السودان بين سندان موروثات نظام عمر البشير وثورة التغيير
آخر تحديث GMT13:29:37
 العرب اليوم -

الاقتصاد متعثر والسلام هش والسياسة غير واضحة المعالم

السودان بين سندان موروثات نظام عمر البشير وثورة التغيير

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - السودان بين سندان موروثات نظام عمر البشير وثورة التغيير

الجبهة الثورية السودانية
الخرطوم ـ العرب اليوم

كشفت الأحداث السياسية الأخيرة في السودان، التي شملت انشقاق داخل الجبهة الثورية السودانية وخلافات داخل تجمع المهنيين، أن هناك موروثات من النظام السابق تحتاج إلى تغيير، حيث يرى مراقبون أن التغيير، الذي كانت تنشده الجماهير، التي قامت بالثورة على نظام عمر البشير، ما زال بعيدا، فالاقتصاد متعثر والسلام هش، والسياسة غير واضحة، وحتى الإدارة الداخلية لم يتم حسمها، وأن الأمر يحتاج إلى تغيير فوري قبل أن تشتعل الشرارة مرة أخرى.

قال الدكتور محمد مصطفى، رئيس المركز العربي الأفريقي لثقافة السلام والديمقراطية بالسودان: "الجبهة الثورية التي تأسست عام 2012 لأسباب موضوعية ومصيرية، مثلت حينها تظاهرة ثورية فريدة جمعت بين أربع  قوى ثورية ذات أحجام معتبرة، واستطاعت الجبهة الثورية في بدايتها أن تختبر الحكومة البائدة اختبارا صعبا، جعل البشير يتحسس مقعده الذي كان يدعي إن خالد فيه".

أجندة متناقضة

وأضاف رئيس المركز العربي الأفريقي: "لكن نسبة التباينات في الأمور الفكرية والأعراف والتقاليد الاجتماعية والنزاعات الجهوية، سادت على أجندة التحرير والمصير المشترك، مما دفع قادتها للانشقاق مستندين على خرق رئيسها حينها الفريق مالك عقار للدستور، وتمسكه بمنصبه رئيسا للجبهة رغم انتهاء دورته الرئاسية منذ قرابة الثلاث سنوات".

وتابع مصطفى: "ثم توحد فصيلا الجبهة الثورية مرة أخرى قبل عشرة أشهر من الآن، لكن قيادتها لم تستفد من الدروس والعبر، إزاء التحديات والعقبات والانشقاقات المتتالية التي ضربت فصائلها بعد الانشقاق الأول للجبهة الثورية، وتوحدت على أجندة متناقضة متصارعة متنافرة، وعلى رأسها هنالك قوى ساعية لاستخدام الجبهة لتصفية حساباتها مع رفقاء الأمس، حيث عملت لاحتكار منبر التفاوض لجعل السلام جزئيا، مما دفع قوى أخرى للإصرار على فتح منبر التفاوض وإجراء إصلاحات دستورية وهيكلية في الجبهة الثورية لضم كل الثوار وجعلها تحالفا عريضا يعبر بالبلاد إلى رحاب السلام والديمقراطية والاستقرار، وهنا تقاطعت المصالح وتواترت ما بين الوطنية والذاتية فانقسمت الجبهة الثورية مجدد".

تجمع المهنيين والفوضى الخلاقة

وأشار مصطفى: "رغم احترامي لبعض قادتها الذين لم يركضوا خلف الأضواء ولم تساندهم بعض الدوائر، وتدفع بهم إلى الجماهير في عملية تلميعية صناعية واضحة، فهم لم يخططوا للثورة لكن وجدوها ماثلة أمامهم ووضعوا عربتهم أمام قاطرتها وقادوها بنجاح، بدعم مقدر من نافذين في الحكومة البائدة"، مضيفا: "عندما سقط النظام، سارعوا هم وحلفاؤهم في الحرية والتغيير لاحتكار مكتسبات الثورة ولأنهم كما أسلفت لم يخططوا للثورة، ما كان لهم استعداد ولا استراتيجية للتحالف والحكم، وبالتالي بديهي أن يتخبطوا في شكل التحالف والتنظيم والإدارة، ثم يعودوا إلى فصائلهم".

ولفت رئيس المركز العربي الأفريقي، إلى أن "ما جرى قد نعتبره نوع من الفوضى، التي قد تكون خلاقة فتستقر إلى تحالف استراتيجي هادف يقود الساحة السياسية بالبلاد إلى بر السلام والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، وإلا سنعود جميعا إلى عسكرة النظام مستسلمين وخانعين، وهنا سوف تكون الفوضى هدامة".

السلام ومرحلة الخطر

وقال منصور أرباب، رئيس حركة العدل والمساواة الجديدة: "الثورة السودانية منذ يوم نجاحها لم تتخطى مرحلة الخطر وتم اختطافها"، موضحًا: "الانشقاقات والخلافات المتوالية في منظومات القوى السياسية والثورية المسلحة هي التي أقعدت السودان منذ الاستقلال وإلى يومنا هذا".

وتابع رئيس العدل والمساواة: "الإقصاء يولد إقصاء مضادا، وعدم قبول الآخر يدمر بناء الأوطان والشعوب، وغياب الرؤية والبرنامج الوطني والانتهازية وحب الذات والجهل السياسي للساسة السودانيين أضر بالسياسة السودانية، وفشلت الدولة وأشعلت فيها خروقات أهلية لمدة تزيد عن 55 عاما".

وأضاف: "عقب انشقاقه عن الجبهة الثورية أصدرت الحركة الشعبية بيانا قالت فيه "ظلت الحركة الشعبية لتحرير السودان تراقب كل الانشقاقات التي ضربت وحدة قوى النضال الثورية عن كثب، خاصة تلك الانشقاقات العبثية القائمة على الخلافات الشخصية والمصلحية  والمناطقية، وكما ظلت تراقب حالة الإضطراب والاستقطاب التي شهدتها وتشهدها العملية التفاوضية، التي نتج عنها انقسام قوى الثورة ممثلة في الجبهة الثورية السودانية، بين قوى تهدف للتكسب والمحاصصة عبر احتكار العملية السلمية وأخرى ترى ضرورة فتح منبرها لتشمل كل قوى الثورة الحية".

وتابع البيان: "كذلك ظلت الحركة تعمل بجد ونكران ذات لوحدة قوى المقاومة المسلحة على نهج قائدها الملهم المفكر الدكتور جون قرنق ديمبيو، ذلك القائد الذي استطاع أن يوحد كل قوى المقاومة المسلحة انطلاقا من إقليم جنوب السودان، ومرورا بجبال النوبة والنيل الأزرق وشرق السودان وحتى أقصى الشمال والوسط تحت مظلة الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، ثم انتقل بها الى حيث وحدة المقاومة الشاملة متمثلة في التجمع الوطني الديمقراطي، مؤمنا بوحدانية الأزمة السودانية وتعدد مساراتها الثقافية والاقتصادية والدينية الموضوعية رافضا أي تشخيص جهوي أو إثني ضيق للأزمة وبذل جهدا مقدرا للمحافظة على وحدة قوى الكفاح المسلح"، قائلًا: "من أجلها تجاوز كل المرارات في التعامل مع منافسيه خصمائه فما انشقت منه مجموعة أو فردا إلا وسعى لاستعادته متبعا منهجا استراتيجيا مرنا في ذلك".

وأشار البيان إلى أن الحركة قررت "العمل مع القوى الثورية والسياسية الحية لتحقيق وحدة كل الحركات والأحزاب والتنظيمات السياسية والعسكرية المؤمنة بوحدة السودان والصادقة تجاه تحقيق دولة المواطنة المتساوية، والرفض التام لأي محاولة من أي قوى لاحتكار العملية السلمية لأن الأزمة تقتضي إشراك كل الثوار والسياسيين المعارضين في عملية الحل".

وأعلن مجلس الجبهة الثورية أنه يدرس تكوين جسم آخر للحرية والتغيير إلى حين توحد المؤسسين لقوي الحرية والتغيير علي أسس صحيحة بعد تحقيق السلام، بدلا من الهرولة نحو الغنائم، مضيفا: "علينا جميعا السعي لحل الضائقة المعيشية والسلام، ومكافحة جائحة الكورونا، وتوحيد قوى الثورة، لتصفية تمكين المؤتمر الوطني وإقامة دولة الوطن والمواطنة لا إقامة دولة جديدة للتمكين".

وتركز مفاوضات السلام السودانية في جوبا على 5 مسارات، هي: مسار إقليم دارفور (غرب)، ومسار ولايتي جنوب كردفان (جنوب) والنيل الأزرق (جنوب شرق)، ومسار شرقي السودان، ومسار شمالي السودان، ومسار وسط السودان.‎

وإحلال السلام في السودان هو أحد أبرز الملفات على طاولة حكومة عبد الله حمدوك، وهي أول حكومة في البلاد منذ أن عزلت قيادة الجيش، عمر البشير من منصب الرئيس، الذي ظل فيه منذ 1989 حتى تم عزله في 11 أبريل/ نيسان 2019، تحت وطأة احتجاجات شعبية بدأت أواخر 2018، تنديدا بتردي الأوضاع الاقتصادية، حيث أنه منذ 21 أغسطس/ آب الماضي، يشهد السودان، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، التي تقود الحراك الشعبي.

قد يهمك ايضـــًا :

"الجبهة الثورية السودانية" تُؤكِّد استعدادها لبناء الثقة الواردة في الوثيقة الدستورية

"الجبهة الثورية" السودانية تحدّد موقفها من مفاوضات السلام في مصر

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان بين سندان موروثات نظام عمر البشير وثورة التغيير السودان بين سندان موروثات نظام عمر البشير وثورة التغيير



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:45 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يطلق صواريخ من لبنان ويصيب 19 شخصًا في وسط إسرائيل
 العرب اليوم - حزب الله يطلق صواريخ من لبنان ويصيب 19 شخصًا في وسط إسرائيل

GMT 10:59 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها
 العرب اليوم - حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 13:29 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد فراج يكشف عن مشاركته في دراما رمضان المقبل 2025
 العرب اليوم - محمد فراج يكشف عن مشاركته في دراما رمضان المقبل 2025

GMT 04:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان
 العرب اليوم - غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان

GMT 03:26 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

بلينكن يطلب من إسرائيل السماح باستئناف التلقيح لأطفال غزة

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 17:43 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

كندة علوش تكشف عن طريقة خروجها من الكآبة

GMT 03:47 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش الاحتلال يعلن إسقاط طائرة مسيرة قادمة من لبنان

GMT 00:13 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرة مجهولة المصدر تسقط في الأراضي الأردنية

GMT 00:06 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية جديدة على النبطية في لبنان

GMT 02:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع حصيلة قتلى فيضانات إسبانيا إلى 158

GMT 03:40 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يتبرع بمليون يورو لضحايا إعصار دانا في إسبانيا

GMT 01:37 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب جزر الكوريل الجنوبية

GMT 03:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 08:15 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يكشف سبب حذف أغانيه

GMT 20:15 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتخاب محمود المشهداني رئيسا للبرلمان العراقي

GMT 00:00 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف الشريف يتحدث عن عقدته بسبب يوسف شاهين

GMT 07:57 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نتائج "مايكروسوفت" و"ميتا" تهبط بأسهم "ناسداك" 2.8%

GMT 12:23 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع عدد ضحايا فيضانات فالنسيا في شرق إسبانيا إلى 205
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab