تسعى روسيا إلى إعادة تسليح ترسانتها الصاروخية، وسط تحذيرات تدور معظمها بشأن احتمالات اندلاع حرب باردة جديدة. واستبدلت صاروخ "أر 36"، والذي يلقبه حلف شمال الأطلسي "الناتو" باسم شيطان "إس إس 18"، بالصواريخ الباليستية العابرة للقارات "أر إس 28" النووية، والتي يمكنها حمل 16 رأس حربية، لتكون قادرة على التغلب على أي نظام دفاعي صاروخي. وأوضحت قناة "زفيردا" التلفزيونية والتابعة لوزارة الدفاع الروسية، أن الصاروخ الجديد يمكنه أن يحمل حمولة قادرة على تدمير مساحة من الأرض، تتساوى مع مساحة ولاية تكساس الأميركية أو حتى بمساحة فرنسا.
وطور الصاروخ الباليستي الجديد العابر للقارات، من قبّل شركة ماكييف المصنعة للصواريخ بالقرب من تشيليابينسك، والتي نشرت صورة الصاروخ الروسي على موقعها الإلكتروني، ومن المتوقع أن يكون جاهزًا للعمل بحلول عام 2018. ومنذ خمسة أعوام، أعلنت الحكومة الروسية عن برنامج، تقدر قيمته بحوالي 650 مليار دولار، لتجديد الردع النووي والأسلحة التقليدية، بحيث يكون تم الانتهاء من عملية التجديد تمامًا بحلول عام 2020، بينما سيتم استبدال ترسانتها الصاروخية، والمكونة من 320 صاروخًا عابرًا للقارات، تمامًا بانتهاء عملية التجديد.
ووجه أمين عام حلف الناتو ينس شتولتنبرج، اتهامات واضحة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، باستعراض القوة النووية، وذلك بعد أن تعهد الأخير بنشر 40 صاروخًا عابرًا للقارات على الأقل في غضون أشهر قليلة، واعتبر تلك التصريحات بمثابة سببًا في زعزعة الاستقرار بشكل غير مبرر. وأكد نائب وزير الدفاع الروسي اناتولي أنتونوف، في حديث سابق له، أن التصريحات التي جاءت من قبل الكرملين الروسي تأتي في إطار التوسع غير المبرر الذي يقوم به "الناتو" في منطقة شرق أوروبا، والتي تنظر إليها روسيا باعتبارها عمقًا استراتيجيًا لها، مشيرًا إلى قيام الحلف بتخزين الأسلحة هناك، وهو ما يمثل تهديدًا كبيرًا لبلاده. وأضاف أن السياسات التي يقوم بها "الناتو" ربما تكون بمثابة حافز لنا للدخول في سباق تسلح، موضحًا أن "زملائنا في حلف شمال الأطلسي يدفعوننا للقيام بذلك".
وأكد الجنرال الروسي، في تصريح أخير له، أن الدروع الأميركية المضادة للصواريخ، والمتواجدة في بولندا ورومانيا، ستكون قادرة على اعتراض الصواريخ الروسية العابرة للقارات، إلا أن خبراء عدة في مجال الصواريخ نفوا ذلك تمامًا. وستبلغ الصواريخ الروسية الجديدة مداها أكثر من 6200 ميل.
وصُنع الصاروخ الروسي، والملقب بالشيطان، في السبعينات من القرن الماضي، حيث تم تصميمه وتصنيعه في مدينة دنيبروبتروفسك الأوكرانية، والتي تسمى الان دنيبرو. وتخوض موسكو الان صراعًا عنيفًا مع كييف حول منطقتي شبه جزيرة القرم، ومنطقة دونباس، ولذلك فيسعى الكرملين نحو إيجاد بديل، وهو الأمر الذي اضطر الكرملين إلى زيادة انفاقها العسكري خلال العقد الماضي، وزادت الميزانية الدفاعية بنسبة تزيد عن 21 في المائة.
وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي تعانيها روسيا في المرحلة الراهنة بسبب العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب الدور الروسي في أوكرانيا، ووصل الإنفاق العسكري إلى حوالي 54.1 مليار دولار خلال العام الماضي. وخفضت الحكومة الروسية ميزانيتها العسكرية هذا العام لتصبح 49.2 مليار دولار، وذلك بسبب الانهيار الكبير الذي شهدته أسعار النفط، إلا أنه بالرغم من ذلك أكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويجو، أن روسيا مازالت تصر، رغم ما تعانيه من أزمات مالية، مواصلة برنامجها لإعادة التسليح، وأنها ستنشر صواريخها العابرة للقارات بمجرد الانتهاء منها في سيبيريا وجبال الأورال.
وأكد ايجور سوتياجين، وهو متخصص في الأسلحة النووية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، أنه تم تجهيز الصاروخ الجديد مع مجموعة من "وسائل الاختراق" التي من شأنها أن تسمح لها، للتغلب على أنظمة الدفاع الصاروخي.
ونفى الخبير النووي المزاعم التي تتبناها الحكومة الروسية بشأن التهديدات التي تفرضها الصواريخ الأميركية المضادة للصواريخ الباليستية والتي نشرتها الولايات المتحدة في مواقع في شرق أوروبا. وأوضح أنه لا تغيير في الوضع الراهن، حيث أنه ردود الأفعال للتطورات الأخيرة تحمل مبالغات كبيرة للغاية، موضحًا أن رسالة روسيا السياسية من تحركاتها الأخيرة هي "أننا أصبحنا قوة كبيرة ومخيفة، وبالتالي لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن يتم تجاهلنا".
وأعرب السيد سوتياغين عن شكوكه حتى في الصور التي نشرتها الصور الأخيرة التي نشرتها موسكو لصاروخها الجديد، قائلًا "تبدو أن الصورة وهمية إلى حد بعيد، حيث أن تصميمه الظاهر في الصورة يحوي العديد من الأخطاء، كما أنه توجد لدي شكوك كبيرة حول المواد الموجودة في هذا المعدن". وتخطط الولايات المتحدة، إلى استبدال صواريخها "مينيتمان" الباليستية بحلول عام 2030.
وعلى الرغم من أن معاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية، وكذلك معاهدة منع الانتشار النووي تضع قيودًا على عدد الرؤوس الحربية، إلا أنها في الوقت نفسه لا تمنع الدول النووية من تطوير ترسانتها النووية. وكان حلف شمال الأطلسي "ناتو" وافق في تموز/يوليو الماضي على نشر أربع كتائب يتراوح عدد أعضائها بين ثلاثة وأربعة ألاف جندي في بولندا ودول البلطيق، وذلك في محاولة لتعزيز الحلفاء من الكتلة السوفيتية السابقة، والذين سبق وأن أبدوا انزعاجهم من جراء ضم روسيا، لشبه جزيرة القرم على خلفية الأزمة التي نشبت مع أوكرانيا، كما تعهد الحلف بزيادة عدد الدوريات البحرية والجوية في المنطقة.
وأشارت مصادر تابعة للحكومة البريطانية، إلى أن هناك نية لدى لندن لزيادة نشر القوات المتواجدة في منطقة استونيا من 500 إلى 800 جندي مع بداية العام المقبل، وعقد وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون اجتماعًا مع نظرائه من أعضاء الناتو في العاصمة البلجيكية بروكسيل، لمناقشة مسألة زيادة القوات في المنطقة، وهو الأمر الذي رفضت وزارة الدفاع البريطانية التعليق عليه. وردًا على نشر القوات التابعة لحلف الناتو، أرسل الكرملين صواريخ ذات قدرة نووية إلى منطقة كالينينجراد الروسية، على الحدود مع ليتوانيا وبولندا، وأوضحت الرئاسة الروسية أن الخطوة تأتي في إطار تدريبات عسكرية يجريها الجيش الروسي.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرر إلغاء صفقة كانت الحكومة الروسية عقدتها مع نظيرتها الأميركية بشأن التخلص من البلوتينيوم المستخدم في صناعة الأسلحة، ملقيًا باللوم على السياسات الأميركية التي وصفها بكونها سياسات غاير ودية تجاه روسيا.
أرسل تعليقك