شهد اجتماع وزراء الخارجية العرب في دورته العادية أمس الثلاثاء، هجوماً شاملاً على الدوحة وتهنئة سعودية لقطر لاعتبارها "إيران دولة شريفة"، رغم التأكيدات على وجود أدلة دامغة تثبت تورطها في دعم الإرهاب وتمويله، خلال مواجهة علنية بين ممثلي الدول الأربع (السعودية ومصر والإمارات والبحرين) وممثل قطر في الاجتماع. وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إن بلاده وهي تواجه مع أشقائها العرب الإرهاب، تؤكد أنها لن تتسامح أو تتهاون مع "من يرتزقون من دماء شعوب منطقتنا أياً كانوا، ومن يبني دوره على حساب مستقبلها".
وقال سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مصر ومندوب المملكة الدائم لدى الجامعة السفير أحمد بن عبدالعزيز قطان، إن "الدول الأربع ستواصل تمسكها بمطالبها إلى أن تعود قطر إلى رشدها، وللأسف الشديد وأدت قطر أول أمل حقيقي لانفراج الأزمة، بعد الاتصال الهاتفي الذي تم بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وأمير قطر، حيث راوغت قطر وتنصلت وحرفت حقيقة الاتصال… ما قامت به قطر عزز عدم رغبتها في الحوار، واستمرارها في المناورة بدلاً من أخذ الأمور بجدية، والعودة إلى الحضن الخليجي الدافئ، بدلاً من الأحضان الباردة في إيران وغيرها".
واعتبر أن "التقارب القطري الإيراني قرار سيادي، لكن الارتماء في أحضان الإيرانيين وغيرهم لن يجنوا من ورائه إلا الدمار والخراب وستكون نتيجته سلبية عليهم". وقال: "لا توجد دولة تعاملت مع إيران وحققت الخير من ورائها". وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش إن "إجراءات الرباعي العربي ضد دولة قطر جاءت بعد صبر طويل ونقض لاتفاقات وقعتها قطر، وهدفنا المشترك لا يرتبط بسيادة قطر بل بالضرر الذي يقع علينا".
أما وكيل وزارة الخارجية البحريني وحيد مبارك فقال: "للأسف بعض الدول التي اعتبرناها شقيقة منخرطة في دعم الجماعات الإرهابية وإيواء إرهابيين ودعمهم مادياً، بما يؤثر في أمننا القومي، ويعطينا الحق في اتخاذ التدابير السيادية لحماية أمننا".
وردّ وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري سلطان بن سعد المريخي على الاتهامات الموجهة إلى بلاده، فزعم أن الدول الأربع "تفرض حصاراً غير قانوني على قطر"، كما زعم أن الدول الأربع حاولت انتزاع الشرعية من نظام قطر الحاكم، وأن الموضوع اختلف عن دعم الإرهاب وصار تغيير النظام، مضيفاً: "تتهمنا بالعلاقات مع إيران... إيران أثبتت حقيقة أنها دولة شريفة".
وكان استهل رده بالقول إن مندوب السعودية السفير أحمد القطان "نبرته فيها تهديد لا اعتقد أنه يتحمل مسؤوليتها"، فرد قطان: "لا أنا قدها وقدود أتحملها".
وكادت مشادة تحدث بينهما، حين خاطب المسؤول القطري قطان: "حين أتكلم تسكت"، فرد قطان: "لا أنت تسكت". وأصر قطان ووزير الخارجية المصري على الرد على كلمة ممثل قطر، وقال شكري إن حديثه عبارة عن مهاترات وحديث غير ملائم حتى في بعض العبارات المتدنية التي لا يجب استخدامها. ورد السفير قطان بأن ما تقوم به الدول الأربع هو لمصلحة الجامعة العربية، و أن إجراءاتنا ضد قطر سيادية ونتيجة للسياسات الخاطئة التي تمارسها منذ سنوات طويلة.
واتهمها بالتدخل في الملفات العربية بهدف نشر الفوضى والتغيير وزعزعة الاستقرار. وأضاف: "يقول مندوب قطر إن إيران دولة شريفة! والله هذه أضحوكة! إيران التي تتآمر على دول الخليج... التي لها شبكات جاسوسية في البحرين والكويت أصبحت دولة شريفة... التي تحرق سفارة السعودية... هذا هو المنهج القطري التي دأبت عليه". وأضاف: "هنيئاً لكم إيران وإن شاء الله عما قريب سوف تندمون على ذلك".
ونفى قطان اتهام المريخي بأن السعودية تسعى إلى الإطاحة بأمير قطر تميم بن حمد، وإعداد الشيخ عبد الله بن علي بن جاسم آل ثاني ليكون أمير البلاد القادم، وقال «هذا شيء عيب أن يقال، فالمملكة لن تلجأ لمثل هذا الأسلوب الرخيص، ونحن لا نريد تغيير نظام الحكم، ولكن عليكم أن تعوا أيضا أن المملكة قادرة على أن تفعل أي شيء تريده إن شاء الله». ثم احتدم الحوار ووصل إلى حد التراشق بالألفاظ.
وأكد قطان أن الإجراءات التي اتخذتها بلاده والإمارات والبحرين ومصر ضد قطر سيادية وتمت بناء على السياسات الخاطئة التي تمارسها الحكومة القطرية على مدى سنوات طويلة في ما يتعلق بدعم الإرهاب وتمويل واستضافة المتورطين بالإرهاب على أراضيها ونشر الكراهية والتحريض وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وقال «إن المطالب الـ13 التي تقدمت بها هذه الدول والمبادئ الستة هي في حقيقتها كانت لتسليط الضوء على المخالفات التي ارتكبتها قطر حيال اتفاقيات وقعتها وقوانين صادقت عليها وإخلالها بهذه الاتفاقيات والقوانين يتطلب منها تصحيح تلك المخالفات والالتزام بما جاء في تلك الاتفاقيات.
ونوه قطان في هذا الشأن باتفاق الرياض في 2013 واتفاق الرياض في 2014 اللذين لم تلتزم بهما قطر كما أنها استمرت في سياستها السلبية والعدوانية تجاه دول المنطقة مما فرض اتخاذ هذه الإجراءات لمصلحة قطر ولمصلحة الأمن والاستقرار، لاسيما وهناك إدانات عربية ودولية تجاه هذه الأعمال التي تقوم بها.
وتساءل «كم دولة قطعت علاقتها مع قطر؟، وكم دولة سحبت سفراءها؟ وكم دولة خفضت مستوى تمثيلها؟. مشدداً على أن الدول الأربع سوف تواصل تمسكها بهذه المطالب إلى أن تعود قطر إلى رشدها.
وأعرب قطان عن أسفه كون قطر وأدت أول أمل حقيقي لانفراج أزمتها مع الدول الأربع التي تقاطعها منذ 5 يونيو 2017 بعد الاتصال الهاتفي الذي جرى بين ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان وأمير قطر الذي قال إنه هو من بادر بالاتصال، لكن قطر راوغت وتنصلت وحرفت حقيقة الاتصال الهاتفي الذي جرى وهنا صدرت توجيهات بتعطيل أي حوار مع قطر إلى أن تصدر تصريحاً واضحاً عن موقفها بشكل علني ورغبتها في الحوار. وأضاف أن ما قامت به قطر عزز حقيقة عدم رغبتها في الحوار واستمرارها في المراوغة والالتفاف بدلاً من أن تأخذ الأمور بجدية وتعود إلى الحضن الخليجي الدافئ بدلاً من الأحضان الباردة في إيران وغيرها.
وقال قطان بشأن تقارب قطر مع إيران إن هذا قرار سيادي، ولكن الارتماء في أحضان الإيرانيين وغيرهم لن يجنوا من ورائه إلا الخراب والدمار، وستكون نتيجته سلبية عليهم. وأضاف: الجميع يعلم حقيقة ما تقوم به إيران من أدوار سلبية تجاه الدول العربية خاصة دول الخليج وتدخلاتها في شؤونها الداخلية وزعزعتها للاستقرار والأمن في دول الخليج ولا يوجد دولة تعاملت مع إيران وحققت الخير من ورائها. وتابع قائلاً: إن اعتقاد قطر أن هناك مصلحة لهم بالتقارب مع إيران، وهم بذلك يقيمون الأمور بشكل خطأ وسوف يتحملون مسؤولية ذلك وسوف تثبت الأيام القادمة عدم صحة هذا التوجه في الوقت الذي لن يقبل الشعب القطري أن يكون لإيران دور في قطر.
وأكد السفير السعودي أن نجاح موسم الحج هذا العام بمثابة رد على من حاول تسييس الحج ونادى بتدويل الأماكن المقدسة سواء كانت إيران أو قطر، وقال إن محاولة تسييس الحج وتدويل الأماكن المقدسة تعتبره المملكة بمثابة عمل عدواني وإعلان حرب عليها وتحتفظ بحق الرد على أي طرف يعمل في هذا المجال.
بالتوازي، دعا الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، قطر لأن تكون عنصر بناء وليس هدم للدول العربية، موضحاً أن ممارسة السيادة كما تتحدث قطر لا تعني تقويض استقرار بقية الدول واستخدام المتطرفين لضرب استقرار المنطقة، عبر إيوائها على أراضيها 59 إرهابيا، وقال إن السياسات القطرية خلال العقدين الماضيين عانت منها العديد من الدول العربية، والأزمة حقيقية وليست إعلامية لأن الدوحة (إحدى دول مجلس التعاون الخليجي) تسعى لتثبيت موقف على حساب الاستقرار بالنظام العربي. وأضاف أن هروب الدوحة إلى أنقرة وطهران ليس حلاً، مؤكداً أن قطر تحتاج لمراجعة سياستها في إطار المبادئ الستة الصادرة في القاهرة والمطالب الـ 13 التي رفعتها الدول الأربع.
وأضاف قرقاش: إجراءاتنا المشتركة مع السعودية ومصر والبحرين، التي جاءت بعد صبر طويل لا ترتبط بسيادة قطر، بل بالضرر الذي يقع على الدول الأربع، وعلى استقرار المنطقة، ومن المهم أن يتغير التوجه الذي سعى إلى دعم التطرف والإرهاب وإلى التدخل في الشؤون الداخلية للعديد من الدول العربية، وسوف نواصل إجراءاتنا بهدف تغيير التوجه القطري، ونحمي داخلنا من هذه السياسات العدائية، وضمن حقوقنا السيادية. ومع هذا نرى أن الحل ليس في التصعيد بل في الإطار السياسي من خلال الحوار المستجيب للمطالب الـ13، وندعو للحكمة والإدراك بأن الشفافية تجاه السجل السابق وضرورة تقويمه هو الطريق الوحيد للخروج من الأزمة.
من جهته، أعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري رفضه لما تضمنته كلمة المريخي، وقال في تعقيبه على مداخلة الوزير القطري نحن لا نقبل بما تحدث به مندوب قطر ونعتبر كلامه خارجا.. لا يجب أن يثار، وأن أسلوبه غير مقبول. وأضاف نعلم جميعا التاريخ القطري في دعم الإرهاب وما تم توفيره لعناصر متطرفة وأموال في سورية واليمن وليبيا وفي مصر التي شهدت سقوط شهداء من أبنائها، وحقوقها لن تضيع. وأضاف نحن شعوب يمتد تاريخنا لسبعة آلاف سنة وعندما نتكلم، نتكلم عن حقائق وعندما نتصرف نتصرف بمسؤولية، وسوّف نستمر في الدفاع عن مصالحنا والدفاع عن مواطنينا واتخاذ كل الإجراءات التي تكفلها القوانين الدولية.
وجدد مندوب البحرين لدى الجامعة العربية اتهام قطر بالتدخل في الشؤون الداخلية لبلاده، عبر بث مزاعم وأكاذيب حول المنامة، مؤكداً أن الدوحة لديها نية للعبث والتدخل في أمن الدول العربية، وأوضح أن الدوحة لها تدخلات بأجهزتها الإعلامية والمسؤولين الحكوميين ووسائل إعلامها في الشؤون الداخلية للبحرين.
فيما قال وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف خلال كلمة بلاده التي تسلمت رئاسة الدورة الجديدة لأعمال الجامعة، إنه على قطر احترام سيادة بلاده، وعدم التدخل في الأزمة الحدودية بين جيبوتي وإريتريا، كما دعا الدوحة إلى عدم التدخل في شؤون الدول العربية، واحترام كل دولة للشؤون الداخلية للدول العربية.
من جهة ثانية، التقى قرقاش وشكري على هامش أعمال مجلس الجامعة. وأكد وزير الدولة للشؤون الخارجية حرص الإمارات على التشاور والتنسيق مع مصر باستمرار على الصعد كافة، خاصة فيما يتعلق بالأزمات التي تواجهها المنطقة العربية. فيما أكد شكري عمق العلاقات التي تربط بين البلدين والشعبين، منوهاً بحرص مصر على تطويرها وتعزيزها على مختلف المستويات.
من جهة ثانية، سحبت الحكومة القطرية الجنسية من الشيخ طالب بن لاهوم بن شريم- شيخ قبيلة آل مرة- إضافة إلى 50 شخصاً من أسرة الشيخ وقبيلته، وصادرت أموالهم، كما تم تفتيش أملاكهم في قطر. وشهدت الإجراءات القطرية الجديدة، تنديداً خليجياً كبيراً في استهداف مكون ينتمي إلى دول مجلس التعاون، وقبيلة عربية تمثل مكوناً كبيراً في نسيج المجتمع القطري.
وقال وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، في تغريدات عبر "تويتر": "إن الشيخ طالب بن لاهوم بن شريم هو من شيوخ العرب، وأهله وجماعته من أخيارهم، وإن مَن تطاول عليه، وأساء إليه، واستولى على أمواله، لا يرقى إلى قدره". وأضاف: استهداف الشيخ طالب بن شريم هو محاولة يائسة لقطع أوصال قطر العربية مع محيطها وامتدادات قبائلها.
أرسل تعليقك