هذا المقترح في "أقرب وقت". وقالت الحركة في بيان إنها سترد على المقترح فور الانتهاء من "المشاورات اللازمة" بشأنه، مضيفة أن أي اتفاق مقبل يجب أن "يحقق وقفاً دائماً لإطلاق النار" وانسحاباً كاملاً للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.
وكانت قناة "القاهرة الإخبارية" قد نقلت عن مصادر، أن "مصر سلمت حركة حماس المقترح الإسرائيلي، وتنتظر ردها في أقرب فرصة"، مشيرة إلى أن القاهرة تسلمت مقترحاً لوقف مؤقت لإطلاق النار في قطاع غزة، وتمهيد الطريق لبدء مفاوضات تقود لوقف دائم في القطاع.
وقال القيادي في حماس طاهر النونوإن الحركة مستعدة للإفراج عن جميع الرهائن مقابل "صفقة تبادل جدّية" وضمانات بإنهاء الحرب من جانب إسرائيل، في وقت قالت فيه مصادر فلسطينية ومصرية يوم الاثنين إن الجولة الأخيرة من المحادثات في القاهرة لاستئناف وقف إطلاق النار في غزة وتحرير الرهائن الإسرائيليين، انتهت دون تحقيق أي تقدّم واضح.
وأكد النونو بعد محادثات أجرتها الحركة مع وسطاء مصريين وقطريين في القاهرة، أن "أسلحة المقاومة ليست محل تفاوض"، موضحاً أن "المسألة لا تتعلق بعدد الأسرى، بل بكون الاحتلال يتراجع عن التزاماته، ويمنع تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، ويواصل الحرب" على حد قوله.
ونقل موقع يديعوت أحرنوت الإخباري الإسرائيلي، يوم الاثنين، أن اقتراحاً جديداً لوقف إطلاق النار عُرض على حماس، يتضمن الإفراج عن عشرة رهائن أحياء مقابل ضمانات أمريكية بدخول إسرائيل في مفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الهدنة.
وقالت مصادر فلسطينية ومصرية إن حركة حماس تمسّكت بموقفها في الجولة الأخيرة من المحادثات في القاهرة لاستئناف وقف إطلاق النار في غزة وتحرير الرهائن الإسرائيليين، بأن أي اتفاق يجب أن يؤدي إلى إنهاء الحرب في القطاع.
أما إسرائيل، التي استأنفت حملتها العسكرية في القطاع الشهر الماضي بعد انهيار الهدنة التي أُبرمت في يناير/كانون الثاني، فأكدت أنها لن تُنهي الحرب قبل القضاء على حماس.
لكن وعلى الرغم من هذا الخلاف الجوهري، قالت المصادر إن وفد حماس بقيادة رئيس الحركة في غزة خليل الحية أبدى بعض المرونة بشأن عدد الرهائن الذين يمكن إطلاق سراحهم مقابل الإفراج عن سجناء ومعتقلين فلسطينيين في حال تم تمديد الهدنة.
وقال مصدر مصري لرويترز إن المقترح الأخير لتمديد التهدئة يتضمن إفراج حماس عن عدد أكبر من الرهائن، فيما قال الوزير الإسرائيلي زئيف إلكين، عضو مجلس الأمن المصغر برئاسة بنيامين نتنياهو، لإذاعة الجيش الاثنين، إن إسرائيل تسعى لإطلاق سراح نحو 10 رهائن، وهو عدد يزيد عما كانت قد وافقت عليه حماس سابقاً بالإفراج عن خمسة فقط.
وأشار المصدر المصري إلى أن حماس طلبت مزيداً من الوقت للرد على المقترح الأخير، موضحاً أن "حماس لا تمانع، لكنها تريد ضمانات بأن إسرائيل ستوافق على بدء مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار"، وهي المرحلة التي يُفترض أن تقود إلى إنهاء الحرب.
وكان مقاتلو حماس قد أفرجوا عن 33 رهينة إسرائيلية مقابل مئات المعتقلين والسجناء الفلسطينيين خلال المرحلة الأولى من الهدنة التي استمرت ستة أسابيع وبدأت في يناير/كانون الثاني، لكن المرحلة الثانية، التي كان من المفترض أن تبدأ مطلع مارس/آذار وتقود إلى وقف الحرب، لم تُنفَّذ.
ومنذ استئناف العمليات العسكرية الشهر الماضي، قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 1500 فلسطيني، العديد منهم مدنيون، بحسب وزارة الصحة في القطاع، وشرّدت مئات الآلاف، واستولت على مناطق واسعة من القطاع وفرضت حصاراً كاملاً على الإمدادات إلى كافة أنحاء غزة.
ولا يزال 59 رهينة إسرائيلياً محتجزين في غزة، وتقدّر إسرائيل أن 24 منهم على قيد الحياة.
التطورات الميدانية
في غضون ذلك، تقول السلطات في غزة إن موجة الهجمات الإسرائيلية بعد انهيار الهدنة كانت من بين الأعنف والأكثر دموية في الحرب، و"استهدفت سكاناً منهكين يعيشون وسط أنقاض القطاع".
وميدانياً في جباليا شمالي القطاع، حاول مسعفون استخراج جثث مدفونة تحت مبنىً انهار إثر غارة إسرائيلية، وقد ظهرت قدم ويد لشخص تحت كتلة خرسانية، وحمل رجالٌ جثة ملفوفة ببطانية.
قال العاملون في الموقع إن عدد القتلى قد يصل إلى 25 شخصاً، بينما قالت القوات الإسرائيلية إنها استهدفت هناك مسلحين كانوا يخططون لكمين.
وفي خان يونس جنوب القطاع، تحوّل مخيم من الخيام المؤقتة إلى ركام إثر غارة جوية، وعادت العائلات لتفقد الأنقاض بحثاً عن متعلقاتها.
وقال إسماعيل الرقّب، الذي عاد إلى المنطقة بعد أن فرت عائلته قبل الفجر: "كنّا نعيش في منازل، فدُمّرت، والآن دُمّرت خيامنا أيضاً، لا نعلم أين نذهب".
قال أحد سكان غزة لبي بي سي إن أصوات المدفعية لم تتوقف طوال الليل وسط قصف متواصل، مضيفاً: "هرعنا إلى الشوارع دون أن نعرف إلى أين نذهب، فلا مكان آمناً".
وشكا آخر من تكرار عمليات الإخلاء قائلاً: "كل يوم إحنا في مكان"، مشيراً إلى أن أحد أقربائه قُتل في حي الشجاعية خلال غارة أثناء محاولته الوصول إلى منطقة أكثر أماناً.
وأضاف أحد أبناء الحي ذاته أن العديد من السكان عادوا إلى مناطقهم بعد الهدنة، وقبلوا بالعيش وسط الدمار وأنقاض المنازل، لكنهم اضطروا للنزوح مجدداً مع استئناف الغارات.
تمويل أوروبي بهدف "المساعدة في تحقيق الاستقرار في الضفة الغربية وغزة"
وأعلن الاتحاد الأوروبي، يوم الاثنين، عن حزمة دعم مالي جديدة للفلسطينيين تمتد لثلاث سنوات وتصل قيمتها إلى 1.6 مليار يورو.
وكتبت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على منصة إكس: "نُعزّز دعمنا للشعب الفلسطيني"، مشيرة إلى أن "حزمة الدعم ستكون حتى عام 2027 بما يساعد في تحقيق الاستقرار في الضفة الغربية وغزة".
وقالت كالاس إن "من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها لكن ما يحدث الآن يتجاوز الدفاع المتناسب عن النفس".
فيما حذّرت الأمم المتحدة، من أن غزة تواجه "أخطر أزمة إنسانية" منذ بداية الحرب، مع عدم دخول أي مساعدات إلى القطاع منذ أسابيع وتدهور الأوضاع بشكل متسارع عقب انهيار الهدنة.
وتقول الأمم المتحدة إن الإمدادات الطبية والوقود والمياه وسلعاً أساسية أخرى تشهد نقصاً حاداً.
وأوضح مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، أن "الوضع الإنساني قد يكون الأسوأ منذ اندلاع الأعمال العدائية قبل 18 شهراً"، مضيفاً في بيان أن "الإمدادات لم تصل إلى غزة منذ شهر ونصف"، وأن "إغلاق المعابر، إلى جانب القيود داخل غزة، أجبر العاملين في المجال الإنساني على تقنين المساعدات وتقليل عمليات التوزيع للاستفادة القصوى من المخزون المتبقي".
من جهته، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الاثنين إلى "إصلاح" السلطة الفلسطينية كجزء من خطة من شأنها أن تكون قادرة على حكم غزة بعد الحرب بدون حركة حماس.
وقال ماكرون على إكس، عقب مكالمة هاتفية مع نظيره الفلسطيني محمود عباس: "من الضروري وضع إطار عمل لليوم التالي: نزع سلاح حماس وتهميشها، وتحديد حوكمة موثوقة وإصلاح السلطة الفلسطينية".
وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية، شدد ماكرون وعباس على الحاجة المُلِحّة لوقف إطلاق النار، وتسريع إيصال المساعدات الإنسانية، ورفض تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، وتمكين السلطة الفلسطينية من تولي المسؤولية في قطاع غزة".
وقالت الوكالة إن عباس أكد على أهمية تولي السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة في القطاع، بما في ذلك المسؤولية الأمنية، وذلك في إطار "التزام جميع الفصائل ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية والتزاماتها الدولية، والشرعية الدولية، والنظام الواحد، والقانون الواحد، والسلاح الشرعي الواحد"، بحسب قوله.
وأشارت الوكالة إلى أنه جرى التأكيد خلال الاتصال على "أهمية تنفيذ الخطة العربية للتعافي المبكر وإعادة الإعمار (في قطاع غزة)، بما يضمن بقاء المواطنين في أرضهم".
وبالتزامن مع ذلك، التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في الدوحة، وهما اللذان يتوليان جهود الوساطة لوقف إطلاق النار.
وقال مصدر مصري إن السيسي طالب بضمانات دولية إضافية لأي اتفاق تهدئة، تتجاوز تلك التي توفرها مصر وقطر.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
ترامب يتحدث عن تقدم في ملف رهائن غزة وسط مفاوضات معقدة بين حماس وإسرائيل
حماس تتقدم بطعن قانوني في بريطانيا لإلغاء تصنيفها منظمة محظورة وتطالب بإنهاء الانحياز للاحتلال
أرسل تعليقك