بغدد ـ نهال قباني
التحق تيار «الحكمة الوطني» الذي يتزعمه عمار الحكيم، وله 19 مقعدا في البرلمان، وينضوي ضمن مظلة تحالف «الإصلاح» الذي يدعمه مقتدى الصدر، الأربعاء، بلائحة القوى «الشيعية» التي تركت لرئيس الوزراء المكلف عادل عبدالمهدي حرية اختيار الأشخاص المؤهلين لشغل المناصب الوزارية دون تدخُّل.
وسبق لمقتدى الصدر أن أعلن عن الموقف نفسه، ولحقه تحالف «الفتح» الذي يقوده هادي العامري، وما زالت تثار المزيد من الأسئلة والتكهنات بشأن إمكانية نجاح حكومة لا تشارك فيها الكتلة الأساسية الفائزة بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات («سائرون» 54 مقعداً، و«الفتح» 47 مقعداً)، في ظل نظام برلماني توافقي يشترط أن يكون لمكوناته السياسية تمثيل نسبي في الوزارة، وهو سياق حكم الحكومات العراقية منذ 2005. كما يشترط هذا النظام أن تكون الكتلة الأكبر، المسؤولة عن طرح رئيس للوزراء، داعمة له برلمانياً.
وحيال هذا التعقيد الذي تدركه أغلب القوى السياسية، فضلاً عن مجموعة المراقبين للشأن السياسي، تبرز وجهات نظرة مختلفة، بين مؤيدة وداعمة لفكرة التفويض وتتوقع نجاح الحكومة، وتمثل هذه الاتجاه القوى الشيعية الداعمة لعادل عبد المهدي، وبين وجهات نظر تتبناها قوى سياسية كردية وعربية سُنِّية، تذهب إلى ضرورة أن يكون للقوى البرلمانية الفائزة في الانتخابات تمثيلها الطبيعي في الكابينة الحكومية وفقاً لاستحقاقها الانتخابي، وضمن هذا السياق أيضاً يبرز اتجاه ثالث يرى أن حكومة عبد المهدي المقبلة ستكون «هجينة»، وسيتخلي عنها الداعمون بأول انعطافة سياسية.
ويرى الناطق باسم تحالف «سائرون» النائب حمد الله الركابي وهو يمثل التيار المتفائل بنجاح حكومة عبد المهدي المقبلة، أن «التفويض الذي منحه مقتدى الصدر لعبد المهدي نابع من رغبته في نجاح الحكومة الجديدة، بعد أن أخفقت جميع الحكومات السابقة التي خرجت من عباءة الأحزاب والكتل السياسية».
واعتبر الركابي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الانعطافات السياسية التي قد تحدث في الفترة المقبلة ستكشف بشكل واضح وحقيقي مَن يدعم عبد المهدي والمشروع السياسي الرامي إلى معالجة جميع الإخفاقات، ومن لا يدعمه». ويتفق القيادي في تيار «الحكمة الوطني» فادي الشمري على أن «الشعور بالمسؤولية والحرص على نجاح حكومة عبد المهدي المقبلة هو ما دعا بعض القوى، ومنها تيار (الحكمة)، إلى تفويض عبد المهدي في اختيار من يراه مناسباً لضمه إلى الوزارة».
ويؤكد الشمري في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «تفويض عبد المهدي في تشكيل الحكومة، يتضمن، أيضاً، التزاماً بدعم حكومته، من خلال وضع الغطاءات السياسية والبرلمانية للإصلاح ودعمها بقوة». وتوقع الشمري أن تحرز النجاح المطلوب لأنها «تملك الرصيد الشعبي المطلوب، وهناك علامات تفاؤل كثيرة في هذا الاتجاه، ونحن سندعمها بقوة لتحقيق برنامجها الانتخابي الذي تحدده بالشراكة مع الكتل الداعمة لها». ونفى الشمري ما يتردد عن أن القوى التي فوضت عبد المهدي «تتفاوض في السر» لمنحها مناصب وزراية في حكومته، إلا أن مصدراً مقرباً من حزب «الدعوة» يؤكد ذلك، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «أغلب الكتل تعلن عن تفويضها لعبد المهدي في العلن لإرضاء الجمهور، لكنها تتفاوض في السر للحصول على حصصها الوزارية». ويعتقد المصدر الذي يفضّل عدم الإشارة إلى اسمه أن «الحكومة المقبلة ستواجه تحديات كثيرة في الفترة المقبلة قد تؤدي إلى إطاحتها بفترة قياسية».
ويرى أن المفارقة التي أحدثتها عملية اختيار رئيس للوزراء من خارج الكتل السياسية تتمثل في أن «الكتل الكبيرة التي قدمته لرئيس الجمهورية، وهي (البناء) و(الإصلاح)، غير مستعدة للتنازل عن النقاط التي وفرتها لها المقاعد البرلمانية، وتطالب بحقها في الحكومة المقبلة، كما أنني أستبعد أن يتواصل دعمها لعبد المهدي في حال وقعت أزمات كبيرة».
وفي الاتجاه الثالث المرتاب في شأن إمكانية نجاح حكومة عبد المهدي المقبلة، يبرز مجموعة من الأكاديميين العراقيين، في مقدمتهم أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكوفة إياد العنبر الذي يرى أن «تكليف السيد عادل عبد المهدي بتشكيل الحكومة يعد من أهم المؤشرات على طبيعة النظام السياسي الهجين في العراق، لأنه جاء خلافاً للنصوص الدستورية التي تحدد وصف النظام السياسي العراق بالنظام البرلماني».
ويقول العنبر لـ«الشرق الأوسط» إنه «طبقاً للنظام البرلماني، فالكتلة النيابية الأكثر عدداً هي المسؤولة عن تشكيل الحكومة. بيد أن ترشيح عبد المهدي كان بالتوافق بين كتلتين». ورغم حسم الجدل المتعلق بالكتلة الأكثر عدداً، يضيف العنبر: «إلا أن ذلك ترك عبد المهدي من دون كتلة برلمانية داعمة له داخل قبة مجلس النواب، وتدافع عن برنامجه الحكومي».
وخلص العنبر إلى التكهُّن باحتمالية «سحب الغطاء الشرعي عن حكومة عبدالمهدي، بعد فترة وجيزة من تشكيلها، نظراً لأن التوافق على اختياره اتخذ طابعاً شخصياً بين مقتدى الصدر وهادي العامري».
أرسل تعليقك