بغداد ـ نهال قباني
أعلن مصدر سياسي مطلع في بغداد، أن الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة العراقية الجديدة عادل عبد المهدي، ينوي تقليص الفترة الزمنية الممنوحة له بموجب الدستور لتشكيل حكومته وعرضها أمام البرلمان العراقي لنيل الثقة. وقال المصدر لـ"الشرق الأوسط"، إن عبد المهدي وأعضاء فريق العمل الخاص به أعدوا العدة لأن يكون يوم الرابع والعشرين من الشهر الحالي هو اليوم الأخير لاكتمال التشكيلة الحكومية والذهاب بها إلى البرلمان، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء المكلّف بدأ بتسلم الأسماء من بعض الكتل على أن يستكمل تسلمها خلال الأيام القليلة المقبلة.
وسُئل المصدر هل يمكن أن يستفيد عبد المهدي أيضاً من المتقدمين لشغل الحقائب الوزارية عبر البوابة الإلكترونية التي فتحها من أجل تقديم طلبات بهذا الخصوص، فأجاب بأن رئيس الوزراء المكلّف «ضرب بهذه الخطوة عصفورين بحجر واحد. فقد مارس ضغوطاً على الكتل السياسية للإسراع في تقديم أسماء مرشحيها لئلا يضطر إلى الاختيار من الأسماء التي جاءت عبر النافذة الإلكترونية، كما أنه في الوقت ذاته يكون قد حصل على قاعدة معلومات ثمينة جداً لكفاءات في مختلف التخصصات يمكن الاستفادة منهم في مواقع مختلفة في المستقبل.
إلى ذلك، بدأ عبد المهدي برفع سقف مطالبه أمام الكتل السياسية التي حاول بعضها فرض شروط عليه، علما بأن كتلاً أخرى كانت قد منحته كامل الحرية في اختيار وزرائه. وقدّم عبد المهدي الذي زار مقر البرلمان العراقي أمس الأربعاء، مقترحاً أمام رئاسة البرلمان يقضي بفتح مكتب له داخل مبنى مجلس النواب. وقال بيان لمكتب عبد المهدي إن الأخير شدد خلال لقائه النائب الأول لرئيس مجلس النواب، حسن الكعبي، بحضور عدد من النواب، على أهمية التقارب بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، مشيراً إلى أن هناك قوانين تشرّع من مجلس الوزراء ويرسلها إلى مجلس شورى الدولة وتدرسها اللجان النيابية وقد تعيدها، ما يعرقل صدور القوانين. واقترح أن يكون لرئيس مجلس الوزراء مكتب داخل مجلس النواب وأن يكون هناك اجتماع دوري في البرلمان مع النواب للتنسيق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وشدد بيان مكتب عبد المهدي على خلق الانسجام والعمل المشترك بدءاً من تشريع القوانين والجلوس بين مجلس الوزراء واللجان المختصة لمجلس النواب لتشريع القوانين المهمة دون عرقلتها والإسراع في تشريعها دون الدخول في دوامة إرسالها وإرجاعها». كذلك طالب عبد المهدي بفتح المنطقة الخضراء المحصنة أمام المواطنين العراقيين". وكان سلفا عبد المهدي، نوري المالكي وحيدر العبادي، حاولا فتح المنطقة الخضراء أمام المواطنين ولكن واجهتهما ضغوط كبيرة، سواء من قبل السفارة الأميركية أو الكتل السياسية، لتخطي هذا الأمر.
من جهته، أكد النائب الأول لرئيس البرلمان حسن الكعبي، في بيان، أن "مجلس النواب سيكون داعماً أساسيا للحكومة الجديدة ما دامت في خدمة الشعب العراقي وعونه وتلبي احتياجاته الكاملة». وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد تنسيقاً عالياً بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لإنضاج القوانين والرؤى والقرارات التي تصب في خدمة المواطن».
إلى ذلك، نفت كتل سنية تقديمها مرشحيها لشغل الوزارات إلى رئيس الوزراء المكلف. وقال النائب عن كتلة "المحور الوطني السني" محمد الكربولي لـ"الشرق الأوسط": إن "السنة لم يقدموا بعد أي مرشح لهم لشغل أي منصب وزاري إلى الدكتور عادل عبد المهدي"، مبيّناً أن اجتماعنا معه سيكون في غضون يوم أو يومين ومن بعدها نتفق على آليات الترشيح للمناصب الوزارية". ورداً على سؤال عما إذا كانت لدى كتلة "المحور الوطني" أسماء معينة لشغل الحقائب الوزارية، قال الكربولي: "نعم لدينا أسماء تكنوقراط لشغل الحقائب الوزارية، ونحن داعمون لرئيس الوزراء المكلّف لأننا نريد أن تنجح هذه الحكومة حيث نحن أبناء المناطق المحررة والتي لا تزال تعاني الأمرين جراء احتلال داعش، لنا مصلحة كبيرة جداً في نجاح الحكومة الجديدة".
وفي السياق نفسه، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد خالد عبد الإله في تصريح لـ"الشرق الأوسط" أن "الخطوات التي أقدم عليها عبد المهدي سواء في ما يتعلق بفتح مكتب له داخل البرلمان أو فتح المنطقة الخضراء إنما هي خطوات مهمة على صعيد التقرب إلى الناس بسبب وجود هوة واسعة بين المواطن والمسؤول طوال السنوات الماضية سواء على مستوى التشريعات أو الرقابة أو التنفيذ. ورأى أن رئيس الوزراء المكلف يريد أن يقدم رسالة اطمئنان للناس أنه جاد في معالجة هذا الخلل بين المواطنين وبقية المسؤولين وذلك عبر تأسيس نقاط ثقة مع الناس، كما أنه يسعى إلى التعاون الحقيقي ومأسسة الدولة على أسس عملية صحيحة. وأشار عبد الإله إلى أن مسألة المنطقة الخضراء لا بد أن تعالج لأنها بمثابة هوة كبيرة بين العراقيين وكبار المسؤولين، ولذلك لا بد من اتخاذ قرار بذلك بصرف النظر عن المعترضين وأياً كانت المبررات.
وبشأن المواقع الوزارية والأمنية، قال عبد الإله إن «عبد المهدي لا يريد أن تفرض عليه شروط لأنه بالأساس ليس متمسكاً بالمنصب لأنه جاء من خارج المعادلة الانتخابية وبالتالي لا يخسر شيئاً في حال غادر منصبه، بل يريد أن يضع هو الشروط، ومنها ألا تكون المواقع الأمنية خاضعة لإملاءات الكتل السياسية وشروطها».
أرسل تعليقك