الخرطوم ـ جمال إمام
طالبت المعارضة السودانية بإطلاق عشرات من قادتها الموقوفين، غداة إطلاق السلطات 80 من معتقلي الاحتجاجات على الغلاء التي نظمت مطلع كانون الثاني (يناير) الماضي، وتعهّد مساعد الرئيس عمر البشير، عبدالرحمن الصادق المهدي، إخلاء سبيل 60 موقوفاً آخرين فور اكتمال إجراءاتهم خلال يومين، حيث جاء ذلك بعد ثلاثة أيام على إبداء السفارة الأميركية في الخرطوم قلقها من “احتجاز الخرطوم مئات من القادة السياسيين والناشطين والمواطنين، واعتقالها عدداً كبيراً منهم في ظروف غير إنسانية ومهينة مع منع وصول محاميهم أو أسرهم إليهم”. كما طالبت سفارات دول الاتحاد الأوروبي في الخرطوم في نهاية كانون الثاني السلطات السودانية بإطلاق جميع الموقوفين.
وشمل قرار السلطات قادة كثيرين في “حزب الأمة” بزعامة الصادق المهدي بينهم أمينه العام سارة نقدالله واثنان من أعضائه هما فضل الله برمة ناصر وعروة الصادق، وكذلك ابنتا الرئيس السابق لحزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ، والصحافية أمل هباني والناشطة ناهد جبرالله، لكن قادة في الحزب الشيوعي والمؤتمر السوداني وصحافيين لا يزالون محتجزين، وكان عشرات من أفراد أسر المعتقلين احشدوا أمام سجن كوبر شمال الخرطوم بعد إعلان السلطات عزمها إطلاق معتقلين سياسيين. ومع ظهور أول معتقل خارج أبواب السجن علت الهتافات المناهضة للحكومة، وردد المتجمعون شعارات “حرية سلام وعدالة” و “الثورة خيار الشعب”، و “لا للغلاء”، فيما بدأت مجموعة من الأشخاص اعتصاماً أمام سجن مؤكدة إنها لن تبرح مكانها قبل إطلاق جميع السجناء السياسيين، أما عبدالرحمن الصادق المهدي، مساعد الرئيس، فأعتبر إطلاق المعتقلين “رسالة أولى من القيادة التي تحاول معالجة المرض وليس عرض الداء، وهو نقطة الخلاف السياسي التي تؤدي إلى الاحتجاجات والاعتقالات”، وأكد نية الحكومة الاتصال بكل الأطراف بلا تفرقة، وعملها لصيانة حقوق الإنسان وإزالة الاستقطاب السياسي لمصلحة دولة الوطن.
ورحّب فضل الله برمة ناصر بإطلاقه، وقال: “الخط القومي الوطني هو الحل الأمثل لقضايا الوطن، ونؤكد تمسكنا بالشرعية والدستور والقانون”. وأضاف: “الوطن في أزمة حقيقة لن تحل عبر حزب أو حزبين، بل تحتاج إلى جمع الصفوف، لذا نأمل في إطلاق جميع المعتقلين السياسيين تمهيداً لإجراء حوار شامل يؤدي إلى حلول سلمية لقضايا الوطن”، ووصف حزب الأمة إطلاق المعتقلين بأنه “إجراء إيجابي، لكن لا يمكن استبعاد محاولة النظام ممارسة عملية تخدير تمتص السخط الشعبي، بعدما زاد تعقيدات الأزمة السياسية والاقتصادية عبر سياسات فساد واستبداد، وتغييب أفاق الحل”، وكانت الولايات المتحدة رفعت في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي عقوبات استمرت 20 سنة على السودان، ما دفع صندوق النقد الدولي إلى حض هذه الدولة على تعويم عملتها بين إجراءات أخرى للمساعدة في إنعاش الاقتصاد.
ورفض السودان تعويم الجنيه، لكنه خفّض قيمته وموازنة دعم القمح في كانون الثاني، ما أدى إلى هبوط قيمة الجنيه في السوق السوداء وتسبب في زيادة أسعار الخبز إلى مثلين، ومهد لتنظيم تظاهرات، وأعلن نائب رئيس اللجنة البرلمانية للصحة صالح جمعة أن جنود من جيش دولة جنوب السودان قتلوا خلال الشهرين الماضيين 36 مواطناً بينهم 3 نساء في هجوم شنوه على مواطنين في مناطق قبيلة المسيرية جنوب بلدة كيلك وجنوب غربي بلدة الدبب بولاية غرب كردفان داخل أراضي السودان، كما سرقوا نحو 1300 رأس ماشية.
وناشد جمعة القوات السودانية بالاضطلاع بدروها في حماية المواطنين على الحدود مع دولة جنوب السودان، وأعلن متمردو “الحركة الشعبية ـ الشمال”، بقيادة مالك عقار، أن معركة نشبت منذ ثلاثة أيام بينهم وبين قوات فصيل “الحركة الشعبية” المنشق بقيادة عبدالعزيز الحلو، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، ومنذ آذار (مارس) 2017، تعرضت “الحركة الشعبية- الشمال” التي تقود منذ العام 2001 تمرداً في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، لانقسام حاد حولها إلى فصيلين بقيادة الحلو وعقار، ومهد لدخولهما مرات في مواجهات مسلحة بمنطقة النيل الأزرق، وأكد مبارك أردول، الناطق باسم الحركة- جناح عقار، أن قوة من مواقع فصيل الحلو في رأس الخور تحركت إلى مناطق يسيطر عليها فصيل عقار في بلدة تنفونا الذي نجحت قواته في تدمير دبابة من طراز “تي55” وسيارة محملة بمدفع رباعي وأخرى محملة بمدفع “دوشكا”، وقال إنّه “من المؤسف أن يأمر عبدالعزيز الحلو بعد توقيعه اتفاقاً لوقف الأعمال العدائية مع الخرطوم، أتباعه بتوجيه بنادقهم نحو رفاقهم السابقين في معركة خاسرة لا يكسب نصرها إلا نظام عمر البشير”.
أرسل تعليقك