أجبرت الاشتباكات، التي تشهدها العاصمة الليبية طرابلس بين المليشيات المسلحة، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا غسان سلامة على تقديم إحاطته عن الوضع هناك إلى مجلس الأمن الدولي، عبر "الفيديو كونفرنس" من تونس المجاورة، بينما انتقد مجلس النواب الليبي موافقة البرلمان الإيطالي على زيادة وجوده العسكري في ليبيا، حيث من المتوقع أن يعمل نحو 400 جندي في ليبيا، أي بزيادة 30 جنديا.
وأعربت لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب، الموجود في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، في بيان أصدره رئيسها طلال الميهوب، عن استنكارها ما وصفته بـ"الانتهاك الواضح للسيادة الليبية من قبل إيطاليا، وذلك من خلال تصويت البرلمان الإيطالي، أول من أمس، بالموافقة على زيادة قواتها الموجودة حاليًا في مصراتة".
واعتبر الميهوب أن إيطاليا اعترفت بهذا التصويت بوجود قواتها على الأراضي الليبية، رغم نفيها السابق له، محذراً إيطاليا من "مغبة استمرارها في انتهاك السيادة الليبية". وكان البرلمان الإيطالي قد صادق مساء أول من أمس لصالح تجديد عمل البعثات الدولية، ونشر بعثة عسكرية جديدة، قوامها 470 جندياً، في النيجر، كما سترسل إيطاليا، باعتبارها عضواً في حلف شمال الأطلسي، و60 جندياً إلى تونس لدعم السيطرة على الحدود ومكافحة الإرهاب.
وأعلن رئيس الحكومة الإيطالية باولو جينتيلوني في تغريدة على موقع "تويتر" "مصادقة البرلمان على البعثات الدولية، من أفغانستان، مروراً بالعراق إلى كوسوفو وليبيا والنيجر"، مشيرا إلى أن "القوات المسلحة ووكالة التعاون الدولي تعمل من أجل السلام والتنمية والاستقرار ضد الإرهاب والاتجار بالبشر".
وأيد حزب "إيطاليا إلى الأمام" المعارض، بزعامة رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني القرار، بينما عارضته حركة "خمس نجوم" المناهضة للمؤسسات، قائلة إن القرار سيمنع أي حزب يفوز بالانتخابات من تحديد أولويات سياسته الخارجية. إلى ذلك، دعا المبعوث الأممي لدى ليبيا مجلس الأمن الدولي إلى اليقظة هناك، وقال إن "السبب الحقيقي لتقديمي هذه الإحاطة من تونس، وليس من طرابلس كما كنت مخططاً، هو الاشتباكات الدموية في المطار، التي أدت إلى توقف جميع الرحلات من وإلى مطار معيتيقة طوال الأسبوع".
وأضاف سلامة، أول من أمس، أن البعثة "أتمت إعداد الترتيبات اللازمة في المجمع السكني، وتلك الخاصة بحماية الموظفين حتى يتسنى لها مضاعفة عدد موظفيها للعمل والإقامة في العاصمة، حسبما تسمح الظروف الأمنية". وبيَّن سلامة موضحا: "على الرغم من أن ذكرى 17 ديسمبر/كانون الأول مضت، فإن شبح العنف لا يزال قائماً، والقوات العسكرية تستعرض قواها في أجزاء كثيرة من البلاد".
ورأى سلامة أن التقارير الأخيرة بشأن شحنة المتفجرات الكبيرة، التي اعترضها خفر السواحل اليوناني، أمر مقلق على وجه الخصوص، وقال بهذا الخصوص: "بلد يمتلك 20 مليون قطعة سلاح لا يحتاج إلى قطعة سلاح إضافية"، لافتاً إلى أن ليبيا "تحتاج إلى حكومة كفؤة وفعالة، وهذا الوضع الرهن الهش والمتقلب لا يمكن أن يستمر".
إلى ذلك، أعلن مسؤول بمطار معيتيقة الدولي، الذي جرت في محيطه مؤخراً اشتباكات عنيفة باستخدام الأسلحة الثقيلة بين ميلشيات موالية لحكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج، عن استئناف الملاحة الجوية بالمطار ابتداء من مساء اليوم، وذلك بعد الانتهاء من أعمال الصيانة واستيفاء جميع الشروط المتعلقة بالأمن والسلامة.
ونقلت وكالة "الأنباء الليبية" عن مسؤول الإعلام بالمطار أن المطار سيبدأ في استقبال الرحلات الجوية القادمة ابتداء من مساء اليوم الجمعة، ودعا المسافرين إلى تأكيد حجوزاتهم من خلال مكاتب الشركات الناقلة. لكن مطار معيتيقة قال في المقابل إن مصلحة الطيران المدني (نوتام) أصدرت أمس قرارا يقضي بتمديد إيقاف حركة الملاحة الجوية بالمطار حتى الأحد المقبل، مشيراً إلى استمرار إقلاع الرحلات الجوية من مطار مصراتة الدولي.
ووسط معلومات عن استمرار الميلشيات المسلحة في العاصمة طرابلس في حشد قواتها، استعداداً لجولة جديدة من المعارك، نفت قوة الردع الخاصة، الموالية لحكومة السراج، إبرام أي اتفاق بينها وبين كتيبة 33 مشاة التي يقودها بشير خلف الله الملقب بـ"البقرة"، عقب الاشتباكات العنيفة التي خاضها الطرفان الاثنين الماضي. كما نفت قوة الردع في بيان نشرته صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، مساء أول من أمس، الاتفاق مع آمر القوة بشأن تشكيل لجنة لزيارة السجن المجاور لمطار معيتيقة، والمعروف باسم مؤسسة الإصلاح والتأهيل بطرابلس.
وقالت القوة إنه "لم يتم الجلوس مع آمر قوة الردع، ولا صحة لهذه الأخبار، ونحن نؤكد أن كل الموقوفين تتم إحالتهم للنيابة ومكتب النائب العام"، مشيرة إلى أنه تم فتح الطريق للمارة بعد أن أُغلقت لمدة يومين بسبب الأوضاع الأمنية، التي شهدتها المنطقة بعد هجوم غادر من بعض المجرمين.
ونفت القوة أيضا أن يكون عملها الأمني قد تسبب في خلاف بين أهالي تاجوراء وسوق الجمعة، لافتة إلى أن الوضع الأمني في المطار ومحيطه تحت السيطرة، وفي انتظار رجوع حركة الطيران من قبل جهات الاختصاص. وعلى الرغم من إعلان السراج حل ميلشيات كتيبة "البقرة"، فإن سكان محليين وتقارير غير رسمية تحدثت في المقابل عن استمرار الكتيبة في حشد عناصرها، وإقامة سواتر ترابية في المناطق الخاضعة لها بضاحية تاجوراء شرق العاصمة طرابلس.
وأبدت المنظمة الليبية لحقوق الإنسان استغرابها مما سمته "الطريقة المرفوضة لحكومة السراج في التعامل مع الاشتباكات الأخيرة"، وأكدت في بيان لها أن "حرب الميليشيات لن تنتهي إلا بوجود الجيش وقوات الأمن والشرطة النظامية".
أرسل تعليقك