طرابلس ـ فاطمة ـ السعداوي
صعّدت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا مِن نبرتها الحادّة تجاه الميليشيات المسلحة المتصارعة في العاصمة طرابلس، ووجّهت للمرة الأولى اتهاما علنيا ونادرا لحكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فائز السراج بالتواطؤ عبر وزارة داخليتها مع هذه الميليشيات، في وقت اتهمت إيطاليا فرنسا بـ"ممارسة سياسة غطرسة في ليبيا".
وأعربت البعثة في بيان مفاجئ أصدرته في وقت متقدم الأحد، في تطور سياسي لافت، عن إدانتها الشديدة لما وصفته بأعمال العنف والتخويف وعرقلة عمل المؤسسات السيادية الليبية من قِبل رجال الميليشيات، مشيرة إلى أن أفراد الكتائب العاملة اسميا تحت إشراف وزارة الداخلية في حكومة السراج، يهاجمون المؤسسات السيادية ويمنعونها من أداء عملها بشكل فعال.
ولم تحدد البعثة في بيانها أي أسماء، ولم تذكر هُوية الميليشيات التي اتهمتها بالتدخل في إدارة شؤون البلاد، لكنها اعتبرت في المقابل أن "التدخل في عمل المؤسسات السيادية وفي الثروة الوطنية الليبية أمر خطير ويجب أن يتوقف على الفور"، ودعت حكومة السراج إلى "اتخاذ الخطوات اللازمة لمقاضاة المسؤولين عن هذه الأعمال الإجرامية". وأضافت أن "الأمم المتحدة ستقدّم تقريرا بهذا الشأن إلى المجتمع الدولي، وستعمل مع جميع السلطات المختصة للتحقيق في إمكانية فرض عقوبات ضد أولئك الذين يتدخلون أو يهددون العمليات التي تضطلع بها أي مؤسسة سيادية تعمل لصالح ليبيا والشعب الليبي".
كانت البعثة الأممية أكدت خلال اليومين الماضيين دعمها لاستقلالية المؤسسة الليبية الوطنية للنفط، التي كشفت أخيرا عن تعرض عدد من موظفيها للاختطاف من مقار أعمالهم بقوة السلاح من قبل مجموعات مسلحة، كما تعرّضت المؤسسة الليبية للاستثمار (الصندوق السيادي الليبي) إلى تهديدات وعمليات اختطاف طال بعض مسؤوليها في الأسابيع الماضية من قبل مجموعات مسلحة يعتقد بأنها تعمل اسميا تحت إشراف وزارة الداخلية.
والتزمت حكومة السراج حتى الآن الصمت حيال هذه المعلومات، لكنها عبّرت عن رفضها الإثنين، التدخل الدولي بأحكام الإعدام الصادرة بحق 45 مدانا في قضية قتل متظاهرين مناهضين للعقيد معمر القذافي خلال الثورة التي أطاحت نظامه عام 2011.
ودعت وزارة العدل في حكومة الوفاق المنظمات والبعثات الدولية إلى النأي بنفسها عن التدخل في الشؤون السيادية الليبية، وعلى رأسها القضاء، و"حق الليبيين في وضع التشريعات العادلة"، مشيرة بذلك إلى ردود الفعل الصادرة ضد الأحكام في ما يُعرف بـ"قضية الطريق السريع" في ضاحية أبوسليم في العاصمة الليبية، وكانت محكمة استئناف طرابلس حكمت، الأربعاء الماضي، بإعدام 45 شخصامن المتهمين في هذه القضية وعددهم 128 شخصا.
واتهمت الحكومة الإيطالية فرنسا بممارسة ما وصفتها بـ"سياسة متغطرسة لمستعمرين"، إذ شن وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني، انتقادات لاذعة وحادة ضد سياسة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تجاه ليبيا.
أرسل تعليقك